السيسي: مصر عازمة على استعادة دورها الإقليمي والدولي
عاشت مصر أمس لحظاتٍ هي الأكثر دقّة في تاريخها المعاصر، ففي مشهد وقف فيه التاريخُ أمس على قدميه، نزل المصريون إلى الساحات في المدن والقرى كلها احتفالاً بالرئيس المنتخب لمصر المشير عبد الفتاح السيسي، الذي يُعولّ عليه المصريون كثيراً للخروج من أزماتهم خصوصاً الاقتصادية، وقد استبق «الإخوان» مراسم التنصيب بدعوات إلى نشر العنف والفوضى في البلاد.
وأقيمت بعد ظهر أمس مراسم تنصيب الرئيس المصري المنتخب عبد الفتاح السيسي في قصر الاتحادية في القاهرة بحضور عربي وإيراني وأفريقي كبير ووسط تمثيل غربي متواضع.
وبعد أن صافح الرئيس الجديد الوفود المشاركة في حفل تنصيبه رئيساً لمصر، ألقى كلمة أكد فيها أن مصر ستبدأ مرحلة نهوض شامل داخلياً وخارجياً، مشيراً في خطابه الأول داخل قصر الاتحادية، بعد مراسم تأدية اليمين القانونية رئيساً للبلاد، إلى أن مصر عازمة على استعادة دورها الإقليمي والدولي، آملاً أن تتمكن من الإسهام في تحقيق أمن واستقرار المنطقة.
وفيما أعرب السيسى عن تقديره للملك السعودي عبد الله بن عبد العزيز لدعوته إلى عقد مؤتمر أشقاء وأصدقاء مصر، قال: «أتطلع إلى تعزيز علاقات مصر مع دول العالم». عقب ذلك، وقع الرئيسان المنتخب عبد الفتاح السيسى والمنتهية رئاسته عدلي منصور، على وثيقة تسليم السلطة.
وكان الرئيس المنتهية ولايته المستشار عدلي منصور قال في كلمته خلال الحفل إنه بعد عام من توليه مصر سلّم أمانة الوطن إلى رئيس مصر الجديد، مضيفاً: «مررنا بالكثير وواجهنا العديد من الصعاب».
وكانت مراسم تنصيب السيسي رئيساً لمصر، أقيمت وسط إجراءات أمنية مشددة، وبحضور وفود عربية من بينها وفد لبناني وبعض مسؤولي دول الخليج، والعاهل الأردني الملك عبد الله، ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس وثلاثة رؤساء أفارقة، فيما كان لافتاً التعامل الأميركي والأوروبي الحذر مع هذا الاستحقاق ومشاركتهما الخجولة في حفل التنصيب، إذ اقتصر الحضور الأميركي على مستشار وزير الخارجية الأميركي توماس شانون، وذلك بعدما أكدت واشنطن أن «الولايات المتحدة تريد أن تتعامل مع الرئيس المنتخب» ولكنها «ستراقب عملية الانتقال الديمقراطي» في مصر.
من جهة أخرى، أبدى الاتحاد الأوروبي الحذر نفسه ولم يرسل ممثلاً على مستوى رفيع لحضور مراسم التنصيب، فيما اقتصر حضور معظم الدول الأعضاء في الاتحاد على سفرائها في مصر. وفي هذا الإطار استقبت باريس المراسم بالقول إن «فرنسا مثل معظم شركائها ستكون ممثلة بسفيرها في مصر».
من ناحية أخرى، شاركت روسيا في مراسم التنصيب من خلال وفد ترأسه رئيس البرلمان الروسي سيرغي ناريشكين.
في سياق متصل، وفيما استبعدت مؤسسة الرئاسة المصرية بعض الدول من قائمة المدعوين، من بينها تركيا والكيان «الإسرائيلي»، تمثلت دول الخليج التي ساندت السيسي دوماً وبقوة بولي العهد السعودي الأمير سلمان بن عبد العزيز وأمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الصباح وأمير البحرين حمد بن عيسى، كذلك حضر الملك الأردني عبد الله الثاني ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وشارك أيضاً مساعد وزير الخارجية الإيرانية حسين أمير عبد اللهيان العاصمة في مراسم تنصيب الرئيس المصري المنتخب عبدالفتاح السيسي، إضافة إلى باقي الوفود الممثلة للدول العربية والغربية.
وبعث الشيخ تميم بن حمد آل ثاني أمير دولة قطر ببرقية إلى الرئيس عبد الفتاح السيسي، أعرب فيها عن تهانيه لمناسبة أدائه اليمين الدستورية رئيساً لجمهورية مصر العربية الشقيقة، بحسب وكالة الأنباء القطرية.
وتضاربت الأنباء حول مشاركة قطر في حفل تنصيب السيسي، ففيما ذكرت وكالة أنباء الشرق الأوسط الرسمية أن السفير القطري في مصر سيف بن مقدم البوعينين عاد إلى القاهرة أول من أمس ليشارك في احتفال تنصيب الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي، قالت صحيفة «الأهرام» إن القائم بالأعمال القطري في القاهرة سيشارك في حفل التنصيب، فيما تحدثت معلومات أخرى عن استبعاد قطر من قائمة المدعوين لحفل تنصيب السيسي.
وترأس رئيس مجلس النواب نبيه بري الوفد الرسمي اللبناني الذي توجه إلى القاهرة للمشاركة في حفل تنصيب الرئيس المنتخب عبدالفتاح السيسي رئيساً لمصر.
ومن أفريقيا حضر مراسم التنصيب الرئيس الأريتري أسياس أفورقي ورئيس غينيا الاستوائية تيودورو أوبيانغ نجويما والرئيس التشادي ادريس ديبي.
وكان الرئيس المنتخب عبد الفتاح السيسي، قد أدى صباحاً اليمين الدستورية أمام المحكمة الدستورية العليا في مصر لفترة رئاسية تستمر لأربع سنوات، بحضور بابا الأقباط تواضروس الثاني وشيخ الأزهر أحمد الطيب ورئيس الوزراء ابراهيم محلب وأعضاء حكومته، قائلاً: «أقسم بالله العظيم أن أحافظ مخلصاً على النظام الجمهوري، وأن أحترم الدستور والقانون، وأن أرعى مصالح الشعب رعاية كاملة، وأن أحافظ على استقلال الوطن ووحدة وسلامة أراضيه». وذلك قبيل توجهه إلى قصر الرئاسة في الاتحادية، حيث أطلقت 21 طلقة مدفعية احتفاءً لدى وصوله إلى القصر.
في موازاة ذلك، توافدت منذ الصباح الباكر العشرات من المواطنين المصريين إلى محيط المحكمة الدستورية العليا، للاحتفال بتنصيب الرئيس المنتخب، وقامت الأجهزة الأمنية المصرية بتنفيذ خطة أمنية خاصة بهذا اليوم، حيث كثفت من إجراءاتها بمحيط المحكمة الدستورية ومحيط ميدان مصطفى محمود بمنطقة المهندسين وجميع الأماكن الحيوية والحساسة في القاهرة، تحسّباً لأي عنف من قبل الجماعات الإرهابية قد يعكر صفو المناسبة.
في الأثناء، وجه الرئيس الروسي فلاديمير بوتين دعوة لنظيره المصري السيسي لزيارة موسكو في أقرب فرصة ممكنة.
وقال بوتين في برقية تهنئة وجهها للسيسي بثتها وكالة أنباء «ايتار تاس» أمس إن الفوز الحاسم في الانتخابات دل على المكانة الرفيعة التي يتمتع بها السيسي في مصر. وأضاف أن نتائج التصويت في الانتخابات الرئاسية المصرية أظهرت مدى قوة دعم المصريين للبرنامج السياسي للرئيس السيسي الذي يهدف إلى تحقيق الاستقرار السياسي وتحقيق النمو الاقتصادي وإيجاد حلول فعالية للمشكلات الاجتماعية.
وأشاد بوتين بالحوار البناء القائم بين البلدين الذي يتسم بالثقة والتفاهم معرباً عن استعداده لمواصلة التعاون الثنائي في مختلف المجالات. وتمنى بوتين للسيسي النجاح في عمله كرئيس لمصر وللشعب المصري الازدهار والرخاء والاستقرار.