قرارات العبادي… بداية الحساب أم نهايته؟
تفاعلت سريعاً مطالب الإصلاح في العراق وأفرزت قرارات حاسمة اتخذها رئيس الوزراء حيدر العبادي وصوّت عليها مجلس الوزراء في انتظار مناقشتها في مجلس النواب اليوم.
أبرز هذه القرارات إلغاء مناصب نواب رئيس الجمهورية ورئيس الحكومة، كأولى الخطوات على طريق الاصلاح رئيس الحكومة حيدر العبادي يصدر حزمة قرارات جريئة، منها الاستغناء عن مناصب نواب رئيسي الجمهورية والوزراء، فضلاً عن السعي لترشيد الوزارات والهيئات والعمل على إبعاد جميع المناصب العليا عن المحاصصة الحزبية والطائفية.
كما قرر العبادي الاعتماد على الكفاءة والنزاهة في اختيار المرشحين، إضافة إلى فتح ملفات الفساد السابقة والحالية وتطبيق العمل بمبدأ من اين لك هذا وإلغاء المخصصات الاستثنائية لكل الرئاسات وتقليص الحمايات خطوات من شأنها، وفق مراقبين، أن توفر المليارات على خزينة الدولة.
حظيت هذه القرارات بموافقة بالاجماع في مجلس الوزراء، من نواب رئيسي الجمهورية والوزراء ومن مناهضين ومؤيدين اعلنوا تأييدهم للخطوات، أما الشارع بنسيجه المتعدد رحب بها على أمل تحسن الواقع وسط خشية من ولادة صراعات سياسية.
الدستور العراقي وفقاً للمادة الثامنة والسبعين يمنح رئيس الحكومة اتخاذ قرارات نافذة كتقليص المخصصات والحمايات وإنشاء لجان لكشف الفساد لكن إلغاء المناصب يحتاج أيضاً إلى مصادقة المجلس النيابي عليها ليكتسب القرار درجة قطعية شرعية، فالكرة ألقيت في ملعب المجلس النيابي والكتل بمختلف انتماءاتها.
ويبدو أن زخم الاحتجاجات الشعبية وموجات التأييد من رموز العراق فكت الأغلال السياسية من حول العبادي وأطلقت يده بعض الشيء وجعلته أكثر قوة وجرأة للبدء بخطوات إصلاحية حقيقية، خطوات أنهت بعض المناصب ومن المتوقع ان تليها خطوات أخرى للإصلاح.
وفي السياق، حذر نائب الرئيس العراقي نوري المالكي أمس، من سرقة حركة التظاهرات المطالبة بالخدمات التي تشهدها البلاد من قبل من سمّاهم بـ«أصحاب النوايا»، فيما أعرب عن خشيته من «خسارة الأمن في المرحلة المقبلة» في حال فقدان السيطرة على تلك التظاهرات.
وقال المالكي في حديث لعدد من وسائل الاعلام بينها «السومرية نيوز»، خلال احتفالية اقيمت في محافظة المثنى بمناسبة ذكرى ثورة العشرين: «إن التظاهرات حق مشروع لكل مواطن بلغة الدستور، والمطالب مشروعة للمواطنين بأن يطالبوا بالخدمات ومحاربة الفساد والمفسدين الذين يعيثون فساداً في العراق»، مؤكداً «نقف معهم ونؤيدهم كما أيدناهم سابقاً».
وفي السياق، أعلن رئيس مجلس النواب العراقي سليم الجبوري أمس أن المجلس سيناقش اليوم الثلاثاء حزمة الإصلاحات التي تقدم بها رئيس الوزراء العبادي وتشكيل لجنة مكلفة بالنظر والبت فيها.
وذكر الجبوري أن مجلس النواب سيقدم إصلاحات إضافية لإكمال المسار الإصلاحي بالعراق، لافتاً إلى أنه لا توجد أية مؤسسة أو جهة أو هيئة في العراق بمنأى عن عمليات الإصلاح التي أعلنتها الحكومة والبرلمان.
وأكد رئيس البرلمان العراقي في تصريح صحافي أن مجلس النواب سيمضي في عملية الإصلاح الأولى متمثلة في الورقة التي قدمها رئيس الحكومة حيدر العبادي، وسيتم تشكيل لجنة للنظر في هذه الإصلاحات من قبل البرلمان والتصويت عليها.
وأشار الجبوري إلى أن مجلس النواب في المسار الثاني سيقدم ورقة إصلاح مكملة لورقة العبادي لإقرارهما معاً في الجلسة المقبلة، لافتاً إلى أن ورقة المجلس تتضمن قضايا لم تتطرق إليها ورقة الحكومة منها تقييم رؤساء اللجان البرلمانية والامتيازات والضوابط والشروط الواجب توفرها لمن يتسلم منصب رسمي أو سيادي.
وشدد رئيس مجلس النواب العراقي على أهمية ورقة الإصلاح البرلماني وأنها محددة في شكل واضح منها تحديد مواعيد زمنية لاستجواب الوزراء، وإلزام الحكومة بإقالة من ثبت بالدليل القاطع فساده وهو إجراء سيتم بالتصويت داخل المجلس.
وأوضح الجبوري أن اليوم الثلاثاء سيشهد عقد جلسة للبرلمان لمناقشة ورقة الإصلاح الحكومية وورقة الإصلاح البرلمانية في جلسة علنية لمجلس النواب.
من جهة أخرى، طالب رئيس مجلس النواب في مؤتمر صحافي عقب اجتماع برؤساء الكتل السياسية، رئيس الوزراء حيدر العبادي بإقالة عدد من الوزراء الذين تورطوا في الفساد، مضيفاً أن «مجلس النواب سيحدد وفي شكل واضح أسماء أو مؤسسات لغرض محاسبتها لتورطها بالفساد».
وقال العبادي: «سنمضي في شكل مباشر في عملية استجواب استوفت كل الشروط القانونية اللازمة، لذلك طالبنا رئيس الوزراء بإقالة عدد من الوزراء الذين ثبت عليهم الفساد والتقصير في شكل واضح».