الخطة الأمنية في طرابلس والبقاع تنفذ خلال 48 ساعة صقر يصدر استنابات قضائية في حق أكثر من 200 شخص
في ظل حالة الهدوء النسبي التي تعيشها البلاد على الصعيد الأمني، تنتظر مدينة طرابلس وقرى وبلدات البقاع الشمالي، البدء بتنفيذ الخطة الأمنية التي أقرت على طاولة مجلس الوزراء ما قبل الأخيرة، والتي أعلن وزير الداخلية والبلديات نهاد المشنوق، يوم أمس، أنها ستنفذ خلال 48 ساعة، مؤكداً أن التقاعس غير مسموح، ومشدداً على أنه لا مكان للأمن بالتراضي، وعلى كل فريق تحمل مسؤولياته.
وفي هذا الوقت، يبدو أن كل القوى السياسية بدأت بتحضير قواعدها الشعبية من أجل هذا الاستحقاق المهم، لا سيما بالنسبة إلى تيار المستقبل، الذي بات من الواضح أنه قرر رفع الغطاء السياسي عن بعض المجموعات المسلحة التي تدور في فلكه، خصوصاً في مدينة طرابلس التي شهدت عشرين جولة من العنف على محاور القتال التقليدية.
وعلى رغم أن هناك الكثير من علامات الاستفهام التي توضع حول كيفية مواكبة هذه الخطة على الصعيدين الشعبي والسياسي، لا سيما في ظل المواقف المتضاربة بين قادة المحاور في عاصمة الشمال، حيث يُعبر بعضهم عن رغبته في تسلم وحدات الجيش اللبناني زمام الأمور في المدينة، في حين يعارض القسم الأكبر منهم هذا الأمر، خصوصاً في ظل المعلومات التي يتبادلونها عن أنها ستكون من ضمن تسوية تحصل على حسابهم، تؤكد مصادر في تيار المستقبل رضاها عن الخطة التي تؤمن تطبيق العدل والمساواة على مختلف الأفرقاء.
وفي هذا السياق، أوضحت مصادر متابعة أن الأوضاع في قرى وبلدات البقاع الشمالي تبدو مُسهّلة أكثر من عاصمة الشمال، حيث بات واضحاً أن هناك تغييراً جذرياً حصل في المزاج الشعبي في بلدة عرسال، لا سيما بعد أن لمس أهلها فعلياً خطر التورط في أي مشكل أمني مع الجوار نتيجة الممارسات التي يقوم بها البعض، وهذا الأمر كان واضحاً من خلال الاعتصام الرمزي الذي نفذه الأهالي يوم أمس، بدعوة من الجمعيات الأهلية، استنكاراً لما يتعرض له الجيش، لا سيما بعد التفجير الأخير واستشهاد عدد من العسكريين، حيث حمل المعتصمون الأعلام اللبنانية ولافتات كتب عليها عبارات دعم للجيش، وتأكيد على دوره في حماية الوطن، وانطلقوا في مسيرة من مدخل عرسال باتجاه حاجز الجيش في البلدة.
ورأت هذه المصادر أن هذا التطور في الموقف مهم جداً لأنه يساهم في التخفيف من حدة الاحتقان في البلدة التي شهدت قبل أشهر اعتداء خطيراً على المؤسسة العسكرية، مشيرة إلى أنه يؤكد أن على القوى السياسية دوراً أساسياً في مساعدة الأجهزة الأمنية في تنفيذ مهامها، مشددة على ضرورة متابعة هذا الأمر بشكل يومي، خصوصاً أن الأيام المقبلة قد تكون خطيرة على صعيد الأوضاع الأمنية.
أما بالنسبة إلى الأوضاع في مدينة طرابلس، فقد أكدت المصادر أنه ينبغي التعامل بحذر، خصوصاً أنها شهدت حملة واسعة من التحريض على المؤسسة العسكرية خلال جولة العنف الأخيرة، تزامنت مع العديد من الاعتداءات التي استهدفت عناصر المؤسسات الأمنية من جيش وقوى أمن داخلي.
ولفتت إلى أن هذا الأمر لا يزال مستمراً من قبل بعض الشخصيات الدينية في المدينة، التي ترى أن دورها سينتهي بشكل فعلي مع انتهاء ظاهرة الفلتان الأمني القائمة منذ سنوات طويلة، مشيرة إلى أن تجذر التيار السلفي في المدينة عامل مثير للقلق، خصوصاً أن بعضاً من قيادته، لا سيما مؤسس هذا التيار داعي الإسلام الشهال، لا يزال على مواقفه السابقة، وهو عقد في اليومين الماضيين اجتماعاً مع أغلب قادة المحاور في منطقة باب التبانة.
في المقلب الآخر من المدينة، أشارت المصادر إلى أن من غير المتوقع حصول أي إشكال مع الجيش اللبناني خلال تنفيذه الخطة الأمنية، لا سيما أن قيادة الحزب العربي الديمقراطي أكدت في أكثر من مناسبة أنها لن ترفع السلاح بوجه المؤسسة العسكرية مهما كان الثمن، بالإضافة إلى أن وحدات الجيش موجودة أصلاً في الجبل، وهي في كل مرة تنتشر فيه لا تواجه مشاكل من النوع الخطير.
من جهة ثانية، لفتت المصادر إلى أن التعاطي مع الفاعليات في الجبل يتم بسهولة، لا سيما أن هناك مرجعية سياسية واضحة لها هي الحزب العربي الديمقراطي، في حين تتعدد المرجعيات في المقلب الآخر، الأمر الذي يتطلب التعامل معها بشكل هادئ، خصوصاً أن استخدام القوة قد لا يكون مفيداً، نظراً إلى الكثافة السكنية الهائلة التي تتميز بها المنطقة.
ورأت المصادر أن البلاد ستكون أمام أيام مفصلية سيتبين معها مدى الجدية في تطبيق الخطة الأمنية، لا سيما على صعيد موقف القوى السياسية التي عليها مسؤولية كبيرة، خصوصاً أنها العامل الأساس في بروز الجماعات المسلحة في الفترة الأخيرة، مؤكدة أن الفشل ممنوع لأن تداعياته ستكون خطيرة جداً.
وفي هذا السياق، أصدر مفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية القاضي صقر صقر الأسبوع الماضي، ومواكبة للخطة الأمنية، استنابات قضائية وبلاغات بحث وتحر في حق أكثر من مئتي شخص من محافظات الشمال، لا سيما طرابلس، والبقاع وبيروت لاشتراكهم في القتال وإطلاق النار وسرقة سيارات وتفخيخها وتفجيرها وحيازة أسلحة ومتفجرات وتزوير مستندات رسمية وقتل ومحاولة قتل.
ومواكبة للخطة، يرأس النائب العام لدى محكمة التمييز بالإنابة القاضي سمير حمود اجتماعاً ظهر اليوم، في مكتبه في قصر العدل، في حضور النائب العام المالي علي إبراهيم ومفوض الحكومة لدى المحكمة العسكرية والنواب العامين في كل المحافظات، للبحث في عمل النيابات العامة وسبل التشدد في مواكبة الخطة الأمنية التي أقرها مجلس الوزراء.
من جهة ثانية، أعلنت قيادة الجيش «أنّ قوى الجيش تمكنت بنتيجة التحري والتقصيات، من ضبط سيارة مفخخة من نوع هوندا C R V سوداء اللون في جرود عرسال، وقد تم عزل السيارة، حيث عمل الخبير العسكري على تفكيكها».
كما أعلنت «أنّ حاجزاً للجيش في وادي عجرم ووادي حميد أوقف ثلاثة أشخاص من الجنسية السورية يستقلون سيارة من نوع جيب بي أم X5 لمحاولتهم دخول الأراضي اللبنانية بطريقة غير شرعية ومن دون أوراق ثبوتية، وضبط بحوزتهم كمية من الذخائر الخفيفة، كما تم توقيف مواطن لبناني يقود دراجة نارية من دون أوراق ثبوتية وبحوزته بندقيتان من نوع كلاشينكوف، وتم تسليم الموقوفين مع المضبوطات إلى المراجع المختصة لإجراء اللازم».
انفجار عرسال
من ناحية أخرى، تواصل الأجهزة الأمنية تحقيقاتها الأولية في انفجار وادي عطا في عرسال، وفي هذا الإطار أعطى القاضي صقر تعليمات بتسليم جثث الضحايا وشهداء الجيش في الانفجار إلى ذويهم.
إلى ذلك، أعلنت المديرية العامة لقوى الأمن الداخلي – شعبة العلاقات العامة أنه «بعد أن تمكنت فصيلة عرسال في وحدة الدرك الإقليمي في 29 آذار من ضبط 6 سيارات رباعية الدفع مسروقة ومخبأة داخل مرأب في وادي حميد في خراج بلدة عرسال، ونتيجة لمعلومات إضافية توافرت لديها، داهمت عناصر الفصيلة المذكورة مخيماً للنازحين السوريين في البلدة وتمكنت من ضبط 4 سيارات مسروقة، وهي من نوع «أوبل» لون أبيض من دون لوحات، و»بيك آب شفروليه» لون أبيض من دون لوحات، وسيارة من نوع «كيا» لون أسود، وسيارة من نوع «رينو» لون رصاصي عليها لوحة خصوصية رقم 441292 ب».
وأشارت إلى «أنّ التحقيقات جارية بإشراف القضاء المختص، للتأكد من مصدر وهويات مالكي السيارات ووجهة استعمالها».
تفجير منزل في عكار
من ناحية أخرى، فجر مجهولون منزل المواطن حسين أبو بكر من بلدة فنيدق – عكار، والكائن في سهلة القموعة، وعلى الفور حضرت القوى الأمنية للكشف على المنزل.
من جهته أعطى وزير الداخلية والبلديات تعليماته للأجهزة الأمنية والجنائية التابعة لوزارته، بضرورة إجراء التحقيقات اللازمة وكشف الفاعلين وملاحقتهم.
ودعا المشنوق أهالي عكار إلى التلاحم والتعاضد في هذه المرحلة العصيبة التي يمر بها لبنان، وقطع دابر الفتنة التي يحاول البعض العمل عليها في هذه المنطقة الآمنة التي يشهد لها الجميع، خصوصاً أنها منطقة العيش المشترك والتسامح والسلم الأهلي بين الطوائف اللبنانية كافة.
وأجرى اتصالات مع الهيئة العليا للإغاثة لإجراء المسح اللازم للأضرار والتعويض عن المتضررين.
نواب زحلة
في المواقف، استنكرت كتلة نواب زحلة «الاعتداء الإرهابي الموصوف على حاجز للجيش في جرود عرسال»، واعتبرت «أنّ هذا العمل الإجرامي المدان لم يستهدف الجيش وحده بل استهدف كل عائلة وبيت لبناني، وأن الشهداء الذين سقطوا وتناثرت أجسادهم ودماؤهم في جرود عرسال سقطت معهم مشاريع الفتنة وضرب اللبنانيين، وأن الجيش الذي يدافع بالدم الحي، وبدأ ينتشر في مناطق جديدة يقتضي منا الوقوف إلى جانبه وتقديم كل الدعم المادي والمعنوي والأخلاقي لعناصره ورتبائه وضباطه والوقوف إلى جانب عائلات شهدائه في المحن التي يمرون فيها».
وأثنت الكتلة على «قرار القيادة في خطتها الأمنية في طرابلس والتوسع للانتشار في البقاع الشمالي»، وطالبت كل القوى السياسية والفاعليات والمجتمع الأهلي بـ«أن يقدموا العون إلى وحداته العسكرية وأن يقفوا صفاً منيعاً في وجه من يحاول التطاول عليه لأن المرحلة دقيقة وصعبة توجب علينا جميعاً الالتفاف حول المؤسسات الدستورية الوطنية وأولاها مؤسسة الجيش والأجهزة الأمنية».
الجسر
وأشار عضو كتلة المستقبل النائب سمير الجسر إلى أننا «ضد السلاح غير الشرعي والسلاح المتفلت».
وشدد على «أنّ الوضع في مدينة طرابلس بلغ حداً مأسوياً»، لافتاً إلى «أنّ طرابلس تعاني كثيراً بشكل أصاب اقتصادها ووضعها الاجتماعي».
حدادة
وأجرى الأمين العام للحزب الشيوعي خالد حدادة اتصالاً بقائد الجيش العماد جان قهوجي، مديناً «التفجير الإرهابي التكفيري الحاقد»، ومشدداً على موقف الحزب الداعي إلى «اتخاذ موقف سياسي واضح وجريء يتيح للمؤسسة العسكرية لعب دورها في ضمان وحدة الوطن وفي تعزيز صموده في مواجهة التحديات الخطيرة الأمنية والعسكرية التي تواجه الوطن من أعدائه».
بدوره، شكر قهوجي لحدادة «تضامنه وتضامن الحزب الشيوعي»، مؤكداً على «أهمية تعزيز المسيرة لما فيه مصلحة الوطن والمواطن في توفير الأمن والأمان والاستقرار».
العلماء المسلمون
وحيا تجمع العلماء المسلمين «الجيش المرابط على حدوده دفاعاً عن شعبه والمضحي بنفسه»، داعياً «أهالي عرسال الشرفاء إلى مساعدة الجيش لضرب رؤوس الإرهاب وتجنيب عرسال مآس إضافية».
ودعا الحكومة إلى «أنّ تؤمن للجيش والقوى الأمنية الغطاء اللازم لتنفيذ الإجراءات الكفيلة بحماية المواطنين في أنفسهم وأرزاقهم وإطلاق يد القوى الأمنية لتطاول كل من يتسبب بالعبث بأمن الناس من أية جهة كانت ولأية جهة انتمى».
جبهة العمل الإسلامي
وجددت جبهة العمل الإسلامي في لبنان تنديدها بـ«التفجير الإرهابي الدموي الذي استهدف حاجز الجيش»، معتبرة «أنّ هذا الاستهداف للمؤسسة العسكرية استهداف يطاول الوطن بأجمعه، ويستهدف أمنه واستقراره وصيغة عيشه المشترك».
ولفتت إلى «ضرورة البدء بتنفيذ الخطة الأمنية الموعودة التي ينتظرها اللبنانيون بفارغ صبر، لا سيما في مناطق طرابلس والشمال والبقاع، وبضرورة التطبيق العادل لها في المجالات الإنمائية والاقتصادية والاجتماعية والعسكرية كافة، وبضرورة رفع الغطاء السياسي والأمني والحماية الشخصية عن كل المخلين بالأمن والمعروفين لدى السلطات المختصة».
قولنا والعمل
كما دان رئيس جمعية قولنا والعمل الشيخ أحمد القطان «استهداف الجيش من قبل الإرهابيين الذين يريدون العبث بأمن واستقرار لبنان خدمة للعدو الصهيو أميركي»، مطالباً «كل القيادات مع هذه الاستهدافات المتكررة للمدنيين والمؤسسات الأمنية أن تضرب بيد من حديد».