قالت له
قالت له: لو تعلم كم تسكنني صورتك وتعيش في نسيج روحي شخصيتك، وأراك الرجل الذي لا مثيل له بين الرجال، بعدما قرّرت أن أتعرّف إلى غيرك منهم. وعرفت بينهم من أعطاني من حلو الكلام ما كنت تقوله لي، ومن وعدني بجميل الأيام ما كنت تضعه بين يدي بلا وعود. وعرفت من رسم لي وعوداً عن مكانة وقيمة سأنالهما لمجرّد وجودي قربه وأخذه بيدي بعدما كنت أخذتني منها ولملمت أشلائي، وصنعت منها ولها مجداً ومكانة وقيمة. ظننت مع كلّ منهم أنني سأنال الكثير مما نلت قليله معك. لكن ما كان منهم، كان كلاماً ووعداً، وما كنت تتكلم ولا تعد، بل تفاجئني أنّك فعلت لكنه الفعل الذي يقلّ عما يختزنه الكلام، وتعبّر عنه الأحلام وقد عشت أحلاماً أحسستك فيها طيباً، إنما محدود القدرة. وأحسست أنني أستحق الأفضل. وها أنا الآن و قد عدت إليك أعلم أن ما لديك لي دائماً سيبقى الأفضل والأمثل، ولا أحلم بسواه. فهل تعلم أن هذا دليل على أنني احبك الان أفضل مما أحببتك من قبل، وأن تعلقي بك أعمق من تعلقي الأول لأنني الآن لا أريد منك شيئاً ولا أتطلع لشيء معك، إنما أكتفي بأن أراك عن بعد وأعيش وجودك داخلي مهما كان اسم الذي سيكون بيننا. فقد أيقنت أن العلاقة بالرجال بمن فيهم أنت ليست شيئاً أريده، وأنني قرّرت أن الزواج هو عقد شراكة بالعقل والمصلحة وببرودة عقود الشراكة وجفافها، التي تقوم لمشروع يديره اثنان. والأسرة هي من هذا النوع من المشاريع، زواج مع شريك أمين على عائدات المشروع، ويمتنع عن شراكات المضارَبة. فهل سأنال ما أريد؟
فقال لها: الحزن المخيّم على كلماتك لن يدوم، لكن الأكيد أن فيه صدق المشاعر ووصلتني رسالتك وأقدّرها. وسأبقى وفياً لها. لكنك بعد هذا النضج ستجدين حبّك الكبير وتجدينني أنا من يراقب عن بعد، ويكتفي بالمكانة التي تضعينه فيها ضمن حياتك. فالحب والحزن ثنائية يتناوبها العشاق حتى يقع حبّ أقوى يسرق الحبيب من حبيبه. وطالما كنت الأشدّ شجاعة على المجازفة مع الأقل، فستفوزين بها مع الأكثر .