قمة روحية في بكركي بدعوة من الراعي: لدعم جهود بري وسلام لإنجاز الاستحقاق الرئاسي
طالب رؤساء الطوائف المسيحية «الأطياف السياسية كافة بالإسراع في اعتماد خارطة طريق تبدأ بانتخاب فوري لرئيس للجمهورية، وفقاً للأصول الدستورية»، معتبرين أنّ «انتخابه أمر أولوي وأساسي يعني كلّ لبنان وكلّ اللبنانيين بكلّ طوائفهم».
وفي بيان أصدروه بعد القمة الروحية المسيحية التي انعقدت في بكركي بدعوة من البطريرك الماروني الكاردينال بشاره الراعي ، وضع المجتمعون «المجلس النيابي أمام مسؤوليته التاريخية والدستورية»، مطالبين «جميع أعضائه بالحضور إلى المجلس لانتخاب رئيس للبلاد، ومن ثم تأليف حكومة جديدة تتولى معالجة كافة القضايا السياسية والاجتماعية والمعيشية والاقتصادية، بدءاً من قانون جديد للانتخاب». وأكدوا «على وجوب استمرارية الحكومة الحالية في عملها فلا تسقط أو تستقيل طالما هناك فراغ في سدة الرئاسة الأولى»، داعين إلى دعم ومؤازرة رئيس الحكومة تمام سلام ومجلس الوزراء بالتعاون مع رئيس المجلس النيابي نبيه بري في ما يقومون به «فيعجل في إنجاز الاستحقاق الرئاسي، وهو المطلب الملح لجميع رؤساء الطوائف المجتمعين الذين يرون فيه موضوعاً وطنياً لبنانياً شاملاً يحفظ مبدأي العدالة والمساواة أساس الشراكة الوطنية».
ولفت المجتمعون إلى «أنّ ما يحدث في لبنان اليوم من أزمة سياسية غير مسبوقة ووضع إقتصادي مترد يضغط على المواطن، نتيجة فراغ رئاسي متماد تخطى الأربع مئة وأربعة وستين يوماً، ما أدى إلى شلل في كافة المؤسسات الدستورية العامة، وشكل انتهاكاً للجمهورية وإنهاكاً لها، هو أمر يجب معالجته فيما بعد وإيجاد ضوابط دستورية وآلية جديدة تحول دون تكرار تجربة الفراغ الرئاسي المؤسف الذي نمر به، من خلال التعاون بين كافة القيادات والقوى السياسية لتوحيد الكلمة، وإعادة الاعتبار إلى النهج الوفاقي، لإيجاد حلّ لهذا المأزق الذي يعيشه اللبنانيون على أن تبقى خلافاتهم في الرأي ضمن الأطر الديمقراطية المعتادة، حفاظاً على الاستقرار، وهو عامل مهم ليس بالنسبة إلينا فقط بل إلى محيطنا العربي».
وطالبوا «الأسرة الدولية والعربية بوضع حدّ للحرب والعنف والإرهاب وأعمال الإقصاء والإلغاء التي تمارس بحجة الاختلاف الديني وغيرها في سوريا والعراق، واليمن وفلسطين، وإيجاد الحلول السياسية والسلمية لها، من أجل سلام عادل وشامل ودائم فيها وفي المنطقة». كما طالبوا «بالعمل الجدي لإعادة جميع المهجرين والنازحين واللاجئين إلى بيوتهم وأراضيهم، وبتحرير جميع المخطوفين الأبرياء من مطارنة وكهنة وعلمانيين وعلى رأسهم مطرانا حلب يوحنا ابراهيم وبولس يازجي».
وإذ أكد الآباء «على حرية التعبير الشعبي في إطار الأنظمة المرعية»، رأوا «في اللجوء إلى الشارع خطورة، وخصوصاً عندما تكون النفوس مشحونة والنيران تحيط بلبنان وتهدّده وتؤثر سلباً على الاستقرار فيه. ولا بدّ من قراءة سليمة للأولويات، ووضع سلم للخطوات الواجب اتخاذها لمواجهة الأحداث والحاجات الحياتية والمعيشية والأمنية». وإذ أعلنوا عن تأييدهم «المطالب المحقة للشعب والتعبير عنها، ولئن كان الضغط على الحكومة أمراً مشروعاً بالطرق الديمقراطية والحضارية»، أعربوا عن رفضهم «أن يتم ذلك بالعنف وتعطيل الحياة العامة».
ورأى رؤساء الكنائس «أنّ ما تشهده الساحة اللبنانية من استمرار الاعتصام والتظاهر يجب الحرص على عدم خرقه من مندسين يحاولون تخريب التظاهرة السلمية من خلال شعارات ويافطات استفزازية ضاع الشعب في تنوع أهدافها، وإطلاق الهتافات المعادية والرشق بالحجارة والاشتباك مع القوى الأمنية»، معربين «عن شجبهم لما حصل خلال التظاهر في وسط بيروت من أعمال تخريب وممارسات خارجة عن الأهداف، واعتداءات على الأملاك العامة والخاصة وتحطيم بعض واجهات المحال التجارية وسرقتها لخلق البلبلة وإثارة الفتنة والفوضى، وسط حالة غليان واحتقان عند المواطنين وعدم القدرة على الاحتمال. وقد طفح عندهم الكيل أمام عجز الطبقة الحاكمة من أن تؤمن لهم أبسط الخدمات الحياتية من أجل عيش كريم».
وإذ رفض المجتمعون، «التجاوزات في التظاهرات»، طالبوا «بمحاسبة المسؤولين عنها أياً كانوا»، داعين «الى تغليب لغة الحوار والمحبة، ووضع المصلحة الوطنية فوق المصالح الخاصة، والتمسك بالمبادئ السامية التي يعلمها ديننا. وبذلك نحول دون دخول لبنان في المجهول، ونجنبه المآسي التي تحصل في محيطنا، والتي تشغل بال المواطنين على مستقبلهم ومستقبل الأجيال الطالعة».
وشارك في القمة بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الأرثوذكس البطريرك يوحنا العاشر يازجي، كاثوليكوس بيت كيليكيا للأرمن الأرثوذكس آرام الأول كيشيشيان، بطريرك أنطاكية وسائر المشرق للروم الكاثوليك غريغوريوس الثالث لحام، بطريرك السريان الكاثوليك الأنطاكي مار اغناطيوس يوسف الثالث يونان، رئيس المجمع الأعلى للطائفة الإنجيلية في لبنان وسورية القس الدكتور سليم صهيوني، النائب الرسولي للاتين المطران بولس دحدح، المطران جورج صليبا ممثلاً بطريرك أنطاكية والرئيس الأعلى للسريان الأرثوذكس مار اغناطيوس افرام الثاني كريم، رئيس الكنيسة الكلدانية في لبنان المطران ميشال قصرجي، المونسنيور باتريك موراديان ممثلاً بطريرك بيت كيليكيا للأرمن الكاثوليك غريغوريوس بطرس العشرين، ممثل الكنيسة القبطية الأرثوذكسية الأرشمندريت رويس الأورشليمي، ممثل الكنيسة الأشورية الخورسقف يترون كوليانا، وأعضاء لجنة الحوار الوطني الإسلامي ـ المسيحي حارث شهاب، كميل منسّى، جان سلمانيان وميشال عبس. وحضر بدعوة خاصة السفير البابوي المطران غابريلي كاتشا، إضافة إلى عدد من المطارنة.