واكيم: تيار المستقبل رعى ظاهرة الأسير وعدم محاكمته سينتج أسيراً ثانياً وثالثاً…

حاورته روزانا رمال

أكد رئيس حركة الشعب النائب السابق نجاح واكيم أنّ الإرهابي أحمد الأسير «هو أداة ويجب أن يحاكم، لكن أيضاً يجب محاكمة الجهة التي رعت ودعمت وغطت هذه الظاهرة الإرهابية»، مشيراً إلى أنه «طالما أنّ الجهة التي فبركت هذه الظاهرة قائمة ولا تُمسّ ستبقى تفبرك أسيراً ثانياً وثالثاً».

ولفت واكيم في حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» إلى أنّ «السعودية تحتضن المنظمات الإرهابية وتغذيها وتعمل من خلالها لتدمير البلدان العربية المهيأة لمواجهة العدو الصهيوني، وهي تقف خلف ما يحصل في سورية من عدوان دولي متعدّد الأطراف والذي كانت اليد الطولى والخفية فيه لإسرائيل».

واتهم واكيم تيار المستقبل بأنه «الجهة الراعية لظاهرة الأسير، وليس كما يسمّي نفسه تيار الاعتدال، لأنه موّل فتح الإسلام ورعى الأسير»، معتبراً «أنّ الأخير لا يختلف عن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ولا عن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، فكلهم ظاهرة واحدة».

واتهم واكيم السعودية «بنهب أربعين مليار دولار من لبنان منذ العام 1993 الى اليوم، ويظهر ذلك من خلال الارتفاع الكبير للدين العام بفترة قصيرة الناتج عن الفوائد المرتفعة على سندات الخزينة».

وفي الملف الرئاسي، أوضح واكيم أنه «لم يأت رئيس جمهورية في لبنان إلا ضمن معادلة إقليمية دولية»، منتقداً تصريحات وأداء العماد ميشال عون، لا سيما «في موضوع الفيدرالية وقانون الانتخاب وخطابه الطائفي»، مشدّداً على أنّ رئيس الجمهورية «ينتجه التوافق بين القوى الإقليمية والدولية».

وذكّر واكيم بأنّ اتفاق الطائف «أعاد تركيب المعادلة من جديد من ثنائية سنية ـ مارونية إلى ثنائية سنية – شيعية لاعتبارات لها علاقة بالمعادلة الإقليمية في مرحلة التسعينات أكثر منها لاعتبارات داخلية».

واذ استبعد واكيم الوصول إلى حلول للأزمة السورية حتى الآن، أكد «أنّ الصراع مستمرّ لأنّ مستقبل كلّ المنطقة يتوقف على مستقبل الصراع في سورية».

وشدّد واكيم على أنه اذا صمدت سورية، فمستقبل النظام العالمي سيكون مختلفاً عما تريده الولايات المتحدة، وأوضح أنّ عوامل عدة منعت سقوطها وافشلت المشروع الأميركي «الاسرائيلي» وهي الموقف الروسي والايراني وموقف الشعب السوري وتماسك الجيش، وشجاعة الرئيس بشار الاسد الفائقة والتي كانت العامل الحاسم لمنع انكسار سورية والمنطقة.

وفي ما يلي وقائع الحوار:

بداية كيف تقوّم عملية إلقاء القبض على أحمد الأسير التي نفذها الأمن العام؟

أولاً، نحيّي الأمن العام على الجهود التي قام بها لإنجاح عملية القبض على الفار أحمد الأسير، لكنّ الحدث الأبرز في العميلة هو أنّ اعترافات الأسير تضمنت أسماء للذين ساعدوه وأبرزهم جهة سياسية في لبنان، والغريب أنّ أحد الأشخاص المتورّطين الذي سهل له وأواه ودعمه في فترة ما، يعمل لدى النائب بهية الحريري، وأنّ استدعاء هذا الشخص كان مشروطاً بعدم توقيفه وجرت الاتصالات السياسية لعدم توقيفه وذهب إلى التحقيق في موكب تابع للحريري وأدلى بإفادته وعاد، فمن الذي لقنه الإفادة؟ وهل تخدم أم تضلل التحقيق؟ وخصوصاً إذا ربطنا ذلك بـ«فتح الإسلام» بعد أن تبيّن لاحقاً أنّ من سهّل لهم الخروج من مخيم عين الحلوة إلى البداوي ووفر لهم الإمكانات هو التيار نفسه والحريري نفسها، أي الجهة نفسها التي دعمت الأسير.

الأسير أداة ويجب أن يُحاكم، لكن أيضاً يجب محاكمة الجهة التي رعت ودعمت وغطت هذه الظاهرة الإرهابية لا أن تُحاكم الأداة ويُحيَّد ويُحجَب التحقيق عن الجهة التي خلقت هذه الظاهرة، وطالما أنّ الجهة التي فبركت هذه الظاهرة قائمة ولا تمسّ ستبقى تفبرك أسيراً ثانياً وثالثاً، هذه التنظيمات كـ»فتح الإسلام» وغيرها تهدّد السلم الأهلي وأمن المخيمات الفلسطينية.

من جهة أخرى، فإنّ السعودية أيضاً تحتضن التنظيمات الإرهابية وتغذيها وتعمل من خلالها لتدمير البلدان العربية المهيأة لمواجهة العدو الصهيوني، السعودية كانت وراء تدمير العراق وجيشه وضرب الدولة المصرية وإضعاف جيشها، وهي تقف أيضاً خلف ما يحصل في سورية من عدوان دولي متعدّد الأطراف والذي كانت اليد الطولى والخفية فيه لـ«إسرائيل»، أما الأدوات الظاهرة التي تنفذ مشروع تدمير سورية وإضعاف جيشها فهي قطر والسعودية وغيرهما.

يجب أن يطاول التحقيق كلّ المتورطين في قضية الأسير. ونحن نسأل: كيف يُنقل الموقوف الذي يعمل لدى الحريري بموكبٍ تابعٍ لنائب وكيف تمّت عملية ضمان النتيجة سلفاً بأنه لن يتمّ توقيفه؟ وكيف عرفوا أنه لن يكون متورطاً؟ في حين أنه يجب أن يبقى موقوفاً حتى يصدر الحكم؟

هل ساهم تيار المستقبل في تسليم الأسير أم أنه تفاجأ بإلقاء القبض عليه؟

تيار المستقبل ربّى الأسير وبات قلقاً من أن يكبر، كيف نحمي السلم والاستقرار فيما الجهات التي غطت ظاهرة الأسير لا تزال من دون محاسبة؟ حالة الأسير كحالة تنظيم «داعش» وغيره من التنظيمات الإرهابية التي أنشأتها أميركا ورعتها منذ حرب أفغانستان في السبعينات، ومن ربى الدب جاء ليحدّد حجمه فتمرد، هذه التنظيمات لديها وظيفة تؤديها للولايات المتحدة وحلفاؤها الخليجيون، الإرهاب الذي يضرب في المنطقة أحياناً قد يزعج الغرب لكنه يؤذي معظم الأحيان أعداء الغرب، لطالما كان دور الجيش السوري هو مواجهة العدو «الإسرائيلي»، وما جرى ويجري في سورية منذ أربع سنوات حتى الآن هو إشغال الجيش السوري الذي اضطر لمواجهة العدوان في معظم المناطق السورية، لكن بعيداً عن الجبهة التي هي موقعه الطبيعي أي الجبهة مع «إسرائيل» التي استفادت، بدورها، من ظاهرة الإرهاب.

وفي المقابل، هناك تصريح صوتي ومصور لوزير الخارجية السعودي الأسبق سعود الفيصل يقول فيه «نحن ندعم الجهاديين في مواجهة النظام السوري»، وهذا إقرار بأنّ السعودية رعت المنظمات الإرهابية. الجرائم التي ارتكبت في سورية والعراق واليمن وليبيا تتحمل مسؤليتها أنظمة ومحميات الخليج لا سيما السعودية وقطر، أميركا دخلت إلى العراق واحتلته عبر قطر والكويت السعودية والأردن والنتيجة كانت تفكيك الدولة العراقية والجيش العراقي. وبالعودة إلى ظاهرة الأسير، فإنّ تيار المستقبل هو الجهة الراعية لها، هذا التيار هو ليس كما يسمي نفسه تيار الاعتدال لأنه مول «فتح الإسلام» ورعى الأسير.

هل تتخوف من ردّات فعل على خلفية إلقاء القبض على الأسير، وقد سمعنا النائب خالد الضاهر يقول له: لست وحدك ووصفه بالبريء والمظلوم؟

ـ إذا سقطت سورية لن يبق شيء اسمه لبنان، ومن يتآمر على سورية يتآمر على لبنان، فريق «المستقبل» وحلفاؤه مرّروا الإرهابيين عبر مطار بيروت إلى سورية، وحصلت ضغوط سياسية لمنع اعتقال رجل قطري قبض عليه وهو يوزع أموالاً على الإرهابيين في لبنان. وإلا فمن أرسل بواخر الأسلحة من عبر لبنان إلى سورية لتدميرها؟ إنّ تداعيات إلقاء القبض على الأسير ستكون خطيرة إذا لم يكن التحقيق سليماً ونزيهاً.

هل يتحمّل فريق 8 آذار مسؤولية ما عن الاحتقان في الشارع السنّي وتوليد هذه المجموعات الإرهابية لا سيما بعد إسقاط حكومة الرئيس سعد الحريري وتشكيل حكومة الرئيس نجيب ميقاتي؟

أنا لا أعترف بكلّ الطوائف في لبنان، الأمراض المتولدة عن هذا النظام الطائفي أوصلت لبنان إلى هذا الواقع، إفلاس وفساد وسرقات، الرئيس ميقاتي لا يختلف عن سعد الحريري وزعماء الطوائف الأخرى، من قرّر أنّ الحريري مسلم أكثر من ميقاتي؟ تشكيل حكومة ميقاتي ولدت هذا الاحتقان، والتنظيمات الإرهابية ظهرت وعملت في لبنان قبل تشكيل حكومة ميقاتي، المواطن السني مظلوم كما المواطن الماروني والشيعي والسني من هذا النظام الطائفي. عندما نهب آل الحريري وسط بيروت من ظلم؟ 80 في المئة من أصحاب الأملاك والمصالح هم من السنة، فمن يكون قد ظلمهم؟ كلّ عائلة لبنانية تدفع شهرياً حوالي 100 دولار ناتجة عن الدين العام الذي ذهب ريعه لـ 1500 شخص. لستُ مطمئناً إلى أنّ العدالة ستأخذ مجراها في قضية الأسير وأنّ التدخلات السياسية لن تؤثر بل بدأت تؤثر فعلاً فور اعتقاله، الأسير لا يختلف عن رئيس القوات اللبنانية سمير جعجع ولا عن رئيس اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط، فكلهم ظاهرة واحدة، جعجع وجنبلاط مارسوا القتل على الهوية والخطف والذبح وارتكاب الجرائم، وحجم ما ارتكبه الأسير متواضع قياساً بما ارتكبته هذه الطبقة السياسية، وخصوصاً جنبلاط وجعجع. إنّ نمو الإرهاب يأتي من الفقر والجهل والمسؤول عن إفقار البلد هي طبقة سياسية من اللصوص، دمرت اقتصاد البلد والبنية الاجتماعية ومنظومة القيم عند المواطن، «المستقبل» يعمل خدمة للسعودية ومعظم القوى السياسية كانت خادمة عند دول تريد شراً بلبنان، السعودية لم تعطِ لبنان، بل، بالأرقام، هي التي نهبت من لبنان منذ العام 1993 حتى اليوم ما يربو عن أربعين مليار دولار ويظهر ذلك من خلال الارتفاع الكبير للدين العام بفترة قصيرة الناتج عن الفوائد على سندات الخزينة، ومن حصّل الفوائد هم المقرضون ونصفهم خليجيون ونصفهم الآخر من اللبنانيين وجنسيات أخرى متعدّدة ومن الأسرة الحاكمة السعودية. أخذوا نصف عائدات الدين العام ولم تقدم السعودية شيئاً، نهبت 45 مليار دولار ووعدت بـ 3 ميارات دولار كمساعدات للجيش اللبناني وملياراً آخر لكننا حتى الآن لم نرَ شيئاً.

هل تعتبر أنّ تمسُّك حزب الله بمرشحه الأوحد لرئاسة الجمهورية رئيس تكتل التغير والإصلاح العماد ميشال عون هو الذي يعطل إنجاز الاستحقاق الرئاسي؟

لم يأتِ رئيس جمهورية في لبنان إلا ضمن معادلة إقليمية ـ دولية، ولا رئيس حكومة ولا حكومة ولا رئيس ومجلس نيابي، المعادلة الخارجية غائبة منذ العام 2005 لذلك لبنان يمرّ بمرحلة انتقالية والسلطة القائمة هي سلطة انتقالية، لا فرق بين وجود رئيس جمهورية وعدمه، لا أحد يبكي على الرئيس السابق ميشال سليمان، الذي عليه أن يقول لنا هل الساعات التي تلقاها في قطر تمّ بيعها؟ الرئيس إميل لحود رجل ذو قيمة وطنية كبيرة لذلك يغيب عن المشهد. حزب الله لديه اعتبارات في موضوع الرئاسة، أنا أرى تصريحات وأداء العماد عون سيئ جداً، وخصوصاً عن موضوع الفيدرالية وقانون الانتخاب وخطابه الطائفي أكثر من أي زعيم آخر، أنا ضدّ الطائفية التي دمرت البلد، رأيي يختلف عن رأي حزب الله في ما يخصّ العماد عون، وضدّ أي طائفة تتكلم طائفياً، رئيس الجمهورية ينتجه التوافق بين القوى الإقليمية والدولية صاحبة النفوذ في البلد، الرئيس لا يُصنع في الداخل.

رئيس الحكومة هو حصة للسعودية وايران تدعم رئيس مجلس النواب، فرنسا كانت الأم الحنون للبنان، لماذا لا تتمسّك بدعم المسيحيين وكأنّ كرسي رئاسة الجمهورية متروكة للجميع ليتدخلوا فيها؟

هذا يقودنا إلى ما حصل في الطائف وكيف أعيد تركيب المعادلة من جديد من ثنائية سنية ـ مارونية إلى ثنائية سنية شيعية، لاعتبارات لها علاقة بالمعادلة الإقليمية في مرحلة التسعينات أكثر من اعتبارات داخلية. دائماً الانتخابات النيابية وشدّ العصب تكون عند المسيحيين ومحسومة عند بقية الطوائف، ليس لأنّ المسيحيين ديمقراطيون، بل لأنّ دور المسيحي إما أن يُرجِّح الكفة الشيعية وإما السنية.

بين التصعيد السعودي من جهة والليونة من جهة أخرى، ما هو مستقبل التقارب السعودي ـ السوري؟

لا أرى حلولاً للأزمة السورية حتى الآن، هناك صراع وأحياناً قسم منه على الأرض وقسم منه في أقنية المخابرات والأروقة الديبلوماسية، الصراع مستمر لأنّ مستقبل كلّ المنطقة يتوقف على مستقبل الصراع في سورية كما قال أمس السيد علي خامنئي وهو رجل ليس في حاجة إلى شهادة على أهمية موقعه ورؤيته. تحدث عن مشروع أميركي لتقسيم سورية والعراق وهذا المشروع ما زال قائماً ونجاحه ومستقبل العرب يتوقف على صمود سورية.

سورية هي ستالين غراد الحرب العالمية القائمة اليوم، إذا صمدت سورية فمستقبل النظام العالمي سيكون مختلفاً عما تريده الولايات المتحدة، كان مقرّراً لسورية أن ستقط في العام 2012 حسب الروزنامة الأميركية وعوامل عدة منعت سقوطها وأفشلت المشروع الأميركي ـ «الإسرائيلي» وهي أولاً الموقف الروسي والإيراني وموقف الشعب السوري وتماسك الجيش، وشجاعة الرئيس بشار الأسد الفائقة الذي عكس الصورة التي حاول الإعلام تصويره، هو رجل شجاع ذو أخلاق رفيعة وإنساني جداً، لكن أنا شخصياً لم أكن أتصوره بهذه الصلابة وقدرته على مواجهة الحملة الإرهابية، هذا كان العامل الحاسم لمنع انكسار سورية والمنطقة، الصراع مستمر في سورية ولن تبدأ ملامح التسوية بالظهور حتى مطلع العام المقبل، وما نشهده الآن هو عملية كسب للنقاط.

ألم يبعث توقيع الاتفاق النووي الإيراني الأمل بحلّ الأزمة السورية؟

الصراع لا ينتهي عادة بالضربة القاضية بل بالنقاط، توقيع الاتفاق النووي شكل نقطة كبيرة جداً لمصلحة محور المقاومة لكنها ليست حاسمة، صمود الجيش السوري والتحول في الرأي العام العربي نقاط لمصلحة محور المقاومة، مصر يمكن أن تلعب دوراً يكسب الأمة العربية. إنّ توجهات مصر إيجابية بشكل عام، لكن يجب أن تكون أكثر وضوحاً وحسماً ما يساعد على قلب الصراع لمصلحتنا كعرب ومصر أولاً.

يُبثّ هذا الحوار كاملاً اليوم الساعة الخامسة مساءً ويعاد بثه عند الحادية عشرة ليلاً على قناة «توب نيوز» تردّد 12034

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى