الزبداني… بدأ العد العكسي
فاديا مطر
مع ترويج الإعلام السعودي ـ التركي الحديث عن هدنة في الزبداني والفوعا وكفريا تستقر الهدنة «الثانية» في 27 آب بعد فشل الهدنة الأولى في 14 آب الجاري مع وقوع هذه الهدنة الجديدة تحت مجهر الاختبار، فصحيفة «الشرق الأوسط» السعودية قالت في 27 آب الجاري أن الخلاف في الشروط يقع ما بين نوع السلاح وكميته وهو ما سيقرر مصير الهدنة التي سيبقى فيها كل طرف في مواقعه مع وقف إطلاق النار الذي تحكمه مدة زمنية محددة لإجلاء الجرحى وترك المدنيين في خيار تأمين حاجاتهم أو مغادرة مواقع القتال والحصار، فسير الهدنة هو ما سيحدد مصيرها بالنجاح أو الفشل، أما ما يتعلق بهدنة «الفوعا وكفريا» الإدلبيتين فتتضمن إجلاء الجرحى وفك الحصار وترك الحرية للمدنيين بالمغادرة أو البقاء، فالزبداني تقع هدنتها على مغادرة المجموعات المسلحة «وهم بالمئات بحسب صحيفة الشرق الأوسط السعودية»، وما سيحملونه من أنواع سلاح والمغادرة بها الى الشمال السوري بحسب الصحيفة السعودية أيضاً، لتبقى المحصلة المنطقية واقعة تحت أن «الصبر من القادر قدرة» مع اقتراب الاخفاق الكبير للمجموعات الإرهابية في معركة الزبداني التي بدأت تفتح مصرعي أبوابها على نهايتها في ما تبقى من مساحة جغرافية ضئيلة جداً يتحصن في سراديبها وأزقتها ما تبقى من مسلحي «النصرة وأعوانها» الإرهابية، لتكون الهدنة من المنظور العسكري هي «استسلام» بحسب المراقبين الاستراتيجيين، والخروج الارهابي من المدينة هو تكريس لسيطرة الجيش السوري والمقاومة على الزبداني، فهذه المجموعات لا تقبل الهدنة الا عند وصولها ألى آخر النفق وإعلان الإفلاس والانهيار، وهو ما يمتد بأوصاله إلى مشغلي هذه المجموعات الإرهابية الذين تدخلوا وقايضوا تأمين ما بقي من مسلحي الزبداني بفك الحصار عن «الفوعا وكفريا» في الريف الإدلبي، فحزب «العدالة والتنمية» التركي هو المتحكم بسيطرة هذه المجموعات الإرهابية في الشمال السوري وهو صاحب المشروع القديم الذي يقع جديده في قديمه والذي يتجدد مع كل جرعة دعم خارجي أملاً بالقدرة على الصمود الذي سقط أمام الاستراتيجية التي يتبعها الجيش السوري والمقاومة في إدارة المعركة التي أسقطت أمالاً بناها مرتكبوها على ورق مكاتبهم وغرف عملياتهم التي بسقطوها ستنهار جبهات مترابطة معها تباعاً وتعلن الاستسلام كحصيلة اولية لأولى التداعيات، فهي مرحلة جديدة في سير مصير المجموعات الارهابية في الداخل السوري واللبناني، والتي قبلت إنهيار الهدنة الثانية في 29 آب الجاري لتستعيد الجبهات العسكرية في الزبداني وكفريا والفوعا غزارة نيرانها وحماوة التقدم نحو إحكام السيطرة على ما تبقى من جزئية «زبدانية» صغيرة بعد فشل الهدنة الثانية ليستقر ما تبقى من مجموعات إرهابية في ساحة ضيقة لا تستطيع مد يد الأمل إلى مصيرهم، فالوجهة الكبرى للحرب على سورية تحددها توازنات إقليمية تُرخي بثقل نتائجها على البقع «الجيو-استراتيجة» الفاصلة في الموقع والمتصلة بالمصير لجهة الداخلين السوري واللبناني، مع العمل الذي توازى بخطين عسكري وسياسي بدأ بالتقاطع بمعادلة جديدة ستكشف وجهها لمن أنهار من تهادن تُريد الاستخبارات «السعوـ تركية» اللعب بعقدة حباله في المدينتين الادلبيتين لرد المصير المحتوم عن مسلحي «الزبداني» الذين كانت القصير ويبرود وغيرهما من معارك الحسم عِبرة لهم، فدخول الفوعا وكفريا الشهر الخامس من الحصار هو ما بقي من «شعر الذقن» الاقليمي الذي يمكن التمسك به مع فشل التقدم العسكري وقدرة التغيير لقذائف الهاون المتساقطة على بعض أحياء دمشق، فالعد العكسي بدأ في الزبداني بحسب ما تشير الوقائع الميدانية ليأخذ في حسبانه «داتا جديدة» قياساتها بالأمتار فقط، لأن الرهانات الخاسرة على قدرة الارهاب المدعوم من نظام «صهيو ـ إخواني ـ تكفيري» هي ما ستروي الحكايا في خواتمها وترحل إلى ممهدات معركة استراتيجية أخرى ترتبط بجغرافيا مختلفة وتاريخ متقارب يحكم حكمه النهائي في الغلبة، فهل البحث جارٍ مجدداً عن هدنة «ثالثة»؟ أم أن العد العكسي الذي بدأ لن يرحم؟