نصرالله: رئيس الجمهورية «عندنا»
روزانا رمّال
لم يتردّد السيد حسن نصرالله في قول الأمور مكاشفة، كما هي عادته في إيصال رسائل حزبه السياسية وعرض رؤياه في المسائل الداخلية والخارجية، فكان التوقف عند موضوع الرئاسة اللبنانية في رسائله المتعددة الجوانب في خطابه الأخير يحمل دلالات عديدة ليس أقلها الغمز الى بداية تشكّل معادلات جديدة ومشهد جديد بدأت آفاقه تتضح سياسياً في المنطقة، خصوصاً ما يتعلق بالدول المعنية بلبنان او «بالتدخل» او «بالتعاطي» في شؤونه كأساس اهتماماتها.
ليس الجديد انّ المنطقة ومن فيها من دول في حالة حروب باردة معلنة وغير معلنة، وفي حالة صخب سياسي عارم بعدما عصفت به متغيّرات الربيع العربي الذي ما لبث ان ارتدّت تداعياته سلباً على دول عدة، بينها مصر، التي اضطرت لتشهد ثورة أخرى مضادة، أو ليبيا أو تونس أو اليمن، حيث لم تنعم بالاستقرار الكامل، ما شكل ضرورة الى إعادة رسم خريطة النفوذ وتقاسم الصلاحيات والأدوار، إنما الجديد في كلّ هذا والذي أراد السيد نصر الله إيصاله كان ان يحسب في البال والحساب «انّ لحزب الله في قلب معادلات استقرار المنطقة حساباً»، وهذه المرة باعتراف غربي لا يشبه الاعتراف انما يشبه «الخضوع»، بعدما ثبت ما لحزب الله من قدرات على تغيير المعادلات كشريك أساس، وهو «شريك الحرب» السورية.
حصة حزب الله ودوره، هو ما جاء صراحة على لسان وزير خارجية الولايات المتحدة الاميركية في بيروت، حيث وجه إلى الحزب مع روسيا وايران دعوة مباشرة الى المساعدة والعمل على إعادة الاستقرار إلى سورية والمنطقة.
الخارجية الأميركية ردت وسارعت إلى استدراك الموقف «المقصود والمحسوب» بالقول إنها «لا تزال تعتبر حزب الله إرهابياً»، لكن، يبدو واقعاً أنّ ما قاله كيري لم يكن زلة لسان على الإطلاق، فزيارته التي لم يلتق فيها اياً من فريق 14 آذار لفتت الأنظار كثيراً وربما طابقت القول مع الفعل… ثم لا يمكن فصل حزب الله عن إيران في معادلة «الإرهابي وداعمه»، فإيران التي كانت يوماً ما بالنسبة إلى الأميركي، داعم للإرهاب كحزب الله وحركات المقاومة هي اليوم مدعوة من كيري للمساعدة على حفظ الاستقرار فهل هذا الكلام زلة لسان أيضاً؟
هذا ما أراده نصر الله ان يصل كرسالة صريحة وواضحة فالمشهد تغيّر كثيراً و«حزب الله القوي» يستطيع الحديث عن مساعٍ لانتخاب رئيس لبناني بامتياز، لذلك دعا السيد نصر الله إلى عدم انتظار الغرب أو العرب أو اي دولة إقليمية كانت او دولية، لكي تقوم بمساعٍ ترفع عن لبنان ظلّ الفراغ الرئاسي، فلبنان اليوم ليس على جدول أعمال دول المنطقة كملف أساس، والأهمّ حسب السيد نصر الله الا يضغط أحد أو يفرض على حزب الله ايّ مرشح او يختار ما لا يرضيه في صفقة تتخطاه لأنه شريك وليس تابعاً… فيا ايها اللبنانيون لا يمكن انتظار صفقة رئاسية لا يوافق حزب الله على الرئيس فيها، ولا يمكن ان تعتمدوا على الإطلاق على أي نوع من الضغوط، فإيران الحليف الأساس معروف عنها أنها تحترم حلفاءها في كلّ مكان كما قال السيد نصر الله، وإذا كنتم تنتظرون أي لقاء إيراني – سعودي فهو غير معروف الموعد حتى الساعة ولا جدول الأعمال حتى، او بكلام آخر من غير المعروف ان يكون ملف الاستحقاق الرئاسي اللبناني مطروح في أيّ لقاء قريب. وعليه فإن الأمين العام لحزب الله يلفت صراحة الى انّ استحقاق الرئاسة «عندنا» و «معنا» فقط…
يبدو انّ لبنان لن يكون تحت نظر العالم والقوى الإقليمية إلا بعين الحفاظ على الأمن، وهذا تحقق مع الحكومة الحالية، ولن يهتم احد بالرئاسة اللبنانية ولا بمرشحيها ولا بسجالاتها، كلّ هذا شدد عليه كيري في زيارته التي جاءت بدورها للاطمئنان على الحكومة اللبنانية ولدعم تسلّمها صلاحيات الرئاسة.
والواضح أنّ اهتمامات كلّ من الإيرانيين والسعوديين الأول في المنطقة هو «أمن مناطق النزاع» ولبنان بالنسبة اليهما أشدها أمناً، والعين أولاً على اليمن والعراق.