حسابات أردوغان الخاسرة من سورية إلى الداخل التركي
توفيق المحمود
يبدو أن الضبابية التي كانت تلفّ المخاض الحكومي التركي بدأت بالتلاشي، واتُجه نحو تشكيل الأطراف السياسية ائتلافاً بين «العدالة والتنمية» و«الحركة القومية» للتحضير لانتخابات مبكرة بعدما أعلن حزب «الحركة القومية» دعم حكومة أقلية تكون مهمتها الإعداد لهذا الاستحقاق، هذه المعطيات بدأت تشير إلى فشل تشكيل حكومة ائتلافية وبخاصة في ظل الحملة العسكرية التي يقودها الرئيس التركي رجب طيب أردوغان المتواصلة منذ إعلان الحرب على تنظيم «داعش» الإرهابي بعد التفجير الذي وقع في مدينة سوروج وطبعاً هذا علني، إنما هذه الحرب أعلنت على حزب العمال الكردستاني لضربه وبخاصة بعد تحقيق الأكراد نجاحاً كبيراً بالانتخابات وحصولها على 13 في المئة من الأصوات.
يتزامن هذا مع انتهاء مشاورات تشكيل الحكومة بين حزب «العدالة والتنمية» وحزب «الشعب الجمهوري» من دون التوصل إلى نتيجة. وقال نائب رئيس حزب «الحركة القومية» سميح يالشين إن حزبه يدعم «العدالة والتنمية» من أجل تشكيل حكومة أقلية للإعداد لانتخابات مبكرة، مؤكداً في الوقت نفسه أنه لا يدعم تشكيل حكومة أقلية دائمة، فموقف «الحركة القومية» ينسجم مع الأجواء الداخلية المتنامية في تركيا إذ عادت لغة استعداء الأكراد إلى الواجهة من جديد، على رغم فوز حزب «الشعوب الديموقراطي» بـ80 مقعداً في البرلمان للمرة الأولى في تاريخ الجمهورية التركية، اما الدعوة إلى انتخابات مبكرة ستكون المسمار الأخير الذي يُدق في نعش أردوغان وبخاصة في ظل تراجع شعبية حزبه، فقد أظهر استطلاع للرأي اجرته شركة «جزيجي» للأبحاث في 26 و27 تموز الماضي، وشمل 36 ولاية و189 منطقة يرى فيه 57 في المئة أن العائق الأكبر أمام تشكيل حكومة ائتلافية هو أردوغان، والغالبية تتوقع ان نتائج انتخابات برلمانية مبكرة ستكون 42.9 في المئة لـ«العدالة والتنمية» و26.3 في المئة لـ«الشعب الجمهوري»، و15.3 في المئة لـ«الحركة القومية»، و12.3 في المئة لـ«الشعوب الديمقراطي» وبالنسبة للوضع الكردي يرى 89.2 في المئة أن «العدالة والتنمية» فشل في مسيرة السلام الداخلي مع الأكراد.
وبالتزامن أعلنت إيران عن مبادرة جديدة لحل الأزمة السورية التي جرى تقديمها والتشاور فيها مع تركيا وقطر ومصر ودول أخرى أعضاء في الأمم المتحدة في محاولة جديدة تستثمر الدفع الإقليمي والدولي الناجم عن اجماع متمثل بخطر تنظيم «داعش» والمجموعات الارهابية التكفيرية الأخرى، هذه المبادرة التي يبدو أنها حظيت برضا الجميع وعلى رأسهم تركيا التي ترى أن هذا الخطر بدأ يهدد أمنها ويمكن ان يفجر وضعها الداخلي وبخاصة أن هذه المبادرة بالاسم إيرانية لكنها تحت إشراف روسي وبخاصة بعد الاجتماع الثلاثي الذي حصل في قطر بين روسيا وأميركا والسعودية والت أكدت فيه ضرورة مكافحة خطر «داعش» وحل الازمتين السورية واليمنية.
من جانب آخر، أعلن وزير الطاقة التركي أنه تم التوصل إلى اتفاق مع روسيا لتخفيض أسعار الغاز الذي تصدره إلى تركيا بنسبة 10.25 في المئة اعتباراً من 1 كانون الثاني 2016، وهذا التخفيض يقابل مليار دولار تقريباً لتركيا فهل يكون توقيع عقود الغاز مع روسيا محاولة من موسكو لإنقاذ أنقرة من بوابة الاقتصاد كترجمة لتوافقات اميركية روسية لحل جميع الأزمات التي تعصف بالمنطقة، تبقى الأجوبة مرهونة في الأيام المقبلة.