وقوف الجمهوريين ضدّ الاتفاق النووي مع إيران حوّل كلّ ديمقراطي يعارضه إلى خائن
كتب حيمي شليف في صحيفة «هاآرتس» العبرية:
يمكن أن يكون الأمر قد انقضى. الصراع على إفشال الاتفاق النووي مع إيران من خلال الكونغرس، الذي كانت فرصته ضعيفة منذ البداية، الصراع موجود على أبواب الفشل. الامل الاخير لبنيامين نتنياهو والجمهوريين هم الإيرانيون أنفسهم: خطوة هستيرية وعنيفة من طهران يمكنها تغيير الصورة الآن، ومن الافضل أن توجّه ضد الولايات المتحدة لا «إسرائيل». محاولة «إسرائيل» تحويل هجوم الصواريخ في الشمال في نهاية الاسبوع إلى مسدس مدخن يُدين إيران أمام الكونغرس، فشلت فشلاً ذريعاً.
وعلى رغم الاستطلاعات الخطيرة عن تراجع تأييد الجمهور الأميركي للاتفاق، وعلى رغم التقارير المخجلة عن انتقال جزء من الرقابة إلى أيدي الإيرانيين أنفسهم، فإن الايام الاخيرة تشير إلى التراجع في مصلحة الإدارة. سيناتوران ديمقراطيان من ولايات محافظة اعتُبرا معارضين محتملين، مثل كلير مكسكيل من ميسوري، وجو دونلي من إنديانا، انضمّا إلى المؤيدين. عضو الكونغرس جيري ندلر، الذي تشمل منطقة انتخابه الجالية اليهودية في بورو في بروكلين، أعلن يوم الجمعة أنه سيصوّت مع الاتفاق وكان المُشرّع اليهودي الأوّل من نيويورك الذي وقف إلى جانب أوباما، وسيأتي آخرون في أعقابه.
بقي القليل فقط من المعارضين الذين يتحدثون عن الانتصار في المواجهة: الصراع هو من أجل الهزيمة باحترام، الامر الذي يريد النظام أن يمنعه. جسم حاسم ضد الفيتو لن يكون كما يبدو السؤال هو: هل سيتم تقديم اقتراح قرار ضد الاتفاق. بحسب القوانين المتبعة في مجلس الشيوخ فإنه مطلوب غالبية 60 نائباً لمنع فيليباستر والتمكين من التصويت: لكي يحدث هذا يجب انضمام اربعة ديمقراطيين إلى السيناتورين تشاك شومر وروبرت مننديز، اللذان أعلنا معارضتهما الاتفاق. هذا العائق يمكن تجاوزه، لكنه عالٍ جداً.
الرئيس أوباما لا يوفر جهداً لإقناع حزبه بعدم تجاوز الخطوط. التقدير الذي يقول إن «إسرائيل» واللوبي يمكنها التغلب على الرئيس في ما يتعلق بالعلاقات الخارجية والأمن القومي، كان مبالغاً فيه من البداية. من خلف أوباما يقف معظم المصوّتين له: 56 في المئة قالوا في استطلاع «CNN» الذي نُشِر في نهاية الاسبوع، إن على الكونغرس إفشال الاتفاق. 70 في المئة من الذين يعتبرون أنفسهم ديمقراطيين قالوا العكس: الجمهور يعارض الاتفاق. الجمهور هو شعار جيد في وسائل الاعلام، لكنه غير قادر على الدفاع عن المشرّعين الديمقراطيين الذين يقفون أمام خيار متجدد، ويخشون من انتقام ناخبيهم الغاضبين في الانتخابات التمهيدية.
معارضة الجمهوريين التوحيديين للاتفاق خدمت أوباما لأنها حوّلت كل ديمقراطي يعارض الاتفاق إلى خائن. لو كان للمعارضين القليل من العقلانية لكانوا أقنعوا عدداً من الجمهوريين بالتمرّد على حزبهم لإظهار أنه يوجد ما يشبه حرية الرأي، الامر الذي كان سيمهّد الطريق أمام من يريد الخروج ضد الاتفاق لمن هم وراء المتراس.
السيناتور الجمهوري بوب كوركر المعارض للاتفاق، اعترف مؤخراً بنجاح الادعاء الرئيس لأوباما في نقاشه مع مُشرّعيه: هذا هو الاتفاق وليس هناك غيره، والبديل أصعب كثيراً، لـ«إسرائيل» أيضاً. محاولة نتنياهو وعدد من الجمهوريين الادعاء أنه يمكن العودة إلى طاولة المفاوضات وإخراج اتفاق أفضل من الإيرانيين، غير صادقة يفضل التمسك بالموقف القديم الذي قرر أنه يفضل عدم وجود الاتفاق.
إن رفض الاتفاق بشكل كامل وهستيري كان في غير مصلحة المعارضين: لم يتناسب مع التقارير والتصريحات والعرائض لمئات الخبراء النوويين، الجنرالات المتقاعدين والسفراء وموظفين سابقين قاموا بمنح المظلة للادارة. فقد أكثر معارضو الاتفاق من الاعلانات التهديدية في التلفاز وفي اللوبي الشخصي الضاغط، لكنهم لم ينجحوا في تجنيد الخبراء الذين لهم وزن لتشكيل جسم موازٍ. وبخلاف الانطباع من الحملة المقلقة لدونالد ترامب من البيت الابيض، ما زالوا في الولايات المتحدة يولون أهمية لأقوال الخبراء.
إعلان التأييد الذي نشره 26 زعيماً يهودياً سابقاً في «نيويورك تايمز» الأميركية يوم الخميس، يؤثر أيضاً على شعور الراحة من النظام. العريضة وقّع عليها أشخاص معروفون لدى الكثيرين في واشنطن، وهذا فضح الادّعاء بأن الجمهور اليهودي، باستثناء جي ستريت، متّحد مع نتنياهو، وأعطى الشرعية لخطوات ندلر. كارهو «إسرائيل» يحتفلون بسبب الشرخ الذي نشأ في المعسكر اليهودي والضربة التي ستنزل بقوة ردع «آيباك»، حيث الفشل كان متوقعاً مسبقاً، وبالقدر نفسه يوجد للفاشلين زعم معروف عن اللاسامية: كل هذا بسبب اليهود اليساريين الذين يطعنون في الظهر، من عامي إيلون وأفرايم هليفي ومروراً بجي ستريت وانتهاء بصندوق «إسرائيل» الجديد.