هل تسبق مبادرة بري انفجار الأزمة؟
محمد حمية
حدّد الرئيس نبيه بري يوم الأربعاء التاسع من أيلول موعداً لجلسة الحوار الوطني في مجلس النواب.
دعوة بري لا تزال مدار أخذ وردّ بين القوى السياسية وتشكل بصيص الأمل الوحيد لخرق ثغرة في جدار الأزمات التي تعصف بلبنان.
فقد مضى عام وثلاثة أشهر على الفراغ في رئاسة الجمهورية نتيجة الخلاف السياسي، وانسحب هذا الفراغ تعطيلاً للمجلس النيابي في ظلّ رفض الكتل النيابية المسيحية التشريع قبل انتخاب رئيس الجمهورية، واشتراطها لحضور الجلسات وضع قانوني الانتخاب واستعادة الجنسية على جدول الاعمال. هذا الخلاف طاول ايضاً مجلس الوزراء الذي تحوّل الى ساحة لشدّ الحبال بين القوى السياسية المتصارعة، والذي انتهى بمقاطعة وزراء تكتل التغيير والإصلاح وحزب الله والطاشناق والمرده الجلسة الحكومية الأخيرة، اعتراضاً على التهميش وعدم احترام مبدأ الشراكة في السلطة، فضلاً عن تمرير 70 مرسوماً من دون توقيع الوزراء المعترضين وسط دعوة التيار الوطني الحرّ للنزول الى الشارع يوم الجمعة المقبل.
خلافات سياسية وأزمات متفجرة ولا حلول، بالتزامن مع حراك في الشارع ظاهره مواطنون ينادون بمطالب محقة لكن باطنه أنّ جهات معينة تسيّره، وأنّه ذو خلفيات وأبعاد لاستغلال شارع للأخذ به الى صدامات وفوضى، فأحداث الشغب والاشتباكات التي حصلت خلال تظاهرة السبت 22 آب المنصرم ليست وليدة لحظتها، فضلاً عن أنّ العديد من قادة الحراك معروفو الانتماء والولاء لبعض السفارات الأجنبية في لبنان بحسب المعلومات، عدا عن العناوين السياسية الغير واقعية التي رفعت وبعض الشعارات التي ساوت بين قامات وقيادات وطنية والطبقة السياسية الفاسدة ما ادّى الى حرف الحراك عن مساره.
خطورة الوضع السياسي ومحاولات أخذ الشارع الى الفوضى، دفعت الرئيس بري إلى إخراج ورقة الحوار من بين أكمامه، وهو عراب طاولة الحوار عام 2006 التي عملت على سحب فتيل الفتنة وامتصاص تداعيات اغتيال الرئيس رفيق الحريري، قبل ان تندلع حرب تموز ليعود بري ويدعو الى طاولة حوار جديدة عام 2008 بعد أحداث السابع من أيار التي أفرزت العديد من النتائج والتداعيات السياسية، أبرزها اتفاق الدوحة، وانتخاب رئيس جديد للجمهورية، وتشكيل حكومة الوحدة الوطنية.
كما الحوارات الجماعية، لم يوفر بري الحوارات الثنائية للجم اندفاعة الأطراف نحو التصعيد، فقد جمع تيار المستقبل وحزب الله على طاولة حوار في عين التينة مستمرة حتى اليوم، والتي إنْ لم تؤدّ الى حلول للملفات الخلافية، الا انها نجحت في تخفيف التشنّج المذهبي وإبعاد شبح الفتنة والحريق في المنطقة عن لبنان لا سيما في سورية والعراق واليمن، فضلاً عن توفير الغطاء السياسي للخطة الأمنية في مختلف المناطق لا سيما في البقاع والشمال.
مبادرة الرئيس بري لاقت قبولاً جامعاً من معظم الأطراف، ما يدلّ على خشية الجميع من انفلات الأوضاع، لكن هل يسبق الحوار انفجار الشارع؟
من الواضح أنّ هذا القبول الجماعي الداخلي لمبادرة بري يواكبه ترحيب إقليمي ودولي، لا سيما من الولايات المتحدة والسعودية اللاعبان الرئيسيان في الشارع ومعهما قطر، وهذه الدول لم تمانع الحوار لأنه مظلة جامعة إذا نضجت التسويات ويمكن التحكم بإفشاله إذا لزم استعمال الشارع أو تصعيد الوضع.
مسعى الرئيس بري يسير على خطين، حكومي للمعالجة الخدماتية وأولها النفايات، ومسعى برلماني وأوله قانون الانتخابات، فسحب فتيل التصعيد سيحرج الذين يريدون للأمور الذهاب إلى الانفجار في الشارع، وحلّ القضايا الحياتية يهدّئ من فورة المواطنين وغضبهم، لتبقى الملفات السياسية العالقة قيد النقاش على طاولة الحوار التي ستشكل منصة لتلقي الإشارات الإيجابية إقليمياً عند نضوجها.