مآثر من سعاده
روى لي الرفيق عفيف خوري 1 نقلاً عن الأمين عبدالله محسن هذه المأثرة عن سعاده.
«كان الرفيق عبدالله محسن عميداً للمالية في مركز الحزب. يدخل أحد الرفقاء لمراجعته في أمر مالي، سعاده في غرفة مجاورة. بعد فترة يخرج من مكتب العميد صوته عالياً مع الرفيق المراجع الذي غادر المكتب غاضباً.
سعاده يستدعي عميد المالية. في درج مكتبه مرسوم كان اتخذه من دون توقيع بمنح الرفيق عبدالله محسن رتبة الأمانة.
حضرة العميد 2 لا أريد أن أسألك عن السبب الذي جعلك تجادل الرفيق بصوت عال، أنت عميد في الحزب أي وزير في ما لو كنا في الحكم، ليس مسموحاً لك أن تنفعل وأن يرتفع صوتك أو يستفزك رفيق، أنت عليك أن تطلب إليه المغادرة، أو أن تكلف الرفيق المرافق الجالس عند باب المكتب أن يفعل ذلك.
وتابع سعاده ساحباً مرسوم الأمانة:
لقد أعددت مرسوماً بمنحك رتبة الأمانة، أما وقد سمعتك تفقد أعصابك في حديثك مع الرفيق فإني – ممزقاً المرسوم سأؤجل ذلك إلى أن تثبت لي جدارتك بحمل الرتبة العليا في الحزب».
هذا الحادث رواه لي أيضاً الأمين عبدالله محسن، وقد رافقته كثيراً منذ عام 1962، واحتل لدي مساحة شاسعة من الحب والتقدير. إنما مع تعديلين طفيفين:
الأول: القول للأمين محسن أني أوضحت لسعاده أن الرفيق المراجع كان حتى البارحة وكيلاً للعميد 3 وعندما استقبلته، كانت صورة الوكيل ما زالت مرتسمة لدي.
الثاني: أن سعاده عندما سحب مرسوم الأمانة قال لي: « كان بودي أن أمنحك رتبة الأمانة. لكن موقفك الأخير جعلني أتريّث. لكنني أعدّك منذ الآن مرشحاً لنيل هذه الرتبة «.
يضيف الأمين محسن أنه عندما رُشح لنيل الرتبة 4 أصرّ على أن يستند قرار المنح إلى قول سعاده بترشيح الرفيق محسن لرتبة الأمانة.
المهم في ما رواه الرفيق عفيف خوري، وقبله بسنوات الأمين عبدالله محسن، ليس في موضوع « تمزيق المرسوم» إنما في كيفية تعاطي زعيم الحزب مع معاونيه، وكيف كان يهتم بمحاسبتهم، وتوجيههم وبنائهم على قواعد الحزب المناقبية ويعدّهم ليكونوا رجال نهضة في حزب مهمته، في الأساس، بعث نهضة سورية قومية اجتماعية تكفل تحقيق مبادئه وتعيد الى الأمة السورية حيويتها وقوتها. مراجعة المادة الأولى من الدستور .
هوامش:
1 – من كفرحزير الكورة ومن الرفقاء الذين جسّدوا إيمانهم القومي الاجتماعي قدوة في التعاطي، ومناقب مميزة، شهد عليها كل من تعاطى معه مدرّساً ناجحاً في العديد من المدارس، وخارجها في أي مكان أقام فيه.
2 – كان سعاده يخاطب معاونيه ورفقاءه، بالمسؤولية التي يتولاها كل منهم حضرة العميد، حضرة الأمين، حضرة المنفذ… وكان يحرص على أن يخاطب جميع رفقائه بالرفيق، وأحياناً كثيرة، بحضرة الرفيق.
3 – كشف لي الأمين محسن اسم الوكيل. أحتفظ به إذ لا فائدة من إيراد الاسم، إنما الواقعة وكيف يتعاطى سعاده مع رفقائه.
4 – تؤكد الأمينة هيام نصرالله محسن أن الامين عبدالله محسن والأمين عصام المحايري نالا رتبة الأمانة عام 1952.