الحكومة «الإسرائيلية» تتجه نحو الحائط بسرعة كبيرة وصوت المعارضة غائب وغير مسموع
كتب آلون بن ديفيد في صحيفة «معاريف» العبرية:
هذا الصيف اقترب منّا قليلاً وبهدوء، لكن في الاسبوع الأخير ضربت حرارة تموز آب بكل قوتها. «إسرائيل» بدت في هذا الاسبوع بحاجة إلى شخص مسؤول وبالغ ليقودها ويحقق النظام. نتنياهو كان في الحملة الانتخابية الاخيرة مثابة المُربّي الذي يسيطر على مجموعة المجانين، إذ وزّع الكبريت والوقود على الأولاد، ووقف يشاهد اللهب الذي ارتفع عالياً.
بحسب كل الاشارات، فإنّ هذه الحكومة ستتجاوز كل التوقعات منتقديها السيئة، وستؤدّي بنا إلى الهاوية مع بتسلئيل سموتريتش وأورن حزان بجانب المقود مع وزير التربية والتعليم الذي جاء ليزيد من غضب الشباب على السطح، ووزيرة العدل التي تتصرّف كمن يحفر الحفر هذه الحكومة تسير بسرعة 200 كيلومتر في الساعة نحو الحائط، لكن أعضاءها لا ينسون جمع «اللايكات» في الطريق.
لم تفارق الابتسامة وجه رئيس الحكومة وهو يشاهد من الجانب من يهدمون أساس النظام والمجتمع عندنا. إن إبداء موقف أخلاقي ومبدئي لن يخدم حملته المتواصلة. يمكن أنه يستمتع بمشاهدة أطفال حضانة «محمد خنزير» وهم يحاولون كل يوم إشعال الحرم، في وقتٍ يستمر بعزف الاغنية الوحيدة التي يعرفها… «إيران».
شركاؤه في «البيت اليهودي» و«البيت الحريدي» يركبون فوقه ويمتصّون كل ما يمكن إخراجه من المملكة لمصلحة ناخبيهم. وشركاؤه في الوسط كذلك. وزير المالية الذي زعم أنه روبن هود للطبقة الوسطى ملزم أن يسجّل بِاسمه خطة إصلاح أخرى يقدّمها في الانتخابات المقبلة، وهذا لا يبقي لديه الوقت لإسماع موقف مبدئيّ في أمور هامشية مثل سلطة القانون في مواجهة من يكفرون بسلطة الدولة.
الأكثر غرابة ما يسمّى معارضة، والصمت الذي صدر من مقاعدها هذا الاسبوع. أُرسِل الجيش «الإسرائيلي» وحرس الحدود لتلقي التهجمات والإهانات من جماعة يقف على رأسها وزراء في الحكومة وأعضاء من «الكنيست». لم يعد أحد يتوقع من رئيس الحكومة أن يدعم من يرسله إلى المهام القذرة. لكن رئيسا المعارضة يتسحاك هرتزوغ ويائير لابيد لم يكونا هناك. يمكن أنهما بقيا وقتاً أطول في محاضرات 9 آب حول الكراهية من أجل الكراهية.
ماذا بقي لنا؟ موشيه يعالون، العنصر العقلاني الأخير في هذه الحكومة، هو البطل التراجيدي لهذا الأسبوع. فقد فعل كلّ شيء من أجل إرضاء المستوطنين والإبقاء على بيوت دراينوف، وفي الوقت نفسه اعتبر الشخص السيئ، اليساري الخائن لـ«المعسكر القومي» لأنه صمّم على الانصياع للقانون.
يعالون ليس يمينياً معتدلاً أو ليّنا، إنما هو بعيد عن ذلك. لكن بقي لديه التزام للفكرة الديمقراطية مدمجة مع تصميم مقاتل قام بحرث الارض في العربة. وبخلاف كل اصدقائه في الائتلاف، فإن لديه سجّلاً من العمل، وهو لا يهتم بعدد «اللايكات» من الصباح حتى المساء، ويحرص على سماع الصوت المبدئي: من المبادرة الغبية حول واجب القضاة لنشيد «هتكفاه» وحتى التضامن مع قرار محكمة العدل العليا الأميركية في ما يتعلق بزواج المثليين.
في الاحتفالات الوطنية، أصبح يعالون ممثل الحكومة الوحيد الذي يتذكر أننا لسنا دولة يهودية فقط، إنما ديمقراطية إيضاً. هذا التصميم يثير ضدّه جمهوره الذي يلوّث الشبكات الاجتماعية.
ماذا يوجد بين هذا الديمقراطي وهذه الحكومة غير الديمقراطية؟ هل يشعر وكأنه في البيت مع ينون مغين ويارون مزوز؟ مع زئيف الكين وموتي يوغف؟ أستطيع الرهان على أنه لا. هذه الحكومة بعيدة سنوات ضوئية عن المبادئ التي تربّى عليها في مدرسة «كريات حاييم» وفي «نواة الناحل» التي ذهبت لإعمار العربة.
ما الذي يفعله هناك؟ قد يكون يريد الحائط الذي نسرع نحوه، وهو يعتقد أنه سيقف على قدميه بعد هذا التصادم.
يستطيع جيراننا الفلسطينيون أن يفركوا أيديهم والرجوع إلى الوراء. «إسرائيل» تشقّ بأيديها طريق المقاطعة والعزلة الدولية. أبو مازن الذي تجاوز الثمانين من عمره وأعلن للمرّة الألف عن اعتزاله، يرى في كل يهودي يذهب إلى الحرم لإلقاء الكبريت، يُقرّب له هدفه. لا حاجة إلى الإرهاب ولا حماس أعط اليهود وهم سيقومون بالمهمة.
الفلسطينيون يرون كيف نقوم بأيدينا بتفكيك الدعامة الاستراتيجية لشراكتنا مع الولايات المتحدة، ويشاهدون كيف أن أوروبا تعتبرنا دولة فقدت طريقها، وهي تبتعد عنا، ويترجمون ويقرأون كل المقالات الشيطانية والسامة ضد الجيش «الإسرائيلي» ومن يخدمون فيه، في الصحف «الإسرائيلية» بعد تقرير لوكر، ويفهمون أن اليوم الذي لن يدافع فيه أحد عن هذا الشعب صار قريباً.
التقيت هذا الاسبوع أشخاصاً من فتح وحماس في الخليل ومحيطها. وتحدّثوا بصوت واحد عن حل الدولة الواحدة، ثنائية القومية، للصراع بيننا وبينهم. والسخرية أن «الإسرائيليين» الذين يعتبرون أنفسهم صهاينة اليوم، هم من يُنشِئون الوقائع على الأرض التي ستمنع الانفصال وتتسبب في تحقيق الدولة ثنائية القومية.
إيران تنظر من بعيد كيف ننهار، وهي ترى كيف أن رئيس دولتنا يجد صعوبة في حسم موازنة الأمن، وتفهم أن هذا الشخص، بغضّ النظر عن لغته الانكليزية، لن يستطيع مهاجمة إيران، على رغم أن الاتفاق معها يمنحه عقداً للاستعداد جيداً لهذا الهجوم.
ومثل المرآة، كان هذا الاسبوع مثل قول النبي يشعياهو الذي قرأناه في «السبت الاخير»، «سبت الحلم»: «وزراؤك سارقون، يحبون الرشوة والمال». وإذا كان بيننا زعيم، فليظهر فوراً. وإن لم يكن، فليُنزل هنا القليل من الأمطار على الأقل».