سلامة: نظامنا المصرفي سليم وقد تجاوز الأزمات الإقليمية والمحلية
أكد حاكم مصرف لبنان رياض سلامة أنّ «لبنان سيسدّد كل الاستحقاقات المالية المتوجبة عليه، والسوق خير دليل على ذلك»، لافتاً إلى أنّ «ما يتبقى منها حتى آخر العام، أصل دين لا يتعدى الـ500 مليون دولار، في مقابل خدمة دين تبلغ نحو 800 مليون دولار».
وخلال رعايته المؤتمر المصرفي والاقتصادي الحادي عشر الذي تنظّمه «فيرست بروتوكول» بعنوان «مصرف لبنان بعد نصف قرن» في فندق «فينسيا انتركونتيننتال»- بيروت، ذكّر سلامة باقتراحه «حلاً واقعياً» لملف سلسلة الرتب والرواتب للقطاع العام، يقضي «بتقسيطها خمسة أعوام، على أن تُصحّح الأجور سنوياً»، مشيراً إلى أنّ «الملف في عهدة مجلس النواب الذي سيتخذ القرار المناسب، إذ هناك توجّه إلى إقرار السلسلة بشكل من الأشكال، لكن لم يتم التوافق بعد على الصيغة النهائية». واعتبر أنّ «تحمّل لبنان مسؤولية النزوح السوري بمفرده يبرز مدى صلابة اقتصاده». وأكد أنّ «مصرف لبنان سيقوم بالمحافظة على الاستقرار النقدي والاستقرار الائتماني في لبنان، مضيفاً، تدرك الأسواق ذلك ونذكّر بأننا مررنا بظروف مماثلة في السابق وحافظنا على الاستقرار. إنّ الثقة والإمكانات المتوافرة لدى مصرف لبنان ولدى القطاع المصرفي تضفي الصدقية على هذا الموقف الذي تفرضه المصلحة الوطنية وإرادتنا لحماية الاقتصاد».
ولفت سلامة الى أنّ «واقع الأسواق اللبنانية يفرض على مصرف لبنان إدارة السيولة بالدولار الأميركي إضافة إلى الليرة اللبنانية». وقال: «طوّرنا الأدوات اللازمة التي تمكنّنا من التحكّم بالسيولة على المديين القصير والطويل. وقد توّجت مبادرتنا الأخيرة بخلق منصة للتوظيفات القصيرة الأجل بالنجاح، في جزئها الأول المنفّذ بالدولار، واستقطبت ملياري دولار أميركي. وقد أطلقنا الآن الجزء المتعلّق بالتوظيفات من 7 إلى 30 يوماً بالليرة اللبنانية. ونحن مستمرون بهذه العمليات بالعملتين».
واعتبر أنّ الاقتصاد «استفاد من هذه السياسات التي أجريناها. وعلى رغم الصعوبات التي عرفها لبنان، فالاستقرار النقدي والنموذج المصرفي المحافظ ولّدا الثقة والانخفاض بالفوائد مما حفّز النمو الاقتصادي»، وقال: «سمح استقرار الليرة اللبنانية بإعادة تفعيلها كعملة تسليف، إضافة إلى إمكاناتنا التسليفية وبالأخص في قطاع السكن حيث أنّ هناك 100 ألف مستفيد من القروض السكنية حالياً. وسمح لنا الاستقرار النقدي بمبادرات مباشرة لتحفيز التسليف. وأصبح الجزء الأكبر من النمو الاقتصادي في لبنان يعود إلى هذه الرزم التحفيزية».
وتابع سلامة: «طوّر مصرف لبنان إدارته وأنظمته. وقد تجسّد ذلك في تطوير أنظمة الدفع في الأسواق اللبنانية. وكانت لعملنا التطويري الداخلي هذا نتائج إيجابية على الاقتصاد وعلى عمل الحكومة اللبنانية وإدارتها». وقال: «ظهرت أخيراً أساليب مختلفة لتسديد المدفوعات سواء الكترونياً أو من خلال الجوال أو من خلال الـBITCOIN. وقد حدّد مصرف لبنان موقفه من كل هذه الوسائل المستحدثة بما يحمي المستهلك. حرصنا هذا على المستهلك، دفعنا إلى إنشاء وحدة تهتم بمصالحه».
وأكد حاكم المركزي أنّ «لبنان ملتزم بتطبيق معايير بازل -3 ومصارفه قادرة على ذلك. بل وضعنا معايير للملاءة تتعدى المطلوب في بازل – 3. تطبّق المصارف اللبنانية هذه المعايير من دون صعوبات نظراً إلى أن نموذجنا المصرفي المطبق منذ التسعينات قريب لما آلت إليه مقررات بازل – 3».
وطمأن بأنّ «نظامنا المصرفي سليم، تجاوز الأزمات الإقليمية والمحلية واستمر في النمو. وهو حجر الأساس لتمويل القطاعين الخاص والعام».
وكانت في الجلسة الافتتاحية كلمة لمديرة الاستراتيجيا في الشركة المنظّمة فيوليت غزال البلعة، اعتبرت فيها أنّ «أهمية البنوك المركزية تقع تحت الأضواء عند اشتداد الأزمات».
بدوره، ألقى رئيس الاتحاد الدولي للمصرفيين العرب رئيس اللجنة التنفيذية في اتحاد المصارف العربية جوزف طربيه، فنوّه بمصرف لبنان «هذه المؤسسة التي تشكل علامة فارقة في حياة لبنان الاقتصادية».
وإذ ذكّر بتأسيس المصرف المركزي و«ما واكبه من صدور تشريعات رؤيوية كان لها الأثر الحاسم في بروز لبنان كمركز مالي للمنطقة، أهمها صدور قانون السرية المصرفية وقانون الحساب المشترك»، أشاد بمن تعاقب على حاكمية المصرف وصولاً إلى الحاكم الحالي واصفاً إياه بـ«صاحب الهندسات المالية المبتكرة التي حمت لبنان من السقوط المالي والنقدي والاقتصادي، في وقت هزت العالم كوارث مالية طاولت ارتداداتُها بلدان عظمى واقتصادات كبرى».
وأشار طربيه إلى أنّ «هذا لا يعني أنّ قطاعنا المصرفي لا يتأثر بما يدور حوله في لبنان وفي المنطقة»، لافتاً إلى الحركات المطلبية التي رأى فيها «ما يؤشر إلى إختلال هيكلي في العلاقة بين مختلف المكوّنات الاجتماعية، لا يمكن معالجته بالمسكنات العابرة التي تقدمها الدولة حالياً».
من جهته، اعتبر رئيس اتحاد الغرف اللبنانية محمد شقير أنّ «السمعة والشفافية التي صبغت عمل مصرف لبنان طوال نصف قرن كانت نتيجة توالي مجموعة من خيرة رجالات لبنان على قيادة هذا المصرف وانتهاجها سياسة نقدية جنبت لبنان كوارث اقتصادية». وقال: «استطاع مصرف لبنان في السنوات الأخيرة من تجنيب لبنان الوقوع في الأزمة المالية العالمية التي ضربت كبريات المصارف واقتصاد أكبر الدول الصناعية. جاء ذلك نتيجة سياسة نقدية واجراءات استباقية من قبل مصرف لبنان ساهمت في تعزيز الثقة بقطاعنا المصرفي وحدت من تداعيات الأزمة المالية العالمية».