مرشحون حسب الطلب

حسين حمّود

بالرغم من أنّ الأوضاع الإقليمية لم تحسم وجهتها بعد، وإنْ كانت المؤشرات إلى تحقيق محور المقاومة انتصارات شبه حاسمة عسكرياً وسياسياً وديبلوماسياً، فقد عاد الحديث عن الاستحقاق الرئاسي في الكواليس السياسية اللبنانية، مع ترجيحات قوية بأن يصل هذا الملف إلى نهايات سعيدة في الخريف المقبل.

وترتكز هذه التوقعات على التطورات العسكرية في سورية، ولا سيما قرب سقوط منطقة الزبداني بيد الجيش العربي السوري والمقاومة، وما يعني ذلك من تحصين لعاصمة الحكم دمشق، إضافة إلى ملحقات الاتفاق النووي الإيراني الدولي والمتعلقة بمجمل ملفات الشرق الأوسط الجديد، منها لبنان والتي تميل الكفة فيها إلى إحداث توازن بين «الدول الإقليمية العظمى». لكن لبنانياً، لا يقتصر الحديث في الموضوع الرئاسي على استشراف مصيره، بل بدأ البحث في مواصفات الرئيس العتيد من ضمن ما سيرسو عليه الوضع اللبناني والذي يُرسم كما العادة في دوائر القرار الإقليمية والدولية، وتحديداً في أربع دول يشكل لبنان، بحسب توصيف مصادر سياسية، «أرضاً مشتركة» بينها، جغرافياً وسياسياً وأمنياً، وهي الولايات المتحدة الأميركية وإيران وسورية والسعودية، إضافة إلى لبنان.

لكن المصادر ركزت على أنّ السياسة اللبنانية تدار يوماً بيوم مذكّرة بتجربة حميد فرنجية الذي نام عشية الاستحقاق في أيلول عام 1952، رئيساً للجمهورية، بتزكية إقليمية ودولية، ليستيقظ في يوم الانتخاب على فوز كميل شمعون بالمنصب، لذا توضح المصادر أنه سيكون أكثر من مرشح لرئاسة الجمهورية ومن توجهات مختلفة يحدّدها مسار المرحلة المقبلة، والذي يُراد للبلد أن يسلكه.

وترى المصادر، أنّ «الخيارات الدولية» للبنان تنحصر ضمن ثلاث توجهات: عسكرية، اقتصادية أو مرحلة انتظار. الخيار الأول، تشرح المصادر، هو دخول لبنان التحالف العالمي الجديد ضدّ الإرهاب والدور الذي سيُناط بالجيش اللبناني هو تطهير ما تبقى من أرض لبنانية محتلة من جانب الجماعات التكفيرية، ولا سيما في الجرود وحتى داخل المدن.

وتبعاً لذلك، رأت المصادر أنّ أبرز مرشحين للرئاسة لتنفيذ ما سبق هما قائد الجيش العماد جان قهوجي وسفير لبنان في الفاتيكان العميد جورج خوري. ولفتت المصادر في هذا السياق، إلى أنّ قهوجي سبق وخاض التجربة في عرسال وطرابلس إذ دخل في حرب مباشرة وقاسية ضدّ التكفيريين، ثم بواسطة الحرب الوقائية التي أسقط خلالها شبكات وقيادات كبيرة، أما من بقي حراً فهو لا فعالية له ولا قدرة له على تنفيذ عمل أمني كبير لأنه محاصر في المكان المتواري فيه.

وكان الجيش قادراً على مواصلة مهمته في جرود عرسال، لولا قرار دولي- سعودي فرمل اندفاعة الجيش وذلك بغية إنهاك حزب الله في معارك قاسية في تلك المنطقة.

وتضيف المصادر: «أما إذا كان الخيار لترك لبنان يعالج مشاكله الاقتصادية والمالية التي باتت تضغط بشدة على الدولة والحكومة، من جهة، وتشكّل ذريعة للجماعات الإرهابية تستخدمها من أجل تجنيد مرتزقة لها في المناطق الفقيرة من جهة أخرى، فإنّ رئيس الجمهورية سيكون شخصية اقتصادية ومالية، مرجحة أن يكون الخيار بين حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أو رئيس جمعية المصارف جوزف طربيه».

وبين الخيارين يبرز اتجاه ثالث وهو وضع لبنان في ضوء ما ستؤول إليه خرائط المنطقة، وربما الحاجة إلى مرحلة إدارة الحوار الإقليمي الدولي حول لبنان وتدوير الزوايا، وهنا سمّت المصادر اسمين تتوافق شخصيتيها مع هذا التوجه وهما النائب والوزير السابق جان عبيد أو الوزير السابق زياد بارود الذي كان قد ورد اسمه اللائحة الخماسية التي أعدّها البطريرك الماروني الكاردينال بشارة الراعي، لاختيار اسم منها لرئاسة الجمهورية.

تستدرك المصادر في الختام، أن لا شيء محسوماً لا بمسار وطبيعة المرحلة المقبلة ولا بالنسبة للمرشحين الرئاسيين مكرّرة ما سبق وحصل مع حميد فرنجية عام 1952.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى