صلابة الأرض يعشقها البنيان
حسين ماجد
«بلوطة» صالحة، أصيلة، سليمة، ومستقيمة، غرست برفق، وحرص، وعناية، في تربة خصبة معطاءة، ونمت
سنديانة فتية معززة مكرّمة في بيئة وفية سامية بأحضان صخور عاتية منتشرة على هضاب وتلال جنوب لبنان.
سنديانة قوية باسقة شامخة تربّعت على الرؤوس، وعلت على التيجان، سنديانة عالية رفضت الطعم والتهجين، وانطلقت
بأزهارها وباخضرارها الدائم زينة للبلاد تحتفل بها الجبال والشطآن. سنديانة متناسقة، أينعت ثمارها الحلوة المرة ببلوغها العشرين من الأعوام، عاصية على الوحوش، قاضية على الحشرات والديدان، روائحها عابقة تظلل بنبلها وصفحها الأعالي. والسهول، والوديان، محررة بدمائها الأرض، منتصرة على العدو، وماحية آثار العدوان، مقدمة لعالمنا العربي، دواءً مجرّباً ناجعاً، لتشفيه من معاناته ومن أمراضه المزمنة في النفوس، والعقول، والأبدان.
سنديانة لبنانية جنوبية، لا تهاب الموت، باقية، صامدة، مستمرة بجهادها خمسماية من الأعوام، تناشدنا أن نزرع
شقيقة مثيلة لها في كلّ حقل وفي كلّ بستان، لصدّ العدو وتنظيف الساحة من كلّ متخاذل، وفاسد، وطائفي، ولص، وخائن، وجبان، السنديانة هي مقاومتكم الوطنية، وهي السند لكم والطمأنينة والأمان، إنها فخركم، وعزتكم، وكرامتكم، وحامية لكم في كلّ مكان، وهي الحارسة لوطنكم في مختلف العصور والأزمان.
أيها الوطنيون الشجعان، الحاضرون لإعادة البنيان، لن يهدأ لكم بال، ولن يستقيم لكم الحال في هذا النظام البالي المعدوم الحيل، الخلاص أصبح من المحال وحلم وخيال، استعدّوا إرادة وقدرات، لورشة الهدم والبناء، الهدم للظلم والجور والطغيان، والقضاء على التمييز، وعلى التعصب، والاستغلال، والحرمان، والبناء لمجتمع الجميع، مجتمع مدني علماني، مجتمع الحياة الحرة الكريمة، مجتمع العمل والإنماء والضمانات الاجتماعية، مجتمع المقاومة والصمود، مجتمع العقل والحب والخير والرفاهية والعطاء والمواطنة، مجتمع غايته سعادة كلّ إنسان وكلّ الإنسان.