بعد زيارة السيسي موسكو هل اقتربت عودة العلاقات المصرية ـ السورية؟
ناديا شحادة
شهدت الأيام الماضية حراكاً إعلامياً قوياً بدءاً من تسليط الضوء على ملف العلاقات المصرية – السورية مروراً بتجديد التوتر بين حركة حماس والقاهرة والمساعي التركية «الإسرائيلية» لحل القضية الفلسيطينة تحت عنوان دولة غزة تكون فعلياً دولة الإخوان المسلمين على حدود مصر المتضرر الأكبر من هذه المفاوضات الذي سيزيد من قوة ومكانة الإخوان المسلمين على حدود مصر التي تطالب بضرورة عودة قطاع غزة الى حضن الشرعية الفلسطينية المتمثلة بالرئيس عباس، وأكد ذلك السفير المصري في القدس وائل عطيه، مشيراً الى ان مصر لن تدعم أي تفاهمات من شأنها ان تبقي السلطة الفلسطينية خارج المعادلة ولا علم لها بأي تفاهمات بين حماس و«اسرائيل».
كذلك تم تسليط الضوء على زيارة الرئيس المصري الى موسكو واستراتيجية العلاقة بين البلدين التي باتت واضحة، فكل الشواهد تعكس إرادة سياسية من كلا الطرفين في توسيع وتعميق العلاقات على أكثر من مستوى وفي أكثر من مجال وبالذات الأمنية والعسكرية ومكافحة الإرهاب والتنسيق لحل الأزمات التي تعصف بمنطقة الشرق الاوسط، ومن هنا جاءت زيارة الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي الى موسكو في 26 و27 آب، تلك الزيارة التي جاءت بالوقت الذي تواصل فيه القيادة الروسية المشاورات على المستويين العالمي والإقليمي حول مبادرة الرئيس بوتين لتشكيل تحالف واسع لمواجهة تنظيم داعش الإرهابي وقال ميخائيل بوغدانوف نائب وزير الخارجية الروسي في مقابلة صحافية ان المبادرة الروسية الخاصة بتشكيل تحالف مناهض لـ«داعش» تحظى بتأييد واسع في الغرب والشرق الاوسط على حد سواء.
ولم ينفصل ملف الإرهاب في المحادثات التي تمت بين الرئيسين عن بقية الملفات الإقليمية والدولية الأخرى، وهذا ما أكده السيسي قائلاً انه بحث مع بوتين الوضع في سورية والعراق وفلسطين وآخر التطورات على الساحة الليبية بالإضافة الى سبل مواجهة ظاهرة الإرهاب التي تهدد الجميع.
يؤكد المتابع للوضع المصري على ان مصر تعتبر قضية مكافحة الارهاب قضية جدية بالنسبة إليها، وليس قضية ازدواجية والكيل بمكيالين كحال السعودية، وأصبح موضوع مكافحة الإرهاب الأكثر الحاحاً بعد سلسلة الهجمات الدامية في سيناء والتي شنها تنظيم ولاية سيناء الموالي لتنظيم «داعش» الإرهابي، وبناء عليه فإن مكافحة الإرهاب كانت أحد محاور المحادثات بين بوتين والسيسي، إذ أكد الرئيس الروسي في مؤتمر صحافي عقب المحادثات ان الطرفين شددا على الأهمية المبدئية لتشكيل جبهة واسعة لمحاربة الإرهاب بمشاركة اللاعبين الدوليين الأساسيين ودول المنطقة بما فيها سورية، ودعا السيسي الى وضع استراتيجية عالمية لمواجهة الإرهاب وحث الدول كافة على محاربة هذا الشر.
فمصر ورسيا اصبحت لديهما مواقف متطابقة في شأن الأزمة السورية وفي ما يخص ضرورة تكثيف سبل مواجهة ظاهرة الإرهاب التي تهدد الجميع واتفق الطرفان على ارتباط هذه الظاهرة باستمرار البؤر المتوترة في منطقة الشرق الأوسط، وبالتالي اصبحا على استعداد لبناء جبهة لمحاربة الارهاب بمشاركة سورية، وأكد السيسي انه يجب تكثيف التشاور والتعاون لإيجاد حلول جذورية للأزمات في المنطقة في شكل يضمن وحدة وسلامة اراضي دولها واستعادة امنها واستقرارها، فبات توجه مصر نحو سورية جدي وتحاول بحرص ان تنخرط في حل الأزمة السورية بعد فشل روسيا في جذب السعودية للتفاهم مع سورية، فمع الجهود التي تبذلها روسيا لحل الأزمة السورية، بدأ الحديث عن خطوات ديبلوماسية تأخذ بعض الدول تجاه الازمة السورية وعلى رأسها مصر وهو ما يؤكد قرب عودة العلاقات المصرية – السورية الى سابق عهدها، فظهور وزير الخارجية السوري وليد المعلم على التلفزيون المصري مؤخراً في أول لقاء منذ اكثر من أربع سنوات، وإجراء إحدى الصحف المصرية حديثاً مطولاً معه يمثل بداية مد جسور التواصل المباشر بين القاهرة ودمشق وهو ما يعكس مؤشرات حول عودة الصفاء في العلاقات المصرية السورية، والتعاون بين البلدين وهو ما تتقبله القيادة السورية وهذا ما أكده الرئيس بشار الأسد في 26 آب من العام الحالي قائلاً اننا نحرص على العلاقة مع مصر والتواصل بين البلدين لم ينقطع لافتاً الى اننا نريد من مصر ان تلعب دور الدولة الهامة الفاعلة الشقيقة التي تساعد بقية الدول العربية انطلاقاً من تاريخها العريق.