اليمن على صفيح ساخن والعدوان مستمر…

هشام الهبيشان

تزامناً مع الوقت والعدّ العكسي، من المتوقع أن يستميت السعوديون بمعركتهم العدوانية على اليمن مستندين إلى مجموعة مرتكزات منها الغطاء الدولي المتمثل بالقرار 2216 وعلى قاعدة حلفهم وتحالفهم العشري «ناتو العرب» وعلى أدواتهم بالداخل اليمني، خصوصاً بعد الحديث عن مماطلة سعودية للقبول بالحلّ السياسي، والحديث عن التعاطي السلبي للسعوديين مع مبادرات وحراك مسقط التي تعهد منها «أنصار الله وحلفاؤهم والقوى اليمنية الأخرى «التعاطي الإيجابي مع مقررات القرار الدولي 2216 الخاص باليمن، والواضح اليوم أن السعوديين يتلاعبون ويراوغون في الوقت والسياسة، سعياً إلى تحقيق مكاسب ميدانية جديدة بعمق الشمال اليمني مستقبلاً، وعلى الجانب الآخر أيضاً، بات واضحاً أن السعوديين اليوم يعلمون جيداً ما معنى أن يفتحوا جبهة واسعة جديدة وصراعاً جديداً على حدودهم الجنوبية إن قرروا فعلاً المغامرة والانتحار، في مستنقع الشمال اليمني وخصوصاً بعد وصول المعارك إلى مشارف العاصمة صنعاء، والسعوديون يعلمون ما مدى الخطورة المستقبلية وحجم التداعيات المستقبلية التي ستفرزها هذه المعركة بعمق الشمال اليمني وبالأحرى هم يعلمون حجم الإفرازات المباشرة للانغماس السعودي بهذه المعركة على الداخل السعودي شرقاً وجنوباً.

إن الحرب السعودية الأميركية العدوانية على اليمن منذ بدايتها وإلى اليوم بفصليها «عاصفة الحزم- إعادة الأمل»، أفرزت على ما يبدو واقعاً جديداً في الداخل اليمني شكل صحوة وطنية عند مجموع القوى الوطنية اليمنية داخلياً، فاليوم معظم الفرقاء السياسيين اليمنيين، باستثناء جماعة الإصلاح الإخوانية وأنصار الرئيس هادي والمتحالفين مع السعوديين، يدركون طبيعة مسار هذه الحرب التي تستهدف اليمن، فمعظم صناع ومتخذي القرار اليمنيين اليوم وبمختلف توجهاتهم يعون اليوم وأكثر من أي وقت مضى أن اليمن أصبح ساحة مفتوحة لكل الاحتمالات التي قد تشمل إضافة إلى الحرب الخارجية حرباً داخلية مدعومة بأجندة خارجية تتمثل بسلسلة اغتيالات وتفجيرات وانتشار الجماعات الإرهابية، فالمناخ العام في الداخل اليمني والمرتبط بالأحداث الإقليمية والدولية، بدا يشير بوضوح إلى أن اليمن قد أصبح عبارة عن فوهة بركان قد تنفجر تحت ضغط الخارج لتفجر الإقليم العربي والمنطقة ككل.

اليوم لا يمكن أبداً فصل ما يجري في سورية والعراق وليبيا عما يجري في اليمن، فاليوم هناك معادلة شاملة لكلّ أحداث الإقليم العربي المضطرب، هذه المعادلة من الطبيعي أن تكون لها تداعيات مستقبلية على الجميع بالإقليم العربي والمنطقة ككل، ولكن أن يتم استباق أحداث هذه التداعيات بحرب استباقية كما فعل السعوديون في اليمن، فهذه مغامرة ومقامرة وخطأ فادح ارتكبه السعوديون ومن خلفهم تحالف «عشري» عربي، فاليوم لا يمكن أبداً أن يكون الحل للأزمة اليمنية هو الحرب ومحاولة إخضاع الطرف الآخر وبالقوة لإجباره على تقديم التنازلات، هذه المعادلة قد تصلح في أماكن أخرى، ولكن في اليمن لا يمكن أن تصلح أبدًا لاعتبارات عدة.

الآن يمكن القول إنّ معظم اليمنيين نجحوا في استيعاب واستقراء طبيعة الحرب السعودية الأميركية العدوانية على اليمن، وهم اليوم يعملون على بناء وتجهيز إطار عام للردّ عليها كما تحدث السيد عبد الملك الحوثي القائد العام لجماعة «أنصار الله» في خطابه أخيراً، طبيعة الردّ وشكل الردّ اليمني ما زال طي الكتمان ولم يفصح عنه ساسة وعسكر اليمن، ولكن من الواضح انّ السعوديين بدأوا بدورهم التحضير لاستيعاب الضربة اليمنية كردّ فعل على ما ارتكبته السعودية من تدخل علني بجنوب اليمن، خصوصاً مع وصول المعارك إلى مشارف العاصمة صنعاء، التحضيرات السعودية تبدو أكثر وضوحاً في المناطق الحدودية المحاذية لليمن شمالاً، كما يبدو واضحاً أنّ السعوديين يتحسّبون اليوم لعمليات انتقامية قد يقوم بها بعض الجماعات بمناطق جنوب السعودية وشرقها، في حال اقتراب المعارك من عمق الشمال اليمني.

إنّ جميع القوى الإقليمية والدولية تدرك أنّ مغامرة السعوديين الأخيرة في جنوب اليمن، وإشعال فتيل حرب وصراع جديد في المنطقة، مسرحه الجديد الأراضي اليمنية بمجموعها، ستكون بشكل عام لها تداعيات خطرة على مستقبل استقرار المنطقة الهش والمضطرب بشكل عام، وستكون لنتائج هذه المعركة العدوانية الجديدة للسعوديين بالجنوب اليمني تداعيات خطرة في حال تمددها بشمال اليمن ما سيسهم بشكل أو بآخر في انهيار مسار التسويات لملفات المنطقة كل المنطقة.

ختاماً، يبدو واضحاً أنّ الأسابيع الثلاثة المقبلة ستحمل المزيد من التطورات على الساحة اليمنية، ومن المتوقع أن تكون لها تداعيات مستقبلية خطرة جداً، بحيث تكون لهذه الأسابيع المقبلة الكلمة الفصل وفق نتائجها وأحداثها المنتظرة بأي حديث مقبل يتحدث عن تسويات أو صراعات مفتوحة لتداعيات الحرب العدوانية على اليمن ولمعظم ملفات الإقليم العالقة، وتغيير كامل ومطلق في شروط التفاوض المقبلة بين جميع قوى الإقليم، فالمرحلة المقبلة ستحمل بين طياتها الكثير من التكهنات والتساؤلات بل واحتمال المفاجآت الكبرى، حول طبيعة عدوان السعودية ومساره في اليمن، فالحرب العدوانية ستكون لها أبعاد عدة مستقبلية ومرحلية، ولا يمكن لأحد أن يتنبأ مرحلياً بنتائجها المستقبلية، فمسار المعركة ونتائجها تخضع لتطورات الميدان المتوقعة مستقبلاً.

كاتب وناشط سياسي – الأردن

hesham.awamleh yahoo.com

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى