الشقق السرية للاستخبارات الفرنسية في بيروت: فضيحة ملاكيه
يوسف المصري «البناء» خاص
لا تزال الفضيحة التي بقيت مكتومة في لبنان، تتفاعل في باريس، وفحواها ما حصل منذ أسابيع مع رئيس محطة الاستخبارات الفرنسية في بيروت دوني ملاكيه عندما استضاف والدي زوجته التركية الاصل، حيث أنزلهما في شقة في السوديكو تستخدمها الاستخبارات الفرنسية في بيروت « كبيت آمن « لضباطها الآتين من فرنسا في طريقهم لتنفيذ مهمام استخباراتية في سورية أو لدى عودتهم منها مغادرين الى فرنسا . والخطأ الذي ارتكبه ملاكيه انه فاخر امام والدي زوجته بأن هذه الشقة خاصة بالاستخبارات الفرنسية، وهي واحدة من شقق عدة . وما فات ملاكيه انه لم يكن يتوقع ما حصل بعد ساعات من إقامة والدي زوجته في شقة السوديكو السرية، حيث بادرا للتباهي على صفحتهما في الفايسبوك بانهما يقيمان في شقة خاصة بالمخابرات الفرنسية كضيفين على الجمهورية الفرنسية . وأدى هذا الامر الى حالة غضب من قبل الجهاز الاستخباراتي الذي يعمل لمصلحته ملاكيه DGSE -جهاز الاستخبارات الخارجية الفرنسية – . وتفاعل الامر الى حد استدعائه الى باريس للتحقيق معه واتخاذ إجراءات تأديبية بحقه، مع العلم ان ملاكيه يخدم ضمن هذا الجهاز منذ قرابة ثلاثة عقود .
وتجدر الاشارة بحسب مصادر فرنسية، الى ان موقع رئاسة محطة الاستخبارات الفرنسية في بيروت الذي يشغله ملاكيه، اصبح منذ عام 2011 اكثر اهمية بنظر باريس، بسبب إقفال السفارة الفرنسية في دمشق ونقل عدد كبير من موظفيها الى سفارة فرنسا في بيروت . وقاد هذا الاجراء الى جعل محطة الاستخبارات الفرنسية في بيروت الموجودة في سفارة باريس في لبنان هي المسؤولة عن تسيير النشاط الاستخباراتي الفرنسي في سوريا وايضا في لبنان .
وابرز ما كشفته فضيحة ملاكيه، هو ان الاستخبارات الفرنسية تستخدم العاصمة بيروت منذ اندلاع الاحداث السورية، كملاذ امن إستاجرت فيها شققا سرية تستخدمها « كبيوت امنة « يقيم فيها ضباط استخبارات فرنسيون قبل انطلاقهم لتنفيذ اعمال استخباراتية في الداخل السوري، وايضا كمنتجعات للراحة بعد عودتهم وقبيل مغادرتهم الى وطنهم .
وتشير المصادر ذاتها الى ان الاستخبارات الخارجية الفرنسية قامت خلال المرحلة القريبة الماضية، بالاعتماد على دور محطة استخباراتها في بيروت بعمليات عدة في سورية، كان منها عملية إخلاء مراسلة صحيفة لفيغارو الفرنسية التي كانت جريحة في حمص، وتم نقلها الى لبنان بعملية امنية منسقة مع المعارضة السورية ومن دون علم السلطات الرسمية السورية . وكانت جرت هذه العملية منذ نحو عامين ما يدلل على ان نشاط محطة الاستخبارات الفرنسية في بيروت باتجاه تنفيذ مهمات في سورية قائم على الأقل منذ ذلك الحين . وتقول هذه المصادر ان أكثر ما يزعج باريس في قضية ملاكيه هو انها كشفت أن الاستخبارات الفرنسية تستخدم لبنان، وبخاصة بيروت كملاذ آمن لعملائها الناشطين ليس فقط على المستوى المعلوماتي بل أيضاً على مستوى تنفيذ مهمام قتالية في سورية .
وكشفت هذه المصادر أن التحقيق الداخلي الذي تجريه الاستخبارات الخارجية الفرنسية مع ملاكيه، يتمحور بالاساس حول انه تصرف بخفة تجاه أمر حساس للدولة الفرنسية يحرج علاقتها بلبنان . وإذ استبعدت هذه المصادر ان يتم اخراج ملاكيه من الجهاز نظرا لخدماته الطويلة فيه، إلا انها اكدت انه لن يعود الى منصبه في بيروت . وترجح ان يتم لفترة انتقالية تعيين شخص اخر مكانه على ان يبقى ذلك من دون الاعلان عنه . ونقلت هذه المصادر ان فضيحة ملاكيه تسببت بإحراج كبير للسفارة الفرنسية في بيروت اذ. سلطت الضوء عليها كوكر للاستخبارات الفرنسية بأكثر مما هي ممثلة للخارجية الفرنسية، وأظهرت صلتها المباشرة بتنفيذ سياسات فرنسا الاستخباراتية ضد سورية . وتفيد معلومات ان السفير الفرنسي في لبنان بتريس بولي ابدى استياءا من الخفة التي تعاطى بها ملاكيه، خاصة لجهة انها تترك نتائج سيئة على مهمته السياسية في لبنان. معروف ان بولي كان قبل تعيينه سفيرا في بيروت يشغل منصب مدير لقسم الشرق الاوسط في وزارة الخارجية في باريس، وجاء تعيينه بعد السفير السابق دوني بيتون المحسوب على الخط المتشدد ضد سورية وفريق 8 آذار اللبناني . ولذلك حاول بولي ان يحيد بالشكل دبلوماسيته في لبنان عن الانطباع الفج الذي تركه سلفه بيتون . ولكن فضيحة ملاكيه أضرت بمسعاه هذا .