غزوة الموصل.. والغموض الكردي

زهير مكي

أوحى سقوط مدينة الموصل ومناطق في كركوك في أيدي عصابات تنظيم «دولة العراق والشام – داعش» بشكل دراماتيكي وكأن ما حصل جاء فقط بسبب انهيار القوات العراقية في تلك المنطقة، وليس لأن مؤامرة كبيرة وقذرة كان نجمها الخائن محافظ الموصل أثيل النجيفي، مدعوماً من استخبارات إقليم كردستان بقيادة مسعود البارزاني، ولكن وصول داعش على أبواب الإقليم فتح الأعين على الخطر الذي بدأ يدق الباب الكردي، وهنا يصح القول إن البارزاني وقع في الحفرة التي حفرها لخصومه بدءاً في كشف مواقع خصومه من الأكراد أمام الأرهاب، كاستهداف مقار الاتحاد الوطني الكردستاني حليف الـBKK، والشيوعي العراقي خلال الأيام الماضية، ومن ثم تغطية سلوك آل النجيفي «نكاية» بالمالكي. فهل يسلم البارزاني محافظ الموصل الملتجئ في مناطقه للدولة العراقية لكشف خبايا المؤامرة أم سيسمح له بالفرار إلى تركيا أسوة بنائب الرئيس العراقي المطلوب للإنتربول بتهمة الإرهاب طارق الهاشمي؟

لعل الرسالة التي أرسلها رئيس الوزراء نوري المالكي أمس كانت واضحة في معانيها للجانبين، الكردي والنجيفي ومن يقف خلفهما، إذ قال المالكي: «إنه لن يسمح للإرهابيين بالبقاء ولا للذين أرادوا من خلالهم أن يدخلوا مدخلاً صعباً بالنسبة للعملية السياسية». مشيراً إلى أن «لن يستطيع أحد التعامل مع هؤلاء الإرهابيين الذين وجدوا في المتآمرين المتواطئين فرصة لوضع قدم يتصورون أنها ستبقى في محافظة نينوى». وفي ذلك إشارة إلى توجهات البارزاني في السيطرة على تلك المناطق باعتبارها جزءاً من «إقليم كردستان».

وكانت الهجمات التي شنها تنظيم داعش على الموصل دفعت إلى انهيار قوى الأمن والجيش في الساعات الأولى من المواجهة التي بدأت فجر أول من أمس وعلى إثرها تفككت كامل أجهزة الدولة الأمنية والسياسية.

حيث اختفى 52 ألف منتسب للسلك العسكري والأمني وقام غالبيتهم برمي أسلحتهم وبزاتهم العسكرية في الشوارع لتصبح مخازن الأسلحة في عهدة «داعش»، فيما نجا محافظ الموصل أثيل النجيفي بمساعدة من قوات البيشمركة وتمكن من الفرار.

وأمام هذه الانهيار المفاجئ، أعلنت الحكومة العراقية حالة «الإنذار القصوى» مطالبة البرلمان بإعلان حالة الطوارئ خلال جلسة غد وفتحت الباب امام العراقيين للتطوع بهدف التصدي لـ«داعش» في أكبر انتكاسة للعملية السياسية العراقية منذ الاحتلال الأميركي في نيسان 2003.

وذكرت تقارير أن «داعش» ضربت مقر تجمع قيادة أركان الجيش في محافظة نينوى بسيارة مفخخة نسفت فندق الموصل، فأصابت بذلك العمود الفقري للجيش العراقي، تبعت ذلك هجمات شاملة.

ويمثل سقوط نينوى في أيدي المجموعات المسلحة المناهضة للحكومة والتي يشكل الجهاديون وعناصر «داعش» أبرز مكوناتها حدثاً استثنائياً بالنسبة إلى الوضع الأمني في العراق بشكل عام لما تحظى به هذه المحافظة من أهمية استراتيجية نظراً إلى حجمها ولموقعها القريب من إقليم كردستان الذي يتمتع بحكم ذاتي.

كذلك تقع مدينة الموصل عاصمة الشمال العراقي على بعد كيلومترات فقط من الحدود مع سورية حيث يفصل بينها وبين معبر اليعربية الفاصل بين العراق وسورية منطقة تسكنها عائلات سنية لها امتدادات عشائرية وعائلية على الجانب الآخر من الحدود.

وقالت تقارير إن عدداً من أطلقوا من السجون بلغ 2700 معتقل. وقال مصدر أمني إن «المسلحين سيطروا على مطار الموصل بالكامل، بعد إسقاط قيادة عمليات نينوى في حي الطيران جنوب الموصل، وأسقطوا مبنى مديرية الشرطة في الدواسة وسط الموصل والانتقال إلى الجانب الأيسر والسيطرة عليه بالكامل».

وقال ضابطان بالجيش إن قوات الأمن تلقت أوامر بمغادرة المدينة بعد أن استولى المتشددون على قاعدة الغزلاني في جنوب الموصل وأخرجوا أكثر من 200 نزيل من سجن شديد الحراسة. وأضافا أن قوات الجيش والشرطة المتقهقرة أشعلت النار في مخازن للوقود والذخيرة لمنع المتشددين من استخدامها، غير أن المتشددين تمكنوا من اقتحام مقر لواء «صولة الفرسان» غرب المدينة واستولوا على الأسلحة والذخائر فيها كافة.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى