السعودية والحرب في سورية… هل بات السلام قاب قوسين؟
ناديا شحادة
السلام وانفراج الأزمة في سورية باتا قاب قوسين او ادنى بعد ان طرح اللاعبون الإقليميون مبادرات جديدة وفق المعطيات الجديدة التي تشهدها الساحة السورية من تحقيق الانتصارات الميدانية على العناصر الإرهابية المدعومة من قبل مشايخ آل سعود، التي أكدت بذلك على أنها غير معنية إطلاقاً بحل الأزمة السورية، فكان المسؤولون السعوديون يتباهون في تصريحاتهم العلنية بتقديم الدعم بالمال والسلاح للعناصر الإرهابية وتدريبهم في بلدان مجاورة لسورية وإرسالهم عبر الحدود لتنفيذ أعمال إرهابية داخلها على غرار ما صرح به وزير الخارجية السابق سعود الفيصل الذي كانت كلاماته تسقط الأقنعة والذرائع حيث اعترف من القاهرة بأن بلاده تسلح ما يسمى بالمعارضة السورية.
السعودية تعاني من نتائج تدخلها في حربها باليمن على رغم محاولتها الترويج للنصر اعلامياً كما أنها لا تزال مصدومة من نجاح إيران في توقيع اتفاقها النووي مع مجموعة 5+1 فهي تحاول ان توازي طهران العائدة بقوة كلاعب له وزنه وثقله في منطقة الشرق الاوسط بعد توقيع الاتفاق النووي، وتتدعي انها على استعداد لفعل أي شيء لوقف نزيف الدم السوري، قام نظامها بإطلاق مبادرة لحل الأزمة السورية بحسب مصادر صحافية، واشترطت الرياض وقف دعمها لما يسمى بالمعارضة السورية بانسحاب ايران ومقاتلي حزب الله من سورية، إضافة الى انتخابات رئاسية وبرلمانية بإشراف الأمم المتحدة وهذا ما أكدته المصادر ذاتها، واستضافت الرياض اول مسؤول سوري رفيع المستوى منذ قطع العلاقات في بداية الأزمة السورية وهو رئيس مكتب الامن القومي السوري اللواء علي مملوك في جدة في 7 تموز من العام الحالي وهذا ما أكده مستشار وزير الاعلام السوري علي الاحمد لوكالة الأنباء الروسية» سبوتنيك» في 8 آب 2015 إذ صرح قائلاً ان اللقاء المباشر بين مسؤوليَن رفيعي المستوى من سورية والسعودية تم منذ شهر تقريباً، فتلك اللقاءات يشدد عليها المتابعون على أنها لقاءات تؤسس لمرحلة جديدة قادمة، وبات آل سعود يتقبلون فكرة بقاء الدولة السورية كما هي.
آل سعود بنوا حساباتهم على ان العصابات المسلحة يمكنها إحداث تغيير نوعي في مواجهة ميدانية مع الجيش السوري وعناصر المقاومة تؤدي الى اسقاط الدولة السورية، لكن هذه الحسابات سقطت، فالعصابات المسلحة اثبتت عجزها في إحداث تغيير في موازين القوى على الأرض ولم تستطع تحقيق حلمها في إسقاط الرئيس الاسد، فالمتغيرات الميدانية السورية، وانتصارات الجيش والمقاومة على العصابات المسلحة شكلت صفعة جديدة للسعودية التي وجدت نفسها في موقع الخاسر الأكبر، فالنظام السوري ما زال صامداً، ولن يتخلى عن حلف المقاومة، بعد كل ما تعرضت له بسبب موقفه الداعم والمساند لهذا الحلف، فسورية مستهدفة بسبب دعمها للمقاومة ولأنها دولة مستقلة في قرارها وفي رسم استراتيجيتها وهذا ما أكده سماحة السيد حسن نصر الله في 5 نيسان 2015.
فالمملكة التي لم تقرأ قدرة النظام السوري جيداً فدعمها للجماعات الإرهابية نابعة من تضخيم الذات وعدم قدرة الخصم على الصمود، ولم تكيف نفسها مع المتغيرات الإقليمة وخسرت في رهاناتها على الجماعات الإرهابية التي باتت تهدد أمن واستقرار المملكة بعد وصول تنظيم داعش وتبنّيه العديد من العمليات الارهابية التي كان آخرها التفجير الذي وقع في 6 آب في منطقة عسير جنوب الممكلة، ونشر التنظيم بياناً عبر مواقع تابعة له يؤكد تبنيه التفجير.
فمع مجمل ما قامت به السعودية في محاولات منها لإسقاط الدولة السورية من دعم للجماعات الإرهابية ومن تهديدات بالتدخل عسكرياً حيث شهدت إحدى جلسات مجلس الأمن تصريحات من قبل مندوب السعودية عبدالله المعلمي عن التدخل بحزم في سورية لنصرة الشعب السوري على حسب تعبيره في تلميح منه عن امكانية تنفيذ المملكة في المستقبل «عاصفة حزم» ضد سورية، وطالبت بانسحاب القوات والعناصر الاجنبية من سورية من الحرس الثوري الايراني وحزب الله، جاء ذلك على لسان وزير الخارجية السعودي السابق سعود الفيصل في 22 كانون الثاني عام 2014، فهذه مطالب وضعتها المملكة كأحد الشروط الاساسية لاستتاب الامن والسلام في سورية، والتصريحات والاثمان التي كانت تطالب بها السعودية قبل صمود الدولة السورية ووصول الارهاب المتمثل بتنظيم «داعش» الى اراضيها.
فعلى مدار خمس سنوات من عمر الازمة السورية تصدرت السعودية المشهد في سلسلة دعم الجماعات الارهابية وباتت تلك الجماعات تهدد الامن القومي السعودي بعد وصول «داعش» لاراضيها، فباتت السعودية تحصد ما زرعته في سورية، والدعم السعودي انتهى في حصاد المملكة نتائج ما زرعته من ارهاب، فبعد الاعلان عن لقاء سعودي – سوري مرتقب برعاية روسية لحل الازمة السورية يؤكد المتابعون ان المملكة باتت تتفاوض مع حكومة الرئيس الاسد بلا وسيط محلي من هيئات معارضة او سواها، فالحديث عن مسألة تنحي الرئيس بشار الاسد كشرط للتسوية أصبح من الماضي.