مؤتمر دفاعي روسي ـ إيراني ـ صيني: حلف عسكري مقابل للقوى الغربية
ناديا شحادة
المتغيرات التي شاهدناها في الآونة الأخيرة في منطقة الشرق الأوسط غيرت موازين القوى العالمية، فلم يعد النظام العالمي اليوم يواجه جنوحاً أميركياً في استخدام القوة التي كنا نشهدها سابقاً في كافة الأزمات والصراعات الدولية، حيث بات واضحاً من خلال النظر الى السياسات الأميركية منذ حرب الخليج الثانية إن الإدارة الأميركية تستعيد في ممارستها نموذج السيطرة الاستعمارية، ولكن الولايات المتحدة الاميركية سلمت بالأمر الواقع، وما لقاء الرئيس الروسي فلاديمير بوتين ووزير خارجيته سيرغي لافروف ووزير خارجية اميركا جون كيري في 12 أيار من العام الجاري إلا اكبر دليل على رضوخ الولايات المتحدة لسياسة الأمر الواقع التي اعتمدت عليها روسيا في سياساتها وكذلك الجمهورية الإسلامية الإيرانية متسلحتان بالقوانين والشرعية الدولية، تلك السياسية التي أعادت قوى عالمية للساحة السياسة من جديد لتفرض وجودها من خلال تشكيل تحالفات للتعاون في ما بينها ومن ضمن تلك التحالفات التحالف الروسي- الصيني- الإيراني وتعزيز التعاون الذي سيعززه المؤتمر الدفاعي الروسي- الصيني- الإيراني المشترك الذي سيعقد في بكين، حيث أعلن وزير الدفاع الإيراني الجنرال حسين دهقان ان بلاده وروسيا والصين تخطط لعقد مؤتمر دفاعي في بكين قريباً.
يؤكد المتابعون على ان هذا التصريح يعتبر بمثابة إعلان عن تشكيل حلف عسكري مقابل للقوى الكبرى، وتكمن أهميته في تقديم إشعار للولايات المتحدة ولحلف «الناتو» عن انشاء حلف متين له القدرة على التصدي وعدم السماح لهم بأن يفعلوا ما يحلو لهما، فتلك الدول تملك قدرة عسكرية لا تقل قوتها وأهمتيها عن ما يمتلك الحلف المعادي، وما يؤكد ذلك تصريحات وزير الدفاع الإيراني الذي أعلن فيها ان المتخصصين الإيرانيين قادرون على تصميم وصنع مختلف انواع المعدات والانظمة العسكرية استناداً إلى نوع التهديدات التي تواجهها البلاد، مؤكداً ان إيران حققت انجازات كثيرة في قطاع الجو والفضاء واستغنت عن الأجانب في هذا القطاع، أضف إلى ذلك الرسائل التي وجهتها روسيا إلى دول الغرب بدءاً من العرض العسكري الكبير بمناسبة اعياد النصر في الحرب الوطنية العظمى الذي تم في 9 أيار من العام الحالي، وكذلك المناورات الصينية الروسية المرعبة التي بدأت في 17 ايار.
فمع ما شهدناه من متغيرات سياسية متسارعة وتحالفات جديدة في الآونة الأخيرة بحيث بات العالم يشهد خمسة قوى استراتيجية كبرى متمثلة في أميركا وأوروبا والصين وروسيا وإيران وبما ان أميركا وأوروبا حليفان استراتيجيان وان أي تقارب روسي- إيراني- صيني من شأنه ان يؤثر على المكانة الاستراتيجية الأميركية والتحفيز الكبير ليس فقط لأميركا ولكن بالنسبة للدول الأوروبية أيضاً، فالنهوض الصيني- الإيراني يشكل تحدياً لا مثيل له بالنسبة الى الغرب وأميركا.
ومع التحالف الروسي- الصيني- الإيراني الذي منع المحور الاميركي- الأوروبي من تحقيق اجنداته، ومع إعلان وزير الدفاع الإيراني عن المؤتمر الدفاعي المشترك يبقى السؤال كيف ستتلقى الدول الغربية وأميركا هكذا تحالف عسكري مشترك بين طهران وموسكو وبكين، وبالذات بعد القلق الذي عاشته كل من أميركا والدول الأوروبية بعد التقارب بين موسكو وبكين حيث شهدت العلاقة تطوراً ملحوظاً بعد تولي فلاديمير بوتين رئاسة روسيا وزاد التقارب بين البلدين في اطار منظمة شنغهاي للتعاون والتي أثارت قلق واشنطن في شكل كبير واتضح في ما بعد أنها مشروع لحلف عسكري كبير.