لافروف: لا للازدواجية في قتال «داعش»… وأوباما لفرص حلّ سورية مسقط تستضيف حواراً بين الحوثيين والأميركيين… ومبادرة تسوية

كتب المحرر السياسي :

الحراك السياسي الدولي والإقليمي متشعّب ومتداخل، لكن أحداً لم يعد في مستطاعه إنكار حقيقة أنّ ما بعد التفاهم النووي الإيراني، صار في المنطقة على رغم مواصلة الحروب بضراوة، زمن السياسة، فالاتصالات بين الجميع والجميع متواصلة على مدار اللحظة، والحرب الإعلامية للتسريب ونشر الإشاعات وجسّ النبض وإطلاق بالونات الاختبار، وخوض الحرب النفسية لزرع الضعف والقلق والشكوك، كلها مؤشرات على أنّ الزمن صار للسياسة.

الرئيس الأميركي باراك أوباما قال إنه يرى فرصة لحلّ سياسي في سورية، وأوحى أن هناك تغييراً روسياً إيرانياً يدفعه إلى هذا الاستنتاج، بينما اتهمته «إسرائيل» بأنه يسوّق لصفقة كبرى تضمن بقاء الرئيس السوري بشار الأسد في الحكم، وفي المقابل يتهم أوباما رئيس الحكومة «الإسرائيلية» بالتدخل المرفوض في الشؤون الأميركية الداخلية التي لا يحق له التدخل فيها.

وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف يدعو إلى التوقف عن الانتقائية واللعب على المواقف في تعليقه على الحملات القائمة على ترويج وجود تغيير في موقف حكومته من سورية، متحدثاً عن ازدواجية معايير في الحرب على «داعش»، تحلّ المصالح الصغيرة مكان المصلحة العليا المشتركة عندما تصل إلى سورية، مؤكداً استعداد الدولة السورية للمشاركة في حلف دولي إقليمي للحرب على «داعش» شرط أن يكون جدياً، مشيراً إلى حجم ما تستطيعه سورية لهذه الحرب إذا صدقت النوايا عند الآخرين.

الحراك نفسه الذي يبدو دموياً في الميدان اليمني، كما هو في الميدان السوري، يتجسّد في لقاءات تستضيفها مسقط بين ممثلين للتيار الحوثي ومسؤولين أميركيين لمناقشة مسودّة اتفاق قالت مصادر متابعة إنها ستعلن قريباً من قبل المبعوث الأممي إسماعيل ولد الشيخ أحمد كمشروع للحلّ، يتضمّن آلية زمنية لتطبيق القرار الأممي الخاص باليمن الذي اتخذته السعودية عنواناً لحربها التي بدأت قبله واحتمت به بعد صدوره.

لبنانياً، على رغم التصعيد الذي أعلن التيار الوطني الحر إطلاقه رداً على التمديد للقادة العسكريين والأمنيين، يبدو أنّ الأزمة لن تتخطى الخطوط الحمراء، فالمعلومات تقول إنّ الحراك الشعبي والشبابي الذي يعدّ له التيار العوني في الشارع سيحترم ضوابط اللعبة الأمنية والسياسية، فيكون استعراض قوة وتأكيد حضور من دون أن يتحوّل إلى صدامات مع مناصرين لقوى أخرى أو مع القوى الأمنية، بعدما نجحت الاتصالات بوضع أطر للتحرك الشبابي العوني من جهة والإجراءات الأمنية المقابلة من جهة أخرى، بما يضمن مرور موعد التحرك المقرّر بالتزامن مع انعقاد مجلس الوزراء الخميس المقبل بسلام، على أنّ وعوداً أعطيت بتمرير آلية لإدارة الجلسات وأعمال الحكومة ترضي العونيين تعويضاً للتمديد للقادة العسكريين والأمنيين، وتنفيساً للاحتقان القائم، وفتحاً للباب أمام إقرار فتح الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي.

الرابية لم تطلق صفارة التحرك

لم تطلق الرابية يوم السبت الماضي صفارة التحرك إلى الشارع، على رغم دعوة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون كل عناصر التيار الوطني الحر إلى النزول إلى الشارع عندما يدق النفير، وإلا لماذا الالتزام بالتيار!

ولا يزال الجنرال عون يعوّل على مبادرة المدير العام للأمن العام اللواء عباس إبراهيم والتي تتمثل نتائجها بفتح باب مجلس النواب أمام التشريع، ورفع سنّ التقاعد للعسكريين ثلاث سنوات. غير أنّ اللافت في المؤتمر الصحافي كان التوجّه إلى العماد قهوجي بالقول: إياك يا جان قهوجي أن تُنزل الجيش لمواجهة شباب التيار الوطني الحر، لا يحق لكم أن تتركوا التبانة وجبل محسن وأن تقفوا على الحياد، أنت تجلس تحت غطاء حكومة لا تعطيك أوامر، وكنت ترفض أخذ الأوامر عندما عُرضت عليك منطقة عسكرية لحماية الحدود. أنت تسيّس الجيش لأنك تضعه في خدمة السياسيين بطريقة غير شرعية، نحن ندافع عن حقوق اللبنانيين، أنتم حكومة نفايات وحكومة عرقلة المشاريع الإنمائية.

الوطني الحرّ: قهوجي انقلب على قانون الدفاع

وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أنّ العماد عون لا يزال يحاول تصحيح الأخطاء التي ارتكبت وأن تستقيم الأمور على أساس الدستور والقانون، لكن إذا استمر الفريق الآخر بالانقلاب على الوطن فإنّ الجنرال سيحدد كيفية التحرك والزمان والمكان، فنحن لم يعد لدينا شيء نخسره، لكننا لا نريد أن نخسر الوطن».

ورأت المصادر «أن العماد عون خاطب قهوجي من دون ذكر «العماد» كونه لم يعد شرعياً، فهو قام بانقلاب على قانون الدفاع، والتمديد له مخالف لكل القوانين»، مستغربة كيف يقبل قهوجي الذي يدّعي الحرص على المؤسسة العسكرية بالتمديد له وحده.

ودعت المصادر «كل وزير في الحكومة إلى أن يحتاط سياسياً، سنفتح ملفات كل وزير، ليرى الشعب الفساد المستشري عند بعض المكونات، عله يتحرك لاسترجاع حقوقه من سرقة وفساد هؤلاء».

ولفتت المصادر إلى «أن موافقة العماد عون على بعض الوزراء من تيار المستقبل أثناء مشاورات تشكيل حكومة الرئيس تمام سلام، كان على أساس أن الحكومة لن تبقى أكثر من ثلاثة أشهر، ويصار إلى انتخاب رئيس للجمهورية وتشكيل حكومة جديدة، إلا أن تيار المستقبل انقض على هذا الاتفاق».

وأكدت المصادر «أن عون لم يتهجّم على الجيش إنما دعا قائده لإبعاد الجيش عن السياسة، ودعا الضباط والعسكريين لعدم القبول بإقحامهم بما يجري.

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أن «عون ظهر في المؤتمر الصحافي بمظهر المخدوع مرة ثانية بعد أن خدعه تيار المستقبل في ملف الرئاسة»، مشيرة إلى مبادرة رفع سن التقاعد للضباط لمدة ثلاث سنوات التي فهم منها الجنرال عون أنها ستؤدّي إلى تمديد خدمة قائد فوج المغاوير العميد شامل روكز، وإفساح المجال أمام ترقيته إلى رتبة عماد في هذه الفترة وتعيينه قائداً وتصبح ولايته 5 سنوات في حال نجاح المبادرة، ولكن تبيّن أنّ هذه المبادرة لن تبصر النور والدليل أنها لم تعط الفرصة الكاملة للتسويق، وسارع مقبل لتأجيل التسريح لقائد الجيش لسنة إضافية على رغم أن في إمكانه الانتظار شهرين».

ولفتت المصادر إلى «أنّ بعض أوساط التيار الوطني الحر يبدو من حديثها أنها لا تزال تعوّل على هذه المبادرة ومن أجل ذلك صعّد العماد عون من لهجته في المؤتمر الصحافي وأرجأ قرار التحرك إلى يوم الأربعاء، وقد تكون شرارة انطلاقه يوم الخميس مواكبة مع جلسة مجلس الوزراء.

كلام عون عن قهوجي لم يكن موضع ترحيب

وتحدثت أوساط سياسية لـ«البناء» عن أن تمرير رفع سن التقاعد أمر بالغ التعقيد والصعوبة لأنه في حاجة إلى قانون مجلس النواب الذي ليس في دورة انعقاد عادية، وهناك خلاف بين المكونات السياسية حول اجتماع المجلس في الدورة الاستثنائية». واعتبرت الأوساط «أنه في حال تمّ الانتظار حتى بداية العقد العادي وعقد جلسة لمجلس النواب في 20 تشرين الأول، تكون خدمة العميد روكز قد انتهت».

وأشارت الأوساط إلى «أنّ هجوم رئيس تكتل التغيير والإصلاح على قائد الجيش بالطريقة التي حصل فيها لم يكن موضع ترحيب من سياسيين وعسكريين، اعتبروا كلامه مساً بمعنويات الجيش، وتشجيعاً لقوى أخرى مناوئة للجيش بانتهاج الأسلوب نفسه وهذا ليس من مصلحة الجيش».

في سياق متصل، أكدت أوساط عليمة لـ«البناء» «أنّ حزب الله حريص على الجيش والأمن والاستقرار في لبنان، وأنّ هذا الأمر يدفعه دائماً لاتخاذ ما يلزم لإبقاء الجيش بعيداً عن التجاذبات السياسية». وشدّدت الأوساط على العلاقة الجيدة التي تربط حزب الله بالعماد قهوجي.

وأشارت الأوساط إلى «أنّ كلام العماد عون عن أنه «لولا حزب الله على الحدود والذي يدافع عن نفسه وعن المسيحيين وعن لبنان وعن الذين يهاجمونه، لكانوا أول الضحايا وكان مصيرهم شبيهاً بمصير أهل نينوى»، كلام موضوعي وواقعي، أكد خلاله الجنرال العلاقة الوثيقة والمتينة والاستراتيجية مع المقاومة». ولفتت الأوساط إلى مسارعة البطريرك الماروني بشارة الراعي إلى الرد على العماد عون من دون أن يسميه من راشيا بتأكيده «إننا نرفض رفضاً قاطعاً كلمة «حماية» إنما ما يحمي لبنان ويحمي شعبه ويحمينا هو الدولة والجيش اللبناني».

ورأى رئيس المجلس النيابي نبيه بري «أن من حق رئيس تكتل التغيير والإصلاح التظاهر شرط عدم تعطيل المؤسسات». ودعا في حديث إلى صحيفة «الأهرام» المصرية إلى «ضرورة مساعدة إيران والسعودية لحلّ مشكلة انتخاب رئيس للجمهورية».

«المستقبل»: عون ومسار إسقاط الدولة

في المقابل، أكد عضو كتلة المستقبل النائب جمال الجراح لـ«البناء» أن «الجنرال عون لا يزال سائراً بمسار إسقاط الدولة، والمستغرب كيف يتعاطى مع المؤسسة العسكرية بهذه الطريق وكان قائداً للجيش». وأشار إلى «أن البلد لا يزال متماسكاً بفضل هذه المؤسسة العسكرية والإجماع اللبناني حول دورها. واستغرب الازدواجية التي يتعاطى بها الجنرال عون، تارة يشكك بشرعية المجلس النيابي، وتارة أخرى يضفي على المجلس شرعية ويريد أن ينتخبه رئيساً للجمهورية، وتارة يعتبر المؤسسة العسكرية غير محترمة لأنها لم تعيّن صهره العميد شامل روكز قائداً للجيش، وتارة أخرى تصبح محترمة إذا تم تعيين صهره قائداً للجيش، مع علمه أن المؤسسة العسكرية هي المؤسسة الأخيرة التي ترمز إلى وجود الدولة في ظل وضع إقليمي مضطرب. وأشار إلى «أن النائبين عمار حوري وبطرس حرب تقدما للمجلس النيابي باقتراح تشكيل لجنة تحقيق برلمانية بكل «الادعاءات» من عام 1989 حتى اليوم، فليتفضل الجنرال ويطالب بإقرارها ليبدأ التحقيق من بداية عهده وينتهي بدير عمار وسدّ جنة».

وفيما تردّد أنّ مجموعة التمديد للعماد قهوجي احتفلت في دارة الرئيس ميشال سليمان وضمّت الوزراء نهاد المشنوق وأشرف ريفي وأليس شبطيني وعبد المطلب حناوي وسمير مقبل، النائب هادي حبيش، وقائد الجيش وسفير المملكة العربية السعودية علي عواض العسيري.

وأكد حناوي لـ«البناء» «أنّ دعوة الرئيس سليمان وجهت إلينا في منتصف شهر رمضان، ولم تكن احتفالاً بالتمديد لقهوجي كما ورد في بعض وسائل الإعلام». ولفت حناوي إلى «أنّ العماد عون في هجومه على العماد قهوجي وضع بطريقة غير مباشرة جمهور التيار الوطني في عداء مع الجيش، وفي هجومه على وزير المال علي حسن خليل وضع جمهور حركة أمل في عداء مع مناصري التيار الوطني وهذا لا يجوز من شخص كالعماد عون. ولفت حناوي إلى أن رئيس تكتل التغيير والإصلاح أراد من إشادته بحزب الله أن يستغل جمهور المقاومة، مشدداً على «أننا جميعاً مع المقاومة التي دحرت الاحتلال ولا نتنكر لحزب الله مقاومته العدو الإسرائيلي والدفاع عن لبنان».

ظريف في بيروت غداً

في موازاة ذلك، يزور وزير خارجية إيران محمد جواد ظريف بيروت غداً وعلى جدول أعماله لقاءات مع الرئيسين نبيه بري وتمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل. كما سيلتقي ظريف وفداً من الفصائل الفلسطينية ويزور ضريح الشهيد عماد مغنية، ويختم زيارته بمؤتمر صحافي بعد غد الأربعاء.

وأكد حزب الله على لسان النائب علي فياض خلال احتفال تأبيني في بلدة العديسة «أنه في الوقت الذي تشهد المنطقة تحركات جادة ومؤشرات إيجابية تعكس اتجاهاً جديداً في التعاطي يشير إلى احتمال انفراج وحلول سياسية، فإننا نجد أن الوجهة في لبنان هي وجهة تصعيد يتحمل مسؤوليتها فريق 14 آذار المستند إلى قرار خارجي يسعى لتوظيف الوضع في لبنان في إطار حساباته الإقليمية وعلى حساب تأجيل الحلول فيه.

تصدير النفايات إلى الخارج تعتريه عقبات عدة

إلى ذلك، يعقد مجلس الوزراء الخميس المقبل جلسة برئاسة الرئيس تمام سلام للبحث في الآلية الحكومية وملف النفايات، على ضوء طلب المعنيين بملف النفايات الطلب من شركة سوكلين الاستمرار في عملها المعتاد في خلال المرحلة الانتقالية، من دون أي تعديل بحيث تنفذ أعمال الكنس والجمع وغيرها حتى تتسلم الشركات التي سترسو عليها العروض المهمة.

وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» أن خيار تصدير النفايات إلى الخارج هو اتجاه الحكومة، وأن الشركات التي عرضت تولي هذا الأمر هي شركات محترمة ولديها شركاء لبنانيون، لكنه شدد على أن تصدير النفايات إلى الخارج تعتريه عقبات عدة، أبرزها أن لبنان لا يستطيع تطبيق المعايير الدولية أهمها فرز النفايات خلال 48 ساعة في حين أنه مضى على جمعها أكثر من أسبوعين».

وإذ أقر بـ»أن هذا الملف دخل في دائرة التعقيد وأننا ما زلنا في قلب الأزمة، استبعد قزي تكرار مشهد تكدّس النفايات في الشوارع لا سيما في بيروت وضواحيها، لافتاً إلى «أنه لا يمكن حل أزمة النفايات في لبنان إلا بقرارٍ حكومي يفرض إنشاء مطامر تحترم البيئة والمعايير الصحية في كل قضاء، ولا يجوز أن يُترك للشركات التي ستربح المناقصة أن تجد المطامر، لأنها ستكون رهينة لمشيئة أعيان المناطق والطوائف والسياسة والأحزاب والعائلات. وسأل قزي: اليوم كلّ الأقضية ترفض إنشاء مطامر لديها، فأين إذاً ستذهب نفايات الناس؟

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى