النصر القومي: سورية المقاومة تنتصر لأسدها بـ10 ملايين صوت
كتب المحرر السياسي
بين استحقاق رئاسي متعثر في لبنان لم يسعف فيه المنجمون اللبنانيين لفك الرموز وفهم الرسالة التي أراد وزير الخارجية الأميركي إرسالها عبر زيارته المفاجئة للبنان، واستحقاق رئاسي سوري خرج برئيس يتحدى القرار الأميركي القائم على مقاطعته وإعلان الحرب عليه وتجاهل إرادة شعبه، فخرج مدعوماً بهذا الشعب ربما ليفسّر بتوقيت نصره وحده توقيت زيارة كيري، في محاولة مفتعلة لاحتلال عناوين الإعلام اللبناني صحافة وتلفزة بخبر يبعد خبر النصر السوري عن المكانة الأولى.
كيري لم يبدُ مدركاً أنّ الفراغ الرئاسي في لبنان في رئاسة الجمهورية وليس في رئاسة المجلس النيابي، عندما تحدث عن حاجة لبنان إلى رئاسة قوية في البرلمان، وراح منظرو الرابع عشر من آذار يفسّرون ذلك بالغمز من قناة الرئيس نبيه بري، والضغط عليه عبر التلويح بضرورة تغييره ما لم ينجح في إدارة الاستحقاق الرئاسي، متناسين أن كتلة الرئيس بري تحضر كلّ الجلسات التي يدعو إليها، والكتلة التي تقاطع الجلسات هي كتلة العماد ميشال عون وكتلة حزب الله الذي استنجد به كيري للمساعدة في حلّ سياسي للأزمة السورية، ليبدو أنّ التشتّت الذهني وقلة الفهم قد ورّطا كيري بكلام خارج السياق، لكن المنبهرين بالعبقرية الأميركية يصعب عليهم تصديق أنّ وزير الخارجية الأميركي يرتكب غلطة غباء وعدم فهم، بمثل ما لا يقدرون على تصديق أنّ أمين عام الأمم المتحدة بان كي مون عندما زار لبنان بعد عدوان 2006 وقف على شرفة فندق فينيسيا، وقال لمرافقه الشخصي وكان من ضباط الحرس الجمهوري، إنّ المحيط الأطلسي يبدو جميلاً من بيروت ليصحّح له الضابط أنّ بيروت على شاطئ البحر المتوسط وليس الأطلسي.
كيري ولو احتل بزيارته وكلامه الحيّز الذي يريده من اهتمام الإعلام اللبناني، الذي يعتبره شرفة الإطلالة على الحدث السوري عالمياً، فالحدث كان أكبر من أن تخفيه الألعاب البهلوانية، وبقيَ النصر السوري مدوّياً.
سورية تنتصر هذه هي الحقيقة الصارخة، وسورية تنتصر بعشرة ملايين صوت تشكل 66 في المئة من القوة الناخبة السورية، لو انتخب السوريون كلهم موالين ومعارضين، ولو صوت ضدّه كلّ الذين مُنعوا من المشاركة في الانتخابات، وستصير النسبة 75 في المئة على الأقلّ لو تقاسم الرئيس الأسد ما تبقّى من غير المشاركين، مع أيّ منافس يمثل المعارضة.
سورية تنتصر لخيارها الاستقلالي بأسدها المقاوم، فيما حلف الحرب عليها لا يملك إلا مناورة استعار لها اسمها من اسمه فأسماها «الأسد المتأهب»، وسورية المنتصرة بأسدها تمنحه تفويضاً لولاية من سبع سنوات لمواصلة الحرب من دون شروط، وما يعنيه التفويض الدستوري الجديد من جاهزية التعامل مع كلّ الدول المتورّطة في الحرب بما يستحق وما يناسب.
تنشيط الحَراك الداخلي
في موازاة هذه الأجواء، تحرّكت الاتصالات الداخلية في الساعات الماضية على وقع الأزمة التي بدأت تظهر بوادرها في إدارة عمل الحكومة، وتعطيل الجلسات التشريعية لمجلس النواب، ما دفع رئيس مجلس النواب نبيه بري إلى التحذير من سلوك «المقاطعجية» وتهديده بقول ما لم يقله في السابق، وكذلك إعلان رئيس الحكومة تمام سلام عن تسمية الأمور بأسمائها حيال محاولات تعطيل السلطة التنفيذية. وكان بارزاً وسط ذلك زيارة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون إلى عين التينة ولقائه الرئيس بري وقوله: «إنه من الممكن حضور الجلسة التشريعية التي ستبحث في ملف سلسلة الرتب والرواتب يوم الثلاثاء المقبل».
كيري في بيروت: تدخّل سافر في الشأن اللبناني
وتوقفت الأوساط المراقبة عند زيارة وزير الخارجية الأميركي جون كيري إلى بيروت أمس، وإنْ كانت مقرّرة سابقاً، خصوصاً في ظلّ المواقف التي أعلنها بعد لقائه رئيس الحكومة تمام سلام، والتي عبّرت عن تدخّل سافر للإدارة الأميركية في الشؤون اللبنانية من خلال دعوته «إلى انتخاب رئيس قوي وقيام حكومة بعيدة عن التدخّل الأجنبي ورئيس للبرلمان يستجيب لحاجات الشعب اللبناني». وتساءلت مصادر مواكبة: «كيف يجمع كيري بين ادعاءاته بعدم التدخّل في الشأن اللبناني وبين وضعه روزنامة لعمل المؤسسات الدستورية»؟ لكن المصادر لاحظت أن مضمون الزيارة لا يحمل جديداً، وهي تستهدف توجيه رسائل بأن إدارته حاضرة في الوضع اللبناني، وفي الوقت ذاته محاولة إعطاء «جرعة دعم» لحلفاء أميركا في لبنان.
وقد التقى كيري في زيارته التي استمرت بضع ساعات كلاً من الرئيسين سلام وبري والبطريرك الراعي.
تخدير للراعي وتهويل على بري
وأكدت مصادر مطلعة على مسار جولة كيري لـ«البناء» أنّ الزيارة «تحمل تعويماً للموقع السني في الدولة على حساب الموقع الماروني الشاغر». وأشارت إلى «أن زيارة البطريرك الراعي تأتي في سياق الشغور الحاصل في رئاسة الجمهورية، وتهدف إلى تخدير البطريرك الراعي في منطق الفراغ الرئاسي من جهة، وتقديم الدعم المعنوي له بعد زيارته إلى الأراضي المحتلة من خلال إظهار أنّ أميركا محتضنة له من جهة أخرى».
ورأت المصادر «أنّ قول كيري إنّ بلاده تريد رئيساً للبرلمان يستجيب إلى حاجات الشعب اللبناني، هو تصريح خارج السياق، وقد فاجأ الجميع، فطرح موضوع المجلس بحدّ ذاته ضرب من ضروب التهويل على الرئيس بري لكي يدير جلسات انتخاب الرئيس بما يستجيب للإملاءات الاميركية.
أوساط عين التينة
وأشارت أوساط عين التينة، إلى أنّ الوزير الأميركي أعاد التوضيح أمام الرئيس بري أنّ بلاده ليس لديها أي مرشّح وهي تدعم الاستقرار، وهي لا تضع «فيتو» على أي مرشح لرئاسة الجمهورية، وأن هذا الاستحقاق هو استحقاق لبناني بعكس ما جرى فهمه من مؤتمره الصحافي في السراي الحكومي، مضيفة أنّ كيري لم يحمل أي أفكار جديدة.
وأوضحت الأوساط أنّ الرئيس بري ركّز خلال اللقاء على نقطتين أساسيتين بأن لا بديل عن الحلّ السياسي في سورية، وأنّ جوهر ما يجري في المنطقة هو القضية الفلسطينية التي لا مناص من الوصول إلى حلول عادلة لها.
أوساط المصيطبة
إلى ذلك، أشارت أوساط المصيطبة إلى أنّ ما قاله الوزير كيري أمام رئيس الحكومة أعلن ما يزيد عنه في المؤتمر الصحافي الذي عقده في السراي. وأوضحت أنّ النقاش الأوسع تركّز على موضوع النازحين السوريين، وضرورة مساهمة الدول المانحة في مساعدة لبنان لإيوائهم. ولفتت إلى أن الوزير الأميركي لم يتحدث عن اسم معيّن لرئاسة الجمهورية وهو تناول الموضوع بشكل عام.
… وقاحة كيري
وكان كيري اختصر مواقفه خلال زيارته إلى بيروت بالمؤتمر الصحافي الذي عقده في السراي الحكومي قائلاً: «نريد حكومة تكون بعيدة عن التدخّل الأجنبي، ورئيساً قوياً جداً ورئيساً للبرلمان يستجيب لحاجات الشعب اللبناني»!. ولفت إلى أنه «لا يعود للولايات المتحدة تقديم أي طرح حول انتخاب رئيس للبنان وليس لدينا أي مرشح، ولا نريد أن نقوم بهذا الأمر، ولا بد من ملء الفراغ وانتخاب رئيس قوي بأسرع وقت.
وتناول كيري الوضع في سورية وقضية النازحين معلناً «تقديم مبلغ لمساعدة النازحين في لبنان لا يلبي حاجات أعداد قليلة منهم وهو 51 مليون دولار من أصل 290 مليون للنازحين داخل سورية والدول المجاورة».
وطلب كيري «مساعدة روسيا وإيران وحزب الله للخوض في حلّ الأزمة السورية، كما لم ينس الإعلان من السراي عن «أن إسرائيل حليفة وصديقة لبلاده»!
سورية مقاومة وصامدة
في غضون ذلك، أكد السفير الروسي الكسندر زاسيبكين في حديث إلى «البناء» «أنّ هناك تشابهاً بين الأحداث في سورية والأحداث في أوكرانيا، لكن الذي يختلف أنّ النظام الحاكم في سورية صامد ومقاوم، فقوى المعارضة المسلحة والمقاتلون الأجانب المنتمون إلى الأطراف الخارجية لم يتمكنوا من إسقاط النظام، بيد أنّ النظام في أوكرانيا قد سقط.
ورفض السفير الروسي الحديث عن مقايضة بين الاعتراف بالرئيس السوري وبين الاعتراف بالرئيس الأوكراني. قائلاً: «الأسد منذ البداية وإلى الآن هو رئيس شرعي، أما في أوكرانيا فالانتخابات محاولة لإعطاء شرعية لوضع غير شرعي».
وشدّد على أنّ الزحف الجماهيري للمشاركة في الاستحقاق الرئاسي في سورية يؤكد التلاحم والالتفاف حول الرئيس الأسد، فالشعب السوري يريد الاستقرار ووقف الحرب، ولن يسمح بوصول القوى المتطرفة التي كانت تمارس الانتهاكات في المناطق السورية لجهة الذبح والقتل، إلى السلطة، فعلى رغم الموقف الغربي الذي أكد ضرورة تنحّي الأسد والذي لا يخدم ولن يخدم الحلّ السلمي في سورية، فان الالتفاف السوري حول الأسد كان واضحاً في الانتخابات الرئاسية التي أجريت.
وقال: عندما طرحنا مع الأميركيين والدول الغربية والمشاركين في عملية جنيف، ضرورة الحلّ السياسي كان هناك توافق حول هذا السيناريو. وكنا نعتقد أننا من الممكن أن نستمرّ بذلك عبر جنيف 3 و4 و5، إلا أنّ الغرب فتح جبهة جديدة في أوكرانيا وأصبحت المشكلة أصعب. ومنذ تلك الفترة لم تعد هناك اتصالات جدية حول الحلّ السياسي في سورية، على رغم أننا نريد تعيين مبعوث جديد لسورية خلفاً للأخضر الابراهيمي، ونريد تحديد موعد جديد لجنيف 3.
ويأمل أن تعطي الانتخابات الرئاسية السورية دافعاً جديداً لجهود الحلّ السياسي، فنحن نرحّب بالتوافق بين السوريين أنفسهم، وهناك تجربة المصالحات الداخلية، ونحن سنواصل النهج نفسه الذي اعتمدناه في بيان جنيف. تفاصيل الحديث ص3
عون في عين التينة
في هذه الأثناء، حط رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في عين التينة في زيارة كان عرابها النائب السابق لرئيس مجلس النواب ايلي الفرزلي الذي زار الرئيس نبيه بري أول من أمس. وشكلت الزيارة وفق مصادر نيابية في التغيير والإصلاح دحضاً لمحاولات البعض اللعب على التناقضات بين الرئيس بري والعماد عون، مؤكدة أن العماد عون بات المرجعية المسيحية الأقوى والوحيدة من بعد إقدام البطريرك بشارة الراعي على زيارة الأراضي المحتلة.
الزيارة لتسيير عمل المؤسسات
وأكد الفرزلي لـ«البناء» أن الزيارة تأتي في إطار معالجة كيفية تسيير عمل المؤسسات الاشتراعية والتنفيذية على قاعدة الأولويات مع التأكيد على ضرورة انتاج رئيس جمهورية في أسرع وقت ممكن.
الأسبوع المقبل سيأتي بحلّ
وعلمت «البناء» من مصادر نيابية أنّ الرئيس بري سيجري المزيد من الاتصالات في الأيام المقبلة مع الكتل السياسية لإنضاج الأمور قبل جلسة الثلاثاء لإقرار سلسلة الرتب والرواتب. وكان العماد عون أعلن أن موضوع المشاركة في الجلسات النيابية لا يزال قيد البحث ولن نعلن عن أي خطوة قبل مناقشتها مع الحلفاء، ومن الأكيد أن الأسبوع المقبل سيأتي بحل».
محاولات لحلحلة الاستحقاقات الداهمة
أما في الشأن الداخلي، فعلى رغم تحرّك الاتصالات بين القيادات المعنية، فالأمور المتصلة بالاستحقاقات الداهمة لا تزال بحاجة إلى كثير من التواصل سعياً للوصول إلى مقاربات تُفضي إلى حلّ أزمة سلسلة الرتب والرواتب وتعثّر العمل الحكومي. وأضافت: «أما في ما يتعلّق بالاستحقاق الرئاسي فالأجواء لا تزال ضبابية ما يعني أن جلسة الاثنين المقبل المخصّصة لانتخاب رئيس للجمهورية لن تكون حتى الآن أفضل حالاً من الجلسات السابقة».
سلام يهدّد بتسمية المعطلين
وأمس، قال رئيس الحكومة تمام سلام: «إنه إذا استمر التشنّج وأدى إلى نوع من الشلل على عمل السلطة التنفيذية، فإنه سيسمّي الأشياء بأسمائها وسيتحمّل كل مسؤوليته، ونقل رئيس المجلس الوطني للإعلام عبد الهادي محفوظ عنه قوله إنه «سوف يقول من الذي يعطل ومن الذي يؤدي إلى مثل هذا الشلل».
إضراب عام و شامل يومي 9 و10 حزيران
ومطلبياً، أكدت هيئة التنسيق النقابية، في اعتصامها أمام مبنى الـTVA، أنّ 10 حزيران سيكون نهاية مسلسل سلسلة الرتب والرواتب. ودعت إلى اضراب عام وشامل في الوزارات والإدارات والمؤسسات العامة والبلديات وفي السراي الحكومي في المحافظات والأقضية يومي 9 و10 حزيران على كامل الأراضي اللبنانية.