لافروف… وقف العنف في أوكرانيا وبدء الحوار بمشاركة جميع الأقاليم
أعرب وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن اعتقاد موسكو وبرلين ووارسو بضرورة وقف العنف في جنوب شرقي أوكرانيا، وقال: «نحن نعتقد أنه بغض النظر عن تفسير هذه الأحداث أو تلك في أوكرانيا، فالأهم الآن هو التركيز في وقف العنف وإراقة الدماء فوراً وبلا شرط مسبق، وبدء حوار بمشاركة جميع الأقاليم، لتأمين الاتفاق على شكل البلاد المستقبلي».
وفي مؤتمر صحافي مشترك عقده الوزير الروسي في سان بطرسبورغ أمس مع نظيريه الألماني فرانك شتاينماير والبولندي رادوسلاف سيكورسكي، أعرب لافروف عن استعداد بلاده لدعم القيادة الأوكرانية الجديدة في التوجه إلى إقناع طرفي النزاع بالذهاب إلى طاولة المفاوضات، قائلاً: «نحن ندعم الاتفاقات التي وُثقت في بيان جنيف و«خريطة الطريق» الصادرة عن منظمة الأمن والتعاون في أوروبا، ونعول على أن الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو الذي أعلن أهمية وقف النزاع وإيجاد حل للأزمة سيتخذ خطوات بهذا الاتجاه».
وأضاف لافروف: «روسيا مستعدة لدعم هذه الخطوات كي يجري الأوكرانيون مفاوضات فيما بينهم». وشدد لافروف على أن «أسباب الأزمة تكمن داخل أوكرانيا، بالتالي فعلى الأوكرانيين أنفسهم إيجاد المخرج منها.
وأعلن الوزير الروسي أن مفتاح تسوية الوضع الراهن في أوكرانيا هو وقف العملية العسكرية ضد المحتجين، مشيراً إلى أنه في حال وقفها «فإن الناس الذين يسمونهم انفصاليين سيتجاوبون. إنني على يقين بألا أحد له مصلحة في مواصلة الحرب هناك. لكن عندما يقوم الطيران الحربي بغارات على وسط المدينة، كما هو حال مدينة لوغانسك، وعندما تُستخدم المدفعية لقصف الأحياء السكنية، إلى جانب استخدام ناقلات الجند المدرعة والدبابات، فلعلكم لا تستطيعون توجيه تهمة للناس لكونهم يريدون الدفاع عن المدن والبلدات التي يسكنون فيها هم وأطفالهم».
ولفت لافروف إلى أن المدنيين النازحين من هناك «يفرون في الغالب إلى روسيا، وقد بلغ عددهم في مقاطعة روستوف الروسية حوالى 30 ألف نسمة، ورغبتنا شديدة في أن يمرّ الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا بمقاطعة روستوف في إطار الزيارة التي يعتزم القيام بها إلى مدينتي دونيتسك ولوغانسك».
كذلك رحب بإعلان الرئيس الأوكراني الجديد بيوتر بوروشينكو فتح ممرات إنسانية لتمكين الراغبين من سكان جنوب شرقي البلاد من مغادرة منطقة عمليات القتال. ووصف لافروف هذه المبادرة بالخطوة في الاتجاه الصحيح، مناشداً ممثلي المنظمات الدولية أن تلتفت إلى تنامي تدفق النازحين من المناطق الأوكرانية المتضررة.
من جهة أخرى قال وزير الخارجية الألماني فرانك شتاينماير إن الحل السياسي لم يوجد بعد، لكن التصاعد قد تراجع لتحل محله أجواء جديدة، مشيراً إلى ضرورة جعل عملية تخفيف التوتر في أوكرانيا لا نكوص عنها.
من ناحية ثانية، نفى وزير الخارجية البولندي رادوسلاف سيكورسكي ما تداوله بعض وسائل الإعلام عن قيام بولندا بتدريب متشددين شاركوا في أحداث ميدان الاستقلال في كييف، وكذلك المعلومات عن إعداد مرتزقة في بولندا من أجل إرسالهم إلى أوكرانيا. وأشار سيكورسكي إلى أن نشاطات كهذه تناقض قوانين بلاده، مضيفاً: «إذا عرفت عن وجود هؤلاء المرتزقة سأبلغ عن ذلك النيابة العامة بنفسي، كي يحال هؤلاء الأشخاص إلى القضاء بالطريقة المناسبة».
جاء ذلك بعد تكليف الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو أعضاء حكومته أمس، بفتح ممر إنساني من أجل الراغبين بمغادرة المنطقة التي تخوض كييف فيها عمليتها العسكرية جنوب شرقي البلاد، وذلك لتفادي سقوط ضحايا.
وجاء في بيان نشرته الرئاسة الأوكرانية أن بوروشينكو بحث هذا المسألة مع قادة أجهزة الأمن، وكلف الحكومة بتأمين نقل السكان من منطقة المواجهات العسكرية وتقديم الخدمات الطبية اللازمة لهم، إضافة إلى تزويدهم بمياه الشرب والمواد الغذائية والأدوية.
في السياق، شكك أندريه بورغين نائب رئيس الوزراء في «جمهورية دونيتسك الشعبية» في تنفيذ بوروشينكو لتعهده، مشيراً إلى أن سلطات كييف تعهدت منذ زمن طويل فتح ممرات إنسانية، «لكن كل ذلك بقي للأسف حبراً على ورق»، مؤكداً أن نقل الجرحى يتم حتى الآن بطرق خفية، لأن العسكريين الأوكرانيين لا يسمحون للسكان بمغادرة مدنهم.
وقال الرئيس الأوكراني في أول تصريح بعد توليه منصبه، إن بلاده ليس أمامها خيار غير التوصل إلى فهم متبادل مع روسيا. وأضاف: «من المحتمل أن بعض الأوكرانيين كان بودهم أن تكون سويسرا أو كندا جارة لهم، لكن جارتنا هي روسيا، ولذلك لا يمكننا الحديث عن أمن راسخ من دون الحوار والفهم المتبادل مع روسيا».
وأفاد بوروشينكو أنه عقد يوم الأحد الماضي اجتماعاً مطولاً مع السفير الروسي لدى بلاده ميخائيل زورابوف، لافتاً إلى أن مواقف البلدين لا تزال متباعدة، إلا أنه عبّر عن احتفاظه بما وصفه بتفاؤل حذر بشأن إمكان تطبيع العلاقات مع روسيا. وشدد على أن بلاده بحاجة إلى جميع أوجه المساندة من الغرب لتعزيز موقفها في مجالي التنمية الاقتصادية ووحدة الدولة. وأوضح أن «هذه المساعدة يمكن أن تحمل أي شكل، من تقديم المعلومات الاستخبارية وصولاً إلى التقنية العسكرية، ومن إغلاق مجالنا الجوي وحتى فرض حصار بحري في حالة حدوث هجوم خارجي»، لافتاً إلى أنه ناقش خيارات مثل هذه المساعدات الأسبوع الماضي مع الرئيس الأميركي باراك أوباما، وأنه طرح من جديد هذه المسائل في حديث مع نائب الرئيس الأميركي جو بايدن أثناء حضوره مراسم تنصيبه في كييف.
وأضاف بوروشينكو أن روسيا بمسلكها بشأن القرم انتهكت مذكرة بودابست، وأنه استنتج أن مجلس الأمن لم يعد قادراً على تفادي النزاعات بين الدول الكبيرة، معتبراً أن هذا الموضوع طُرح خلال اجتماعاته مع الرؤساء الغربيين الأسبوع الماضي في فرنسا، وأنهم وافقوا على أن «هيكلية الأمن العالمي يجب أن يعاد النظر فيها»، وتابع بوروشينكو «الكفاح من أجل القرم يعني الكفاح من أجل تفادي وقائع مماثلة في المستقبل. نحن لا يمكننا ترك العدوان من دون عقاب».
وشدد بوروشينكو على أنه ينوي تكوين قوات مسلحة مؤهلة لحماية أراضي البلاد، وفي الوقت نفسه مواصلة المفاوضات مع روسيا، معرباً من جهة أخرى عن رغبته في التوصل إلى وقف إراقة الدماء جنوب شرقي البلاد، وقال إنه ينتظر أن تقترح روسيا شكلاً جديداً للسلوك وللضمانات.
وأكدت موسكو أنها وفنلندا تؤيدان وقف العنف في أوكرانيا بأسرع وقت ممكن، بحسب بيان صدر عن الخارجية الروسية أمس بعد محادثات بين وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف والرئيس الفنلندي ساولي نينيستي.
وأضاف البيان أن الطرفين ناقشا في المحادثات الوضع في أوكرانيا وضرورة وقف العنف في هذا البلد بأسرع وقت ممكن وكذلك تطبيع الحوار الحقيقي بين كييف والأقاليم الأوكرانية، وثمن الطرفان العلاقات الجيدة بينهما وأكدا سعيهما إلى تعزيزها والحفاظ على الاتصالات النشيطة على جميع المستويات.
وبحث الجانبان أيضاً التعاون بين البلدين في شمال أوروبا ومنطقة القطب الشمالي وتعزيز الأمن والاستقرار في القارة الأوروبية إضافة إلى مسائل تعزيز دور الأمم المتحدة في الشؤون الدولية والإشراف على الأسلحة وتطبيع الأوضاع في سورية وأفغانستان والشرق الأوسط.