افسحوا مجالاً للحبّ
الحبّ، ذلك الإحساس الذي يفوق كل إحساس يمكن أن يحدث للإنسان. إنه أجمل إحساس يمكن أن يحصل للإنسان. دعوه ينساب في داخلنا انسياب الماء في الأرض العطشى.
نعم، أصبحت أجسادنا وأرواحنا وأنفسنا عطشى لهذه المشاعر الأنيقة التي أدارت ظهرها لنا، لأننا أفسحنا مجالاً للكره أن يغزو أنفسنا. فأحسّت مشاعر الحبّ بالجفاف الذي غزا أرواحنا. فأبت أن تعيش في هذا الجفاف، ما جعلها تنكفئ على نفسها حزينة جداً. فهل نتركها حزينة؟
إن الحبّ هو التأثير الوجداني بالمحبوب، أيّاً كان هذا المحبوب: أُمّاً، أباً، أخاً، جاراً، صديقاً، حبيباً. فهل افتقدنا هذا التأثير الوجداني تجاه الآخر؟ هل افتقدنا الشوق والحنين إليه؟ وهل نترك للمصالح وللأذى مكاناً دون الحبّ؟ الحبّ الذي يعلّمنا الكثير ويسمو بأرواحنا إلى الأعلى حيث الإله… الخير المطلق.
هناك أحد الفلاسفة ممّن حلّلوا حالة الحبّ فوجدوا أننا نحبّ لنكمل النقص في داخلنا. وكل إنسان عندما يولد ينقسم إلى نصفين. يعيش بنصف واحد فقط، ويظلّ طوال عمره يهيم باحثاً عن النصف الذي يكمله حتى يستقر ويسعد.
نحن اليوم ـ ربما ـ وأقول ربما لأنني لا أريد أن أعمّم، تبلورت القسوة في داخلنا وأصبحت تتوق للبحث عن الآخر لتدمره، لتؤذيه، لتزيله من أمامها. فأيّ بشر أصبحنا؟
دواؤنا معروف. إنه الحبّ. ابحثوا عنه من جديد، أعيدوه إلى أرواحنا من جديد. ازرعوه من جديد كي تمحوا به فساداً غزا نفوسنا.
دعوا قلوبكم تمتلئ بالحبّ. فالقلب كما يقول الكاتب الفرنسي فيكتور هيغو: «لا يخطئ أبداً، ومن امتلأ قلبه بالحبّ الحقيقي سيكون سعيداً، نقياً، نظيف الروح».
إن من يحبّ يشعر وكأن الدنيا كلّها سلام ومحبة وعطاء. وعندما نحبّ يُكمل كلّ منّا الآخر، نجد الوجود أجمل، نصبح نحن أجمل.
فلماذا ندع القبح يغزوا نفوسنا ويغيّر ملامحنا؟ نحن بحاجة إلى الحبّ كي نعود كما كنّا: أنقياء… نظيفي القلب والروح!
مريم جبّة