الزبداني كاملة تحت سيطرة الجيش السوري والمقاومة… ولافروف مع الأسد «حراك الساحات» يفشل باستعادة حشود السبت رغم الدعم الإعلامي المفرط

كتب المحرر السياسي

بعد شهرين من القتال وعشرات الشهداء، حسم الجيش العربي السوري ومقاتلو المقاومة من مجاهدي حزب الله ومقاتلي الحزب السوري القومي الإجتماعي وقوات الدفاع الوطني واللجان الشعبية المحلية، السيطرة الكاملة على الزبداني بعد تقدّم مفاجئ وسريع تدحرجت أمامه خطوط دفاع المسلحين الذين سجل فرارهم باتجاه بلدة مضايا المجاورة التي تشهد قتالاً على أطرافها سيجعلها الهدف الثاني بعد الزبداني لتحالف الجيش السوري والمقاومة، ويعتبر هذا التطور من الزاويتين السايسية والعسكرية تحوّلاً بارزاً في مسار الحرب السورية، حيث سقط الدور التركي الذي فتح له باب الوساطة في الحلّ، وسقط رهان الجنرال ديفيد بتريوس على «جبهة النصرة» في وجه «داعش» كما صرّح أمس، وفي الزبداني سقط مشروع بتريوس ومعه مشروع روبرت فورد بالرهان على «أحرار الشام» الذين دفن الرهان عليهم مع دفن قتلاهم من القادة في الزبداني وفقاً لمصدر عسكري من أرض المعركة.

وفي سياق متصل كان لافتاً أمس كلام وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف الذي أكد مجدّداً ثبات موقف بلاده الداعم للدولة السورية ورئيسها الدكتور بشار الأسد.

فقد اعتبر لافروف في خطاب أمام طلاب وأساتذة معهد موسكو للعلاقات الدولية التابع لوزارة الخارجية الروسية «أنّ مطالبة الرئيس الأسد بالرحيل كشرط مسبق للشروع في مكافحة الإرهاب، أمر ضارّ وغير واقعي»، داعياً إلى التخلي

عن هذه المطالب التي «ما زال بعض شركاء روسيا متمسكين بها».

وشدّد لافروف على «أنّ بشار الأسد ما زال رئيساً شرعياً تماماً على رغم التصريحات الغربية». وأردف: «إنهم يحاولون اليوم ربط كافة الخطوات التي يجب اتخاذها للتسوية في سورية برحيل الأسد باعتبار أنه لم يعد شرعياً، وهو النهج نفسه الذي اعتمدوه للقضاء على صدام حسين ومعمر القذافي، لكن الأسد شرعي تماماً».

وتابع: انّ المبادرة التي قدّمها الرئيس فلاديمير بوتين في حزيران الماضي خلال استقباله وزير الخارجية السوري وليد المعلم، تتعلق بتوحيد جهود جميع الأطراف التي تدرك الخطر الكبير الذي يمثله تنظيم داعش والجماعات الإرهابية الأخرى.

وأوضح أنّ هذه المبادرة موجهة، بالدرجة الأولى إلى الجيشين السوري والعراقي والقوات الكردية، أيّ إلى القوات كافة التي تواجه «داعش» بالسلاح على الأرض، معتبراً «أنّ الجيش السوري يمثل اليوم القوة الأكثر فعالية التي تواجه داعش على الأرض.»

في لبنان كانت وزارة البيئة على موعد مع نهاية المهلة التي حدّدها ناشطو «حراك الساحات» لاستقالة وزير البيئة ومحاسبة وزير الداخلية والمسؤولين الأمنيين عن المواجهات مع المتظاهرين، وقد ترجم الناشطون تهديدهم بالتصعيد بالدخول إلى مبنى وزراة البيئة والاعتصام فيه لعدة ساعات مطالبين وزير البيئة بالخروج وإعلان استقالته، قبل أن تنجح القوى الأمنية بإخراجهم دون الوقوع في محظور الدم، الذي لم يكن خافياً أنه هدف موجود على أجندات داعمة للحراك، أظهرها تلاقي قنوات عالمية كبرى مثل «سي أن أن» الأميركية و«بي بي سي» البريطانية و«أرت» الفرنسية الألمانية، على وصف ما يجري بـ«الحلقة اللبنانية من الربيع العربي» وتوقع أن تسيل الدماء في مواجهات ستتصاعد وفقاً لما حملته تقارير المحطات الثلاث، بينما تفرّد بعضها مثل «أرت» و«سي أن أن» بالإشارة إلى ظهور صور الأمين العام لحزب الله السيد حسن نصرالله بين القادة المطلوب تنحيتهم في التظاهرات، وأفردت «أرت» حيّزاً للأمر كعلامة على تحوّل هام سيحمل مؤشرات على «تغييرات جذرية» في الواقع اللبناني.

اللافت في تحرك أمس كان أنه التحرّك الأول المعلن عنه للقيام بخطوة عملية دعا إليها المنظمون، عندما تكرّست القنوات الفضائية المحلية والعربية الداعمة ببث النداءات لست ساعات متواصلة للناس للتوجه إلى الساحات لدعم المعتصمين والدفاع عنهم بداعي ما سيتعرّضون له من أذى، وبلغت الحملات المفرطة الداعمة حدّ مناشدة الناس عدم التخلي عن المعتصمين وتحميل الناس مسؤولية ما سيحدث للمعتصمين إنْ لم يزحفوا إلى الساحات، ولم تخف القنوات نفسها خيبتها من ضعف التلبية مقارنة بالسبت الماضي حيث لم يزد عدد المستجيبين عن المئات، بينما بدأ الاستغراب في الشارع عن سبب إصرار الناشطين على السعي للمواجهة لأنه يستحيل توقع صمت القوى الأمنية عن اقتحام مقرّ وزارة حكومية، بينما الناس تنتظر سعياً لحلول تطرح ويصير الانقسام بين مؤيد ومعارض لها، وهذا كان الغائب الأكبر يوم أمس، بينما توقعت مصادر متابعة للحراك ان تتجه الحلقات التصعيدية القادمة نحو المحافظات واحتمال محاولات متعددة لاحتلال أكثر من مؤسسة حكومية هناك ومحاولة التمترس فيها، ومخاطر استدراج مواجهات دموية.

الأسد جزء من الحل في سورية

حضرت التطورات السورية والمبادرة الإيرانية لحل الأزمة السورية خلال لقاء عقد في مبنى السفارة الإيرانية في بيروت بين مساعد وزير الخارجية الايراني حسين أمير عبد اللهيان المبعوث الأممي إلى سورية ستيفان دي ميستورا، وممثلة الأمين العام للأمم المتحدة في لبنان سيغريد كاغ، وشدد عبد اللهيان على ان الرئيس السوري بشار الأسد هو جزء من الحل في سورية وجزء من أي حل سياسي لمستقبل سورية.

وبحث عبد اللهيان مع رئيسي مجلس النواب نبيه بري والحكومة تمام سلام ووزير الخارجية جبران باسيل في التطورات، مؤكداً أن إيران مستمرة بكل ما أوتيت من قوة للمساهمة في توفير الوحدة والأمن والاستقرار والرفاه للبنان واللبنانيين، وأنها تدعم استكمال آليات العمل السياسي في لبنان. ولفت الى أن لبنان سيتمكن في نهاية المطاف، من خلال الحكمة والوعي لدى التيارات السياسية كافة، من التغلب على كل الأزمات التي يمر بها.

دعم قطري للحراك

إلى ذلك، بدأ الحراك الشعبي يثير المخاوف والهواجس لدى جميع المعنيين بالوضع اللبناني، بخاصة ان الصراع السعودي القطري ظهر جلياً على الأرض اللبنانية ولم تنفع مناورة «المستقبل» في بداية التحرك الشعبي للتظاهر بتأييدها للحراك ونصرة الحقوق الشعبية التي هي في الأساس أهدرتها، ولكن وزير الداخلية وبضغط سعودي كما يبدو لمّح الى دعم قطر من دون ان يسميها. في حين أن مكونات 8 آذار يعنيها من الأمر، عدم تجهيل الفاسد حتى لا تضيع المسؤولية، وعدم المسّ بقدسية المقاومة حتى لا يكون الحراك خدمة لـ«إسرائيل» والتحرك باتجاه برنامج إصلاحي وطني يبدأ بقانون انتخاب صحيح يعاد تشكبل السلطات على أساسه.

وكان لافتاً امس اهتمام قناة الـ CNN البارز بتحرك حملة «طلعت ريحتكم» من خلال التغطية المباشرة التي خصصتها تحت عنوان «متظاهرون يطالبون باستقالة وزير البيئة في لبنان». ما أعاد إلى الأذهان التغطية الإعلامية التي خصصها الإعلام الغربي والخليجي لما سمّي بـ «الربيع العربي» في سورية وتونس وليبيا ومصر.

وشهدت وزارة البيئة امس، اقتحاماً مفاجئاً من قبل المعتصمين من حملة «طلعت ريحتكم»، قبل نحو 5 ساعات من انتهاء المهلة التي أعطتها الحملة للحكومة للتجاوب مع مطالبها وأولها استقالة وزير البيئة محمد المشنوق الذي رفض الاستقالة وبقي في مكتبه في الوزارة لحين إخراج المعتصمين من المبنى. وكان الاعتصام قد تحول الى تدافع وضرب بين المعتصمين والقوى الأمنية، حيث طردت وسائل الإعلام من مبنى الوزارة. وتوجهت قوة لمكافحة الشغب وقوة من الفهود الى أمام الوزارة لإخلاء المتظاهرين، وفي وقت لاحق، دخلت قوة من مكافحة الشغب المبنى، في حين كانت قد نفذت اجراءات أمنية مشددة وتعزيزات لقوى الأمن عند مدخل ومحيط الوزارة في وسط بيروت. في حين نفى وزير الداخلية نهاد المشنوق تعرض المعتصمين للضرب، أوفد فريقه الأمني وعدداً من الضباط للاشراف على إخراج المعتصمين الباقين وعدم التعرض لهم تحت اي ظرف من الظروف. وأعلن عن مؤتمر صحافي عند الرابعة من بعد ظهر اليوم يعرض خلاله نتائج التحقيق في أحداث السبت الماضي.

وأعلن الصليب الأحمر عن نقل 7 إصابات الى مستشفيات المنطقة المحيطة بوزارة البيئة ومعالجة 60 شخصاً على الأرض. ولاحقاً، أعلنت القوى الأمنية أن عدداً من الأشخاص الموجودين أمام الوزارة قاموا برمي المفرقعات على بعض عناصرها.

دعوة إلى الاعتصام في 9 أيلول

ودعا تحرك 29 آب المواطنات والمواطنين في جميع المحافظات والأقضية للمشاركة في الحراك العام، والنزول الى الساحات العامة للضغط على السلطات المركزية والمحلية، كجزء من الحراك العام، وسيصار الى توسيع تحركات المناطق: إعتصامات الشمال طرابلس وعكار غداً، وفي الجنوب صور، عدلون، إبل السقي وفي النبطية يوم الجمعة المقبل، سيتم الاعلام بتواريخها تفصيلياً، كما دعا اعتصام حاشد في بيروت يوم 9 أيلول احتجاجاً على انعقاد طاولة الحوار، حوار المحاصصة والفساد والتسويف والمماطلة.

الى ذلك، تلتئم هيئة الحوار الوطني الأربعاء المقبل في المجلس النيابي لمناقشة استعادة عمل مجلسي النواب والوزراء وقانون الانتخابات النيابية واستعادة الجنسية واللامركزية الادارية وتعزيز الجيش والقوى الأمنيّة.

وأوضح رئيس مجلس النوّاب نبيه برّي في بيان الدعوة، أنّ دعوته سببها «محاولة الخروج مما نحن فيه وابتكار حلول»، واصفاً هذا الحوار بـ«حوار الإنقاذ».

وستضم طاولة الحوار الى الرئيس بري رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد، رئيس كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان، رئيس كتلة لبنان أولاً النائب سعد الحريري، رئيس تكتل التغيير والاصلاح العماد ميشال عون، رئيس كتلة لبنان الحر الموحد النائب سليمان فرنجية، رئيس كتلة نواب حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان، رئيس كتلة «المستقبل» النائب فؤاد السنيورة، رئيس اللقاء الديموقراطي النائب وليد جنبلاط، رئيس كتلة وحدة الجبل النائب طلال ارسلان، رئيس كتلة نواب «القوات اللبنانية» النائب جورج عدوان، رئيس كتلة «الكتائب» النائب سامي الجميل، رئيس كتلة التوافق الارمني النائب جان أوغاسبيان، رئيس كتلة نواب القرار الحر النائب ميشال فرعون.

عون يخشى من الفوضى الخلاقة

واعتبر العماد ميشال عون أن هناك علامة استفهام بشأن الجهة التي تحرّك المتظاهرين، والتعميم ليس ببريء ولا هو نابع عن عدم إدراك، ولا يهدف فقط الى تجهيل الفاعل، هدفه أبعد من ذلك بكثير، أبعد من التغطية على الفاسدين الحقيقيين، لأنه يهدف إلى ضرب ثقة الناس ببعضها».

وأبدى عون بعد اجتماع تكتل التغيير والاصلاح في الرابية، خشيته «على لبنان من الربيع العربي الذي كان حقيقة جهنم العرب، وكوى بناره شعوباً كثيرة»، معتبراً أن الفوضى ليست الحل، وقال: «تريدون الحل طالبوا بالانتخابات التي هي وحدها يمكنها ان تغيّر الطقم السياسي بكامله». وأكد المشاركة في طاولة الحوار التي دعا إليها رئيس المجلس النيابي نبيه بري.

وأكدت مصادر التيار الوطني الحر لـ«البناء» «أننا سننزل يوم الجمعة الى الشارع وبحشود كبيرة من أجل محاربة الفساد وإقرار قانون انتخاب تجري على أساسه الانتخابات النيابية ينتج منها مجلس نيابي ينتخب رئيس الجمهورية»، مشيرة الى «أننا جربنا كل أساليب الحوار والديمقراطية مع تيار المستقبل، لكن ما ظهر ان هذا التيار ليس اهلاً للديمقراطية. وطالبت المصادر الافرقاء السياسيين حل المشاكل السياسية الناتجة من اداء مَن تسلموا الحكم ما بعد الطائف، وتطبيق بنود وثيقة الاتفاق الوطني». ولفتت المصادر الى ان قرار عزل العماد عون ليس جديداً فهو يعود الى عام 2005 والحلف الرباعي الذي شكل لتطيير العماد عون وها هو اليوم تيار المستقبل وبعض المكونات الأخرى يمنعون انتخاب رئيس قوي للجمهورية وإقرار قانون انتخابي جديد».

البلد أصبح على كف عفريت

على وقع التظاهرات التي تطالب بإسقاط النظام وإقرار قانون انتخابي على أساس النسبية تعقد اليوم الجلسة الـ28 لانتخاب رئيس الجمهورية التي سيكون مصيرها مصير الجلسات الـ27 السابقة لعدم اكتمال النصاب. ورجحت مصادر نيابية لـ«البناء» ان يكون «عدد النواب اليوم ضئيل جداً أقل من العادة»، معربة عن قلقها من «ان يدخل المتظاهرون اليوم الى المجلس كما فعلوا امس في وزارة الداخلية».

وتمنت المصادر لو بقي الحراك المدني حضارياً، غير ان الأجندة للأسف انحرفت عن مسارها الحقيقي وباتت مغايرة للشعارات المطروحة، بدأت بالنفايات ووصلت الى شل المؤسسات». ولفتت المصادر الى «أن البلد أصبح على كف عفريت والشارع من الممكن ان يقابله شارع بأهداف سياسية واجتماعية مختلفة، ولذلك يخشى ان يأخذ الحشد الشعبي لبنان الى مرحلة أكبر من التردي».

ميدان تحرير مصغر ؟

وسأل مصدر نيابي في كتلة التحرير والتنمية في اتصال مع «البناء»، «هل نحن أمام ميدان تحرير مصغر عن ميدان التحرير في مصر، فهناك مزج متعدد الألوان فنياً وجنائياً، فقد عقد المصريون الآمال على هذا الميدان، لكن مع الأسف خابت آمالهم ودفعوا اثماناً غالية الى ان استلم عبدالفتاح السيسي الحكم». ولفت المصدر إلى «أن المؤسسة العسكرية في لبنان تبقى ضابط الايقاع الأخير فهي تتحمل أعباء كل الفراغ السياسي الحاصل والنزاعات الموجودة».

ولفتت مصادر كتائبية لـ«البناء» الى «أن المطالبة بإسقاط النظام قد تأخذ البلد نحو المجهول وأن تجعل من لبنان سورية ثانية لا سيما ان الأزمة في سورية بدأت بتظاهرات تحت شعارات اصلاحية ومطلبية». ولفتت المصادر الى ان المدخل لإقرار قانون انتخابي يطالب به الحراك المدني مشروع، لكن يجب أن يسبقه انتخاب رئيس للجمهورية، وأبدت أسفها ان لا يوجه هذا الضغط لانتخاب رئيس ولنزول النواب الى المجلس النيابي لانتخاب رئيس».

وعلى وقع اقتحام وزارة البيئة، أكدت مصادر وزارية لـ«البناء» أن التقرير الذي يعمل وزير الزراعة أكرم شهيب على وضعه مع أصحاب الاختصاص حول ملف النفايات سيكون جاهزاً يوم الجمعة. ولفتت المصادر إلى «أن شهيب يدرس بجدية الملف وسيقدم تقريراً من أجل معالجة فورية سريعة أقصاها عشرة أيام لوجود النفايات في الشوارع والأحياء، من خلال إيجاد مطامر تفرضها الدولة وتنقل النفايات اليها بمواكبة أمنية، على ان تتم في مرحلة ثانية إعادة النظر في نتائج المناقصات التي رفضها مجلس الوزراء وتعديل دفتر الشروط وإعطاء فرصة للبلديات لمعالجة النفايات».

وإذ تحدثت المعلومات أن العمل جارٍ لإنشاء محرقة تكلف الدولة نحو 700 مليون دولار وأن هناك تفاهماً بين الكتل الرئيسية على ذلك، لفتت المصادر الوزارية الى ان رئيس الحكومة سيدعو الى جلسة استثنائية ببند واحد هو ملف النفايات فور تقديم شهيب تقريره»، لافتة الى ان «الجلسة قد تعقد قبل جلسة الحوار».

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى