واشنطن توضح اتفاقها مع تركيا

هدى رزق

يصرح أردوغان ورئيس وزرائه الموقت داود أوغلو ان الاحصاءات تدل على ان المزاج التركي موافق على الضربات الموجهة الى حزب العمال الكردستاني، لكنهما لا يؤكدان ان العملية تضرب استقرار تركيا. بينما يتفق معظم المحللين على ان واشنطن متورطة في هذا الموضوع وهم يرون أن هناك اتفاقاً أدخل تركيا في مزيد من الاضطرابات وأفسد الساحة السياسية وأنهى مسألة حيوية كعملية السلام مع العمال الكردستاني ووضع رئيس حزب الشعوب الديمقراطي صلاح ديمرطاش على خط النار وأمعن في إيقاظ المتشددين من الطرفين ما ادى الى مقتل جنود اتراك وعدد من الضحايا المدنيين من الأكراد. لم تظهر أنقرة جدية في مقاتلة «داعش» لغاية اليوم. لكن الاتفاق أحدث اضطرابات اجتماعية وسياسية في الوقت الذي كانت تتحضر فيه تركيا لتغييرات داخلية ديمقراطية.

يعتقد المحللون الأتراك ان سماح تركيا لواشنطن باستخدام قاعدة «إنجرليك» العسكرية القريبة من الحدود السورية بعد أشهر من الرفض حمل معه ايضاً مشروع اقامة المنطقة العازلة، وهي منطقة حظر جوي لكن هذه المنطقة السورية الشمالية الغربية هي نقطة تقاطع دول اقليمية ودولية يفترض الا تكون سهلة فهناك روسيا والصين، وايران. السؤال الذي يطرح نفسه بقوة حالياً، هل دخل اردوغان في مقامرة عبر طموحه بمقاتلة الاكراد في سورية الذين يتصدون لـ«داعش» وضرب «العمال الكردستاني» في الداخل وفي شمال العراق، كذلك القضاء على صورة حزب الشعوب الديمقراطي وإشاعة مخاوف الأتراك مع بث أقاويل بأن الاكراد يريدون الانفصال في دولة مستقلة من أجل حصد مكاسب شخصية تساعده في تمديد فترة حكمه وتحول دون تعرضه لإساءة استخدام السلطة والفساد. مع ان الحرب مع الاكراد قد توحدهم في شكل أقوى ضد حكومة انقرة، اذ يمكن ان يتحالفوا مع العلويين في جبهة مع احزاب المعارضة وهؤلاء يمثلون مع الأقليات الأخرى، أكثر من نصف الشعب التركي. ليست هنالك ضمانات في الذهاب الى انتخابات تركية مبكرة من أجل الحصول على النتائج التي يريدها الرئيس رجب طيب اردوغان، أي الحصول على الغالبية البرلمانية مجدداً.

في ظل هذه التساؤلات والتكهنات اتى الرد الأميركي عبر احد ديبلوماسييها لكي يضع الامور في نصابها في ما يتعلق بأسئلة الداخل والخارج. شدد على ان التعاون بين واشنطن وتركيا يدخل البلدان في عملية تنسيق طويلة الأمد من أجل تقييم نتائج هذه الحملة. لذلك طلبت الولايات المتحدة من تركيا ايقاف ضرباتها المنفردة على «داعش» في الداخل السوري ريثما يتم التنسيق مع قوات التحالف الدولي بعد ان قامت تركيا بضربات محدودة لـ«داعش» اثر العملية الارهابية في سروش. نفى الديبلوماسي ان يكون هناك اي اتفاق مقابل السماح باستعمال قاعدة «انجرليك» كضرب حزب العمال الكردستاني. وترى واشنطن ان التعاون في العمليات الجوية سيشمل تنظيف الحدود التركية من «داعش» فيشكل دائم حتى لا تعود الى الامساك بهذه الحدود، واستغلالها في تهريب المسلحين والمعدات الحربية وسيعمل الفريقان على استصدار قانون يمنع «داعش» من تجنيد الافراد.

اذاً الاتفاق هو ابعاد «داعش» عن الحدود التركية وهذا يتطلب شراكة مع القوى المحلية اي المقاتلة المتواجدة في المنطقة اضافة الى حزب الاتحاد الديمقراطي وقوات الحماية الكردية وستستمر الطائرات الاميركية بالقيام بغطاء جوي لحماية هؤلاء مع ان تركيا أبدت تحفظاً حول أهداف حزب الاتحاد الديمقراطي. لكن الولايات المتحدة أكدت لها أنها لا تدعم اي تغيير ديمغرافي في المناطق التي يسيطر عليها «داعش»، وأوضحت الأمر لوحدات الحماية الكردية بأن العرب والتركمان والاكراد الذين نزحوا من تل ابيض يجب ان يعودوا.

أما على صعيد الداخل، فلتركيا الحق في الدفاع عن نفسها، لكن بشرط ان لا تقضي على عملية السلام مع الاكراد لأن واشنطن تعتقد بأن على تركيا ان تنعم بالسلام والديمقراطية والاستقرار. لذا عليها كسر حلقة العنف وكما ان على حزب العمال الكردستاني ايقاف اعتداءاته الإرهابية. وشددت الولايات المتحدة على أنها ستتعاون في الداخل مع الحكومة المنتخبة والتي اختارها الشعب عبر الانتخابات وهي ترى ما يراه المواطنون الاتراك وما اختاروه عبر المسار الديمقراطي. في اشارة الى نتائج الانتخابات البرلمانية. تعكس هذه التصريحات حقيقة الاتفاق مع تركيا الذي رأى فيه بعض المحللين تبادلاً للمصالح الثنائية بين اردوغان والاميركيين لذلك يأتي هذا التوضيح حول ماهية المنطقة العازلة لكي يوضح رغبة اميركية في عدم التدخل البري التركي بل الاعتماد على قوى دربتها الولايات المتحدة كمعارضة معتدلة اضافة الى وحدات الحماية الكردية. مما يطرح علامات استفهام حول هذه القوى المعتدلة في ظل وجود مسلحين من «جبهة النصرة» إضافة الى قوى اسلامية وجماعات مسلحة على صلة بالاستخبارات التركية وعن دورها ومصيرها في ظل هذه الخطة اعتراض لافروف على المعارضة المعتدلة وماهيتها وحدود استعمالها، ما سيؤدي حكماً الى اعادة النظر الاميركية بالموضوع لا سيما ان وجود هذه المجموعات يمكنه عرقلة مساعيها.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى