لتوسيط عمان مع دول الخليج أم للاستعانة بها لدور تخريبي ضدّ سورية؟
عمان ـ خاص ـ محمد شريف الجيوسي
تحدثت شبكة الوقائع الإخبارية الأردنية عن أزمة دبلوماسية كانت وشيكة بين الأردن وقطر، إذ كما تقول الشبكة «لم يكن منتظراً أن يخرج بيان الديوان الملكي الأردني حول الزيارة الهامة والخاطفة لأمير قطر الشيخ تميم بن حمد آل ثاني إلى العاصمة الأردنية عمان، أول أمس، عن الصيغة البروتوكولية المعتادة التي تنحصر في بحث العلاقات بين البلدين وآليات تعزيزها، والتنسيق والتشاور حيال مختلف القضايا الثنائية والعربية والإقليمية» .
وقالت أن الزيارة تأتي في ظل قطع الحلفاء الخليجيين التقليديين للأردن السعودية والامارات علاقتهما الدبلوماسية مع قطر، في سابقة تاريخية لم يسبق للبيت الخليجي أن شهدها، الأمر الذي يشي بهدف الزيارة.
كما أنها تأتي في أعقاب القمة العربية التي عقدت مؤخراً في دولة الكويت، والتي لم تنجح في رأب الصدع بين «القادة» الخليجيين، ما دفع أمير قطر للجوء إلى طرف لا ينتمي لمجلس التعاون الخليجي ويملك قدرة أكبر على المناورة، خصوصا بعد إعلان الأردن صراحة وقوفه على الحياد في الأزمة الخليجية.
وبحسب ما سرب من كواليس اللقاء، كان لافتاً اضطرار أمير قطر للإنتظار قرابة 15 دقيقة داخل الطائرة الأميرية بعد أن هبطت في المطار صباح الأحد.
وأشارت مصادر خاصة إلى وقوع تقصير متعمد من قبل مسؤولين في التشريفات الملكية أدى إلى تأخير مراسم استقبال أمير قطر، وكاد أن يتسبب بأزمة دبلوماسية بين البلدين.
أمير قطر توجه للقاء الملك في قصر بسمان حيث تخلل اللقاء،الذي استغرق 40 دقيقة، مأدبة غداء مغلقة بطلب من الأمير تميم، بحسب ذات المصادر، اقتصر الحضور فيها على الأمير علي بن الحسين، ورئيس الديوان الملكي الهاشمي، ومدير مكتب الملك عبد الله الثاني، فيما غاب وزير الخارجية ناصر جودة عن مجمل اللقاء.
وكشفت مصادر دبلوماسية عن محاولة شخصيات أردنية تشغل «مناصب تقنية» إحباط وإلغاء الزيارة، بيد أن القرار الأمني والسياسي فرض نفسه، وأنتصر لما أعتبرها مصلحة الأردن بعيداً عن أهواء وأجندات البعض.
ونقلت المصادر عن جهات «سيادية» لم تخف غضبها من محاولات بائسة جرت لإفشال الزيارة، وقولها «أي الجهات السيادية» أن «الوطن أكبر من منافع البعض الشخصية».
من جهتها نقلت شبكة أخبار البلد عن مراقبين قولهم بان زيارة أمير قطر الأولى للأردن والتي استمرت ساعات، اتسمت بأهمية خاصة من حيث التوقيت وموقع عمان الحليفة لدول الخليج المختلفة…
وأكدت مصادر أردنية أن موعد الزيارة حدد سلفاً قبل القمة العربية في الكويت وقرار دول الخليج الثلاث السعودية والإمارات والبحرين سحب سفرائها من قطر. لكنها على أي حال تأتي في ظل فتور علاقات عمّان والدوحة، علاوة على أن الأردن حليف رئيس للحكم الجديد في مصر الذي جاء بعد ثورة الشعب المصري في 30 تموز 2013 الماضي.
وعلى مستوى العلاقات الثنائية الأردنية القطرية، يبرز العتب الرسمي الأردني الذي يعبر عنه مسؤولون بشكل خافت حيال ما يرونه عدم التزام قطر تجاه تنفيذ المنحة الخليجية للأردن والتي يبلغ نصيب الدوحة منها 1.25 مليار دولار تقسط على مدى 5 أعوام، فيما ألتزمت الرياض والكويت وأبو ظبي.
وتبرز تساؤلات في عمان، إن كانت زيارة أمير دولة قطر ستدشن وساطة أردنية معلنة أو سرية بين الدوحة وعواصم الخليج الثلاث، وهل ستفتح آفاقا جديدة في علاقات البلدين،التي تراوحت بين التوتر والجمود والفتور،منذ عقد ونصف من الزمن تقريبا.
وعبر الأمير تميم في تصريحات – نقلها عنه بيان للديوان الملكي الأردني- بأن الزيارة «ستتيح لنا فرصة طيبة لتبادل الرأي والتشاور معاً حول أهم قضايانا العربية والإسلامية التي تتطلب منا تعزيز التعاون وتدعيم التنسيق بين بلدينا الشقيقين، لا سيما في هذه الظروف الدقيقة والتحديات الكبيرة التي تحيط بأمتنا العربية».
واعتبرت رئيسة تحرير صحيفة الغد الأردنية جمانة غنيمات أن زيارة أمير قطر ستفتح صفحة جديدة في علاقات الدوحة وعمان بعد أن مرت بسنوات من الفتور إن لم يكن الجمود.
وأشارت إلى أن المراقبين في عمان ينظرون بعين الرضا لعودة التوازن إلى السياسة الخارجية الأردنية إن أحسنت استغلال الزيارة القطرية لجهة عودة علاقات الأردن المتوازنة مع كافة الأطراف العربية.
واعتبرت غنيمات أن عمان ربما أرادت من استقبالها أمير قطر في هذا التوقيت بعث «رسائل عتب» لحلفائها الخليجيين الذين ترى عمان أنهم قصروا بدعم اقتصادها في الوقت الذي تتدفق فيه المنح الخليجية على مصر ولبنان.
وخلصت إلى أن نتائج الزيارة ستظهر في الأيام القليلة المقبلة، وستتضح إن كانت الزيارة قد أحدثت فصلاً جديداً في علاقات البلدين،أو فتحت آفاقا لوساطة أردنية داخل البيت الخليجي، أم ظلت زيارة بروتوكولية أبقت الوضع على ما هو عليه.
يشار إلى أن سياسيين أردنيين رصدوا ما وصف بالهجوم من نشطاء إماراتيين بشكل خاص على الأردن لاستقباله أمير قطر في هذا التوقيت، غير أنهم اعتبروا من المبكر معرفة مدى انسجام هذا الهجوم مع الموقف الرسمي للإمارات أحد أوثق حلفاء الأردن.
مراقبون قالوا أن الأردن الرسمي، في كل الأحوال وبغض النظر عن هدف الزيارة وخلفياتها وتاريخ برمجتها، وعن احتمال تعلقها أيضاً بمحاولة قطر استعادة موقعها التآمري التخريبي الذي فشلت فيه سابقا، ضد سورية، فإن الأردن الرسمي لن يخسر شيئاً من الزيارة وهي تعزز موقعه بين كل الأطراف الخليجية من داخلها، من جهة ومع أطراف أخرى، في حال رفض الطلب القطري المتوقع، بخاصة أنه بدأ يستشعر مخاطر عودة الجماعات الإرهابية المسلحة اليه.
واستبعد مراقبون أن يكون تأخير استقبال أمير قطر جراء جوانب شخصية أو فنية، فقطر لم تقدم للأردن الرسمي غير الإنتظار الممض وهجمات الجزيرة الإعلامية، وهي الآن تختلف مع 3 من أنظمة الخليج من بين 5 أنظمة، والنظامان الآخران أحدهما لا تربطه بها علاقات طيبة منذ وقت، وهي أيضاً لم ترد لسورية على مدى 3 سنوات غير السوء … وليس في وارد الأردن الآن على الأقل التورط أكثر مما حدث … وإن كانت هناك رغبة من هذا القبيل فالأرجح أن يكون بالتعاون مع السعودية .