بيان مجلس الأمن حول سورية: دعم الحلّ السياسي على قاعدة تقاسم النفوذ

ع. ا.

وافق مجلس الأمن الدولي على بيان سياسيّ حول سورية صاغته فرنسا. ويتألف البيان من 16 بنداً، وكان قيد التفاوض منذ أن قدّم مبعوث الأمم المتحدة إلى سورية ستيفان دي ميستورا لمجلس الأمن، الشهر الماضي، رؤيته الجديدة لعقد مباحثات سلام. ولقي البيان تحفظاً من فنزويلا على بعض البنود التي تتحدث عن انتقال سياسي لإنهاء النزاع المستمر منذ أربع سنوات.

وتنصّ مبادرة السلام هذه، والتي من المفترض أن تنطلق في أيلول، على تشكيل أربع فرق عمل لبحث المسائل التالية: «السلامة والحماية، مكافحة الإرهاب، القضايا السياسية والقانونية، وإعادة الإعمار».

وطالب مجلس الأمن كل الأطراف المعنية بالعمل على إنهاء الحرب عبر «إطلاق عملية سياسية بقيادة سورية تقود الى انتقال سياسي يلبي التطلعات المشروعة للشعب السوري.

وتتضمّن العملية السياسية «إقامة هيئة حاكمة انتقالية جامعة لديها كل الصلاحيات التنفيذية، يتم تشكيلها على قاعدة التوافق المشترك مع ضمان استمرارية المؤسسات الحكومية»، فيما لم يتطرّق البيان إلى مستقبل الرئيس السوري بشار الأسد. هذا وطلب مجلس الأمن أن يطلعه الأمين العام للأمم المتحدة بان كي مون، على سير المرحلة الثانية من المشاورات بقيادة مبعوثه خلال تسعين يوماً.

من الواضح أن الحراك المتمثل بتكريس مسار الحل السياسي في سورية بدأ وعلى أعلى المستويات، ووجد اليوم طريقه إلى مجلس الأمن الدولي عبر بيان رئاسيّ لا يملك صفة الإلزام، بل يعد وثيقةً من وثائق الأمم المتحدة الخاصة بالحرب على سورية. لكن، على رغم ذلك، فإن مضمون الخطط المقدّمة حول سورية بات يراعي التالي ويعمل على تكريسه:

ـ خلق أقطاب للحكم في سورية على قاعدة تقاسم السلطة وحكم الغالبية والديمقراطية وفق التعابير التي تستخدمها واشنطن والتي أدّت في نموذجها في منطقتنا إلى الحالتين اللبنانية المستمرة منذ أكثر من عقدين، والنموذج العراقي المتفسّخ بين الطائفي والقومي والإرهاب وميليشيات الفساد.

ـ ربط محاربة الإرهاب بأولوية تشكيل هيئة حكم انتقالية في البلاد وشرطه، وفي هذا التفاف على ضرورة هذه الحرب ومحاولةٌ لقطف ثمارها سياسياً قبل الشروع بعملية إنهاء الإرهاب الذي صار خطراً يهدّد كافة القوى الدولية والإقليمية.

ـ تقسيم البلاد بشكل غير مباشر عبر تقاسم النفوذ الإقليمي في ما يسمى هيئة الحكم الانتقالية والتي ستقود العملية الانتقالية في البلاد. وهنا يأتي دور النفوذ على الأرض في تحديد القوى المشاركة في «هيئة الحكم الانتقالية الجامعة التي لديها كل الصلاحيات التنفيذية».

ـ مصير الرئيس السوري صار خارج إطار الشروط الدولية للحلّ في سورية. لكن هذا لا يعني أنه خارج التفاوض الخاص بتشكيل هيئة الحكم الانتقالية. وحتى تفسير معنى مصطلح «كل الصلاحيات التنفيذية»، فملف الصلاحيات هنا حساس للغاية، خصوصاً أن للرئيس السوري صلاحيات سياسية واسعة وعسكرية مطلقة وحزبية كاملة.

إن ضمان استمرار عمل المؤسسات الحكومية في البلاد وعدم طرح مصير الرئيس السوري يُعتبران تطورين بارزين في البيان السياسي الرئاسي الأول الذي يصدر حول سورية منذ سنتين. لكن تقسيم سورية يبقى واضحاً في صوغ أي جهد سياسي سواء كان أممياً أو إقليمياً أو دولياً، يتعلق بشكل الحل السياسي المرجو في البلاد.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى