اليمن يبدأ حرب الاستنزاف والصواريخ… وتبادل سفارات إيراني بريطاني أردوغان يضع صفقة غزة مقابل رئاسته… وصواريخ تليها غارة في الجولان

كتب المحرر السياسي

«منذ يومين تمكن الجيش الوطني واللجان الثورية والشعبية من إيقاف التوغل السعودي في الجغرافيا اليمنية، وبدأت حرب استنزاف لقوات الاحتلال بنصب الأفخاخ والكمائن لدباباتها، خصوصاً حيث تصطادها مجموعات صواريخ الكورنيت المحترفة، بينما شنّ الجيش هجوماً معاكساً على السعوديين في تعز فاسترجع المطار والمرفأ، ويحكم سيطرته على المداخل والمواقع الحساسة في محافظات إب ومأرب والبيضاء. ورداً على قصف ميناء الحديدة قامت وحدات الصواريخ الاستراتيجية بتوجيه صواريخ توتشكا الباليستية إلى الميناء الحربي السعودي في محافظة جيزان السعودية الحدودية، والمعلوم أن صواريخ التوتشكا تتسم بدقة الإصابة، والمسار العسكري سيشهد تغيّراً نوعياً في الأيام المقبلة».

هذا ما قاله مصدر عسكري يمني لـ«البناء» في توصيف المشهد الراهن، بعد وصول الجهود الهادفة لوقف القتال التي يقودها المبعوث الأممي إسماعيل ولد شيخ أحمد إلى الطريق المسدود بسبب التعنّت السعودي المبني على الغطرسة ووهم القوة وسوء تفسير الرغبة بالوصول إلى حلّ سياسي ترافق مع مرونة عسكرية من الجيش واللجان خلال الشهر الماضي.

مع تعليق الحلّ السياسي لليمن إلى ما بعد الصحوة السعودية، والصدمة التي سينتجها التحوّل الميداني المرتقب، كانت العلاقات الإيرانية الغربية تسلك مسارات التطبيع غير آبهة بالتحفظ السعودي، فبعد التأييد الأميركي لحق إيران في الحصول على صواريخ «أس 300»، حسمت بريطانيا وإيران قرار تبادل السفارات في لندن وطهران، بينما تتوافد يومياً وفقاً لمصدر إيراني مطلع عشرات الوفود الاقتصادية الفرنسية والإيطالية والألمانية والبريطانية إلى طهران.

في الجبهة السورية حيث التقدّم في الزبداني بات خطاً ثابتاً لحساب الجيش السوري والمقاومة، وحيث يتمّ كلّ يوم قيام مجموعات من عشرات المسلحين بتسليم أنفسهم، تشهد جبهة سهل الغاب تقدّماً مشابهاً، بينما كان التطوّر الأبرز هو التسخين الذي شهدته جبهة الجولان، عندما تساقطت أربعة صواريخ قالت البيانات «الإسرائيلية» إنها استهدفت إصبع الجليل وإنّ مصدرها الجولان السوري، متهمة حركة الجهاد الإسلامي بإطلاقها، وقامت بقصف مواقع للمدفعية السورية في منطقة القنيطرة رداً على الصواريخ.

التصعيد في جبهة الجولان المفتوحة على التسخين بين فترة وأخرى وورود الاتهام «الإسرائيلي» لحركة الجهاد يتزامن مع تصعيد متبادل بين الجهاد وقوات الاحتلال في غزة، بعدما هدّدت الجهاد بنسف الهدنة في غزة ما لم يتمّ الإفراج عن المعتقل الفلسطيني محمد علان الذي خرج إلى الحرية أمس، ويأتي هذا التصعيد كما تشير التقارير «الإسرائيلية» التي تمتلئ بها الصحافة والمواقع «الإسرائيلية»، على خلفية مساع تركية لترتيبات تتصل بقطاع غزة تقف الجهاد ضدّها بقوة وتهدّد بتخريب أي فرص أمامها.

مساعي أردوغان التي قطعت شوطاً هاماً وصل حدّ بدء مفاوضات بين حركة حماس وحكومة بنيامين نتنياهو، يقول البعض إنها بلغت مرحلة الجلوس إلى طاولة واحدة، وتقول تقارير أخرى إنها لا تزال تتمّ عبر الوسيط التركي صاحب المبادرة المدعومة من الوسيط الدولي رئيس الرباعية توني بلير.

تقوم مبادرة أردوغان أو مشروع الصفقة، على مقايضة «سلام إسرائيلي» مع حماس تصبح فيه غزة تدريجياً هي الدولة الفلسطينية المستقلة، بالتزام حماس وقف القتال ضدّ «إسرائيل» والاكتفاء بالعمل السياسي خارج غزة، وتتعهّد «إسرائيل» بالسماح بتسلم حماس المعابر والمطار والمرفأ، وقيام الأتراك بالرقابة على عدم خرق ضوابط الأمن «الإسرائيلي» عبرها بعد قيامهم بتأهيلها بتمويل قطري.

الصفقة تعني مواصلة تهويد الضفة الغربية والقدس، واستثمار الحصار لتسويق خروج قطاع غزة من المعركة الفلسطينية، بما يمنح «إسرائيل» أمناً استراتيجياً، يبدو أنّ في حماس معارضة شديدة تعطل السير فيه لكنها معارضة تستند إلى رفض حركة الجهاد وتستقوي به، ويبدو العائد التركي من الصفقة ضمان بلير و»الإسرائيليين» الحصول على ضمانة أميركية بمؤازرة أردوغان لاسترداد رئاسة الحكومة والغالبية النيابية لإعادة إمساك دفة الحكم.

في لبنان ثلاثية توزعت أخبار الأمس، تراجعت حظوظ الحلحلة الحكومية ومعها فرص انعقاد جلسة قريبة، بينما بدا أنّ حظوظ اكتمال التفاهم على الدورة الاستثنائية للمجلس النيابي ترتفع، ليكون التوافق الذي رعاه العماد ميشال عون داخل التيار الوطني الحرّ لتتويج الوزير جبران باسيل على رأس التيار، بعد انسحاب منافسه النائب ألان عون منعاً لما وصفه بالتداعيات على وحدة التيار.

لبنان وإدارة الفراغ الطويل

يبدو أن لبنان مستمر في إدارة الفراغ الطويل الأمد بانتظار جلاء الملفات الكبرى، وسيتجلى ملء الفراغ في الوقت الضائع بملفات النفايات والكهرباء وتوقيف الإرهابي أحمد الأسير الذي بمقدار ما نجحت الأجهزة الأمنية وأبدعت في عملية القبض عليه، بمقدار ما تغلغلت السياسة إلى الملفّ وبقوة فأفسدته.

فهل ستأخذ قضية الأسير البعد الحقيقي لكشف ما يجب كشفه من أمور خطيرة، أم أن هذه القضية سيتم حصرها ضمن إطار أمني ضيق على الطريقة اللبنانية التي تتبع مع قضايا كهذه؟ لقد استنفذ الأمن العام كل إمكانيات التحقيق مع الأسير قبل تحويله إلى مخابرات الجيش المعني مباشرة بإماطة اللثام عما ارتكبه الأسير بحق الجيش، ويبقى الأساس في هذه القضية الإرادة السياسية الجامعة في النظر إلى الملف من منظار ما أحدثه من خطر على الأمن الوطني اللبناني. ويظهر أن منظومة التمييع السياسي لملف الأسير بدأت تؤدي دورها بالتدخل مباشرة بقطع الطريق على العناصر المتورطة، وخير مثال على ذلك الجهد الذي بذلته النائبة بهية الحريري مع أكثر من مرجع كبير لكي لا يطاول محمد علي الشريف الذي يعمل ضمن جهازها الإداري الذي مهما جرت محاولات لفلفة القضية، إلا أنّ المؤكد أنه سلم نفسه ضمن اتفاق مسبق على أن يخلى سبيله في اليوم نفسه، علماً أنّ الشريف آوى الأسير ليلتين في منزله بعد اعتداء الأخير على الجيش، إضافة إلى أنّ مراجع عليا في البلد قامت بتسريب خبر التوقيف بسرعة غير مسبوقة، من أجل تسهيل فرار أحمد الشامي.

ملف الأسير والبازار السياسي

أدخل ملف الأسير إذاً ضمن البازار السياسي في التعاطي مع القضايا الكبرى، وتحوّل الانجاز الكبير الذي حققه الأمن العام إلى وجهة نظر، خصوصاً أنّ المعلومات تقول إنّ الأمن العام حقق إنجازه بإرادة صلبة ضمن منظومة أمنية إقليمية ودولية، بالتالي فإنّ الإنجاز لم يكن خاضعاً لاعتبارات لبنانية، لكن بعد إلقاء القبض عليه أصبحت قضية الأسير أسيرة الاعتبارات اللبنانية وأدخلت في لعبة الزواريب. والسؤال هل الطبقة السياسية الحاكمة على ضفتي الاشتباك ستدفع بالقضية إلى النهاية ويفتح صندوق الأسرار الكبرى في ما يتعلق بما قامت به هذه الطبقة في لحظة خطيرة من تاريخ لبنان، أم أنّ المصلحة لهذه الطبقة هو خنق هذه القضية ضمن رؤية أمنية ضيقة يجعلها في ركب غيرها من القضايا التي سبقتها في منطق المعالجات للقضايا الكبرى؟

وفي سياق متصل، أملت كتلة الوفاء للمقاومة بأن يترك القضاء يقوم بواجبه بملف الأسير، محذرة من التدخلات السياسية التي تعيق العدالة.

وجددت الكتلة بعد اجتماعها الأسبوعي دعوتها تيار المستقبل للكفّ عن «الهروب من التواصل والحوار مع التيار الوطني الحر الذي لا يمكن إقصاؤه وعزله فضلاً عن تجاهل مطالبه، خصوصاً لجهة تحقيق الشراكة الوطنية التي يقوم عليها بنيان الدولة ومؤسساتها».

«المستقبل»: لا قانون انتخاب قبل انتخاب الرئيس

إلى ذلك، لا تزال الاتصالات مستمرة لفتح دورة استثنائية لمجلس النواب ضمن تسوية معينة تراعي جميع المكونات السياسية، بالتوازي مع المساعي التوافقية التي لا تزال تراوح مكانها لإعادة تحريك العمل الحكومي.

ونقل عن رئيس مجلس النواب نبيه بري «أنه لا يضع فيتو على تضمين جدول الأعمال قانون الانتخاب وطرح قوانين الانتخاب في الجلسة العامة، لا سيما بعدما أكد تكتل التغيير والإصلاح وحزب القوات ضرورة إدراج قانوني الانتخاب واستعادة الجنسية على جدول أي جلسة تشريعية».

في المقابل، أكدت مصادر نيابية في تيار المستقبل لـ«البناء» أنّ كتلة المستقبل لن تقبل بإقرار أي قانون انتخابي قبل انتخاب رئيس للجمهورية الذي من المفروض أن يكون له رأي في القانون كما هي الحال في تعيين قائد الجيش». ولفتت المصادر إلى «أنّ الأجواء غير مناسبة لإقرار قانون انتخاب في ظلّ الفراغ الرئاسي، ولذلك نقول إنّ أهون الأمور لإعادة دورة حياة المؤسسات الدستورية هو النزول إلى مجلس النواب وانتخاب رئيس».

وبحث رئيس الحكومة تمام سلام مع نائب رئيس مجلس الوزراء وزير الدفاع الوطني سمير مقبل ووزير المال علي حسن خليل الوضع الحكومي وأزمة رواتب القطاع العام .وأكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن رئيس الحكومة سيدعو إلى جلسة في أسرع وقت، وان الاتجاه إذا استمر التيار الوطني الحر في سياسة تعطيل العمل الحكومي، الاكتفاء بموافقة 18 وزيراً على إقرار بنود جدول الأعمال».

ونبّه وزير التربية الياس بو صعب إلى «أنّ هناك محاولة لسحب ملف النفايات من وزارة البيئة وإعادته إلى مجلس الإنماء والإعمار». وقال: «البعض طرح خصخصة النفايات واعترضنا على هذا الطرح لأنّه كارثي». وأعرب بو صعب عن عدم تفاؤله في ملف النفايات. وقال: «كان يجب أن ينتج من مكب برج حمود مشروع «لينور» وما أقوله هو فرز هذا الجبل وبدء المشروع».

«الكتائب» إلى الشارع

من ناحية أخرى، تدرس اللجنة الوزارية خيارات لحلّ أزمة النفايات في المدى القريب ومنها التصدير وإيجاد مطامر صحية على مستوى المحافظات، إلا أن لا اتفاق على أي اقتراح حتى الساعة. وأكد وزير العمل سجعان قزي لـ«البناء» «أن وزراء الكتائب سيعطون الحكومة مهلة حتى يوم الثلاثاء موعد اجتماع اللجنة، وعلى ضوء ما ستخرج به اللجنة سنتصرف». وإذ دعا الشعب اللبناني بمختلف أطيافه إلى النزول إلى الشارع، أكد أننا كحزب كتائب وزراء ونواب سننزل مع اللبنانيين لوضع حد لما يجري، فهذا الملف يستأهل العناية أكثر».

أكسيوم في بيروت

إلى ذلك، يصل إلى بيروت مطلع الأسبوع المقبل نائب مساعد وزير الدفاع الأميركي للسياسة الشرق أوسطية والمستشار الأول للوزير لبرامج التعاون الدفاعي التي تضم المشتريات العسكرية في المنطقة أندرو أكسيوم، لعقد لقاءات مع عدد من المسؤولين ومن بينهم وزير الدفاع سمير مقبل وقائد الجيش العماد جان قهوجي».

وأكدت مصادر مطلعة لـ«البناء» أنّ الزيارة هي بروتوكولية ومن المتعارف عليه أن يزور الدول التي تقع ضمن نطاق عمله في منطقة الشرق الأوسط». ولفتت المصادر إلى «أنّ أكسيوم سيطلع على الوضع الأمني وعلى جاهزية الجيش في مواجهة الأخطار التي تشكلها الجماعات الإرهابية على الحدود ومدى استعداد لبنان لمواجهة ذلك، وسيشدّد على برنامج المساعدات العسكرية الأميركية للجيش الذي بدأ في عام 2006.

ألان عون ينسحب لإدراكه خطورة التداعيات

وسط كلّ هذا المأزق السياسي والأمني، انسحب النائب ألان عون من المنافسة على رئاسة التيار الوطني الحر بوجه الوزير جبران باسيل نزولاً عند رغبة رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون. وقال: «انطلاقاً من ثقتي المستمرة بشخصه، وإدراكاً مني لخطورة التداعيات على وحدة التيار، خصوصاً في هذه المرحلة التي يتعرض فيها للاستهداف السياسي الكبير، أدعوكم جميعاً إلى تجاوز تلك المحطة والاستمرار في العمل سوياً يداً بيد لخير هذا التيار ومستقبله».

وشدد العماد عون بدوره في كلمة له خلال اللقاء مع ناشطي وكوادر الوطني الحر في الرابية بحضور باسيل وعون «أن لا رابح ولا خاسر جراء التفاهم بل الكلّ رابحون لأنه جاء نتيجة رغبة الأكثرية الساحقة»، وقال: «أنا الضمانة لكم ولكن أتمنى أن تصبحوا ضمانة بعضكم البعض في المستقبل».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى