عودة… لا عودة!
قالت له: آن لنا أن نصحو. المطر هطل، و ا بار أعطت ماءها. تمر ا يام بطيئة خاوية، سقطت معها كلّ ا مال. هدوء خانق يخيّم. وحدها فكرة ملحّة نمت داخلي كما تنمو شجرة الأرز عنيدة أصيلة. الحياة لعبة، وما عادت تعجبني. حرّيتي عبء ثقيل، وعيناي تغلق ا فق عليّ. تعال يا ابن بلدي إلى الوطن نشدّ الرحال. أتعلم أنني انتظرت طويلاً؟ لن أنتظر.
قال لها: نرجع إلى وطن ما زالت نيران الحرب فيه مستعرة. وموت عبثيّ يتربّص على قارعة الطرقات. متى كرهت الحياة؟ مات أهلك وحرمنا سعادة الشباب. أنا أريد تعذيبك، لكن تذكري ا يام القاسية التي مضت. تذكري الدماء.
قالت له: أن أخطو إلى موتي ببسالة، خطوة وراء خطوة. أقل إيلاماً من أن أحيا أجزاء إنسان. هنا جسد، وهناك في الوطن فكر، وقلب، وعيون وأشواق. بلادي صارت بعيدة جدّاً، وأخاف ألّا أراها. أريد أن أعيش بحكم العادة.
قال لها: أنا لم أولد إ في عينيك. ومعك صنعت أصدق الأحلام. أريد لحبّنا أن يغدو كبيراً وجميلاً. لذا هربنا إلى الأمان. تذوبين كالشمعة أمامي وتنهمرين من بين الأصابع. الألم يعتصر كياني. هناك حرب، موت وخراب. وهنا ترقب، حزن وانتظار. أيّ خطيئة ارتكبناها تستحقّ هذا الانتقام؟
قالت له: لطالما كنت أحمل حقيبتي وأمضي. لكنني أنتظر. أنتظرك. ليس عندي ما أقوله بعد. أنت أعلم منّي بكل شيء. أنت لي كلّ شيء. تعال معي. فإما نموت معاً، أو نزرع جنّة خلاصنا على أرض الوطن.
رانيا الصوص