لبنان.. وأمد الانتظار
هتاف دهّام
تمرّ منطقة الشرق الأوسط بمرحلة انتقالية بانتظار تبلور مفاعيل الاتفاق النووي في أيلول المقبل مع عودة الكونغرس الاميركي للاجتماع وما إذا كان سيصوّت بـ «نعم» أو «لا» على الاتفاق. وتلوح في الأفق تسوية لأزمة اليمن متوازنة تأخذ في الاعتبار مصالح المملكة العربية السعودية والجمهورية الإسلامية الايرانية، وتقوم على إحكام الرياض سيطرتها على الجنوب في اليمن، لا سيما أنّ المعارك التي تجري في الجنوب تصبّ في مصلحتها، وفي الوقت نفسه لا تريد طهران أن تكسر اليد السعودية في اليمن، لأنّ البديل هو «القاعدة».
ويرى رئيس مجلس النواب نبيه بري أنّ هناك تطوّراً في الملف اليمني، وأنّ اللحظة الراهنة في اليمن تتيح إنتاج حلّ سياسي وتسوية سياسية، الأمر الذي سيترك تأثيراته الإيجابية على مجمل الوضع الاقليمي، لا سيما أنّ الملف اليمني أقلّ تعقيداً، وبالتالي هناك إمكان للوصول الى حلّ للأزمة.
لا تقابل التسوية في اليمن، تسوية في الملف السوري، ولا تزال المواقف الإيرانية والسورية والروسية من جهة متباعدة من المواقف السعودية والغربية، صحيح أنّ تقدّماً حصل في الموقف الأميركي حين لم تعد إدارة الرئيس باراك أوباما تضع تنحّي الرئيس السوري بشار الأسد شرطاً للحلّ السياسي في سورية، بمعنى التسليم ببقاء الرئيس الأسد. كذلك التطوّر في الموقف السعودي بالموافقة على التشدّد الأميركي في ضرورة المحافظة على هياكل الدولة السورية، وصحيح انّه من المتوقع أن تنتهي معركة الزبداني خلال ساعات، وأنّ هذه المعركة التي تأتي متزامنة مع الحراك الروسي لإيجاد حلّ للأزمة السورية قد تؤسّس لـ«ستاتيكو» معيّن قبل التسوية، بمعزل عن نجاحها أو عدمه، لكن كلّ ذلك لم يترجم على صعيد إحداث خرق في إمكان إيجاد حلّ سياسي للأزمة لغاية اللحظة، وليس هناك من مؤشرات لحلّ قريب.
لكن ما هو تأثير ذلك على الوضع اللبناني؟ هل سيطيل أمد الانتظار؟ أم انّ الدول الاقليمية ستجد طريقة لحلّ الأزمة اللبنانية؟ ففي ظلّ من يسعى الى ربط الوضع اللبناني بالأزمة السورية وانتظار النتائج المترتبة عليها، أبدى الرئيس بري رفضه ان يربط الملف اللبناني بالملفات الأخرى، مؤكداً انّ اللبنانيين أساؤوا في أدائهم للبلد وسمحوا بالمداخلات الخارجية، لكن يمكن للحلّ اللبناني أن يولد بعيداً من تأثيرات أيّ أزمة خارجية.
وتنقسم القوى السياسية اللبنانية بين اتجاهين، ففي الوقت الذي يميل فريق 8 آذار إلى تحريك الوضع اللبناني بصورة مباشرة من دون انتظار الملفات الإقليمية، فإنّ فريق 14 آذار يميل إلى حالة الانتظار انطلاقاً من التصوّر السعودي بتأجيل الملف اللبناني المبني على أولوية اليمن، ثم الملف السوري وانتهاء بالملف اللبناني، وهذا ظهر في التصعيد السعودي بانقلاب تيار المستقبل بشخص الرئيس سعد الحريري على رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون في ملف التعيينات الأمنية والعسكرية بعدما كانا اتفقا على ذلك.
في مقابل ذلك، سُرّبت معلومات أنّ لبنان قد يتعرّض في هذا الوقت الضائع، لعملية «إسرائيلية» او لاعتداء «إسرائيلي» مفاجئ، وأن حزب الله تلقى تقارير أمنية عسكرية منذ مدة تضمّنت إشارات إلى استعدادات «إسرائيلية» غير معلنة لحرب قريبة محتملة، غير أنّ مسؤولاً عسكرياً في حزب الله، أكد خلال لقاء مع عدد من كوادر الحزب أنّ احتمالات الحرب مع «إسرائيل» بقدر ما هي محتملة، بقدر ما هي بعيدة في هذه الظروف، وقيادة الحزب تعتبر أنّ المناورة «الإسرائيلية» الأخيرة فشلت، وحزب الله دوماً وعند كلّ مناورة «إسرائيلية» يكون في أعلى جاهزيته واستنفاره، كما أنه في حالة استنفار دائم… وفي حال أيّ هجوم «إسرائيلي»، فإنّ الحزب سيطلق في الدقيقة الأولى آلاف الصواريخ المدمرة باتجاه مراكز حساسة داخل العمق «الاسرائيلي» بموجب بيان إحداثيات دقيق ومدروس، وستفاجأ «إسرائيل» بقدرات حزب الله الصاروخية المتطوّرة التي عمل حزب الله على بنائها في شكل مستمرّ منذ حرب تموز 2006.