ضاهر: انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية لمجلس الوزراء في حال الشغور مخالف لروحية الدستور وهو طعن للميثاق الوطني

حوار : روزانا رمّال

من المذهبية إلى الطائفية فالوطنية يتصارع اللبنانيون ومعهم دستورهم لتأمين «نصاب العيش المشترك»، الفراغ الرئاسي يسود المشهد والقلق والسجالات والفتاوى وتفسيرات الدستور لا تتوقف وبغياب الرئيس ما هو البديل الدستوري؟ وما هي صلاحيات الحكومة والى اي مدى تستطيع الحكومة ان تحل محل الفراغ من دون ان يتطبع البلد على فكرة غياب رئيس الجمهورية؟ ماذا عن التشريع في ظل الشغور وهل يحق دستورياً؟ ماذا عن الانتخابات النيابية المقبلة؟ هذا كله والمنطقة تشتعل وأقربها للبنان وأكثرها تأثيراً عليه هي سورية، فماذا بعد الانتخابات الرئاسية فيها وعن مستقبل مسيحيي الشرق؟

خير من يمكن ان يحدثنا ويعطينا اجوبة عن هذه الاسئلة المعقدة التي تشغل الوسطين السياسي والاعلامي في لبنان هوالوزير والنائب السابق الشيخ مخايل الضاهر الذي يحب البعض ان يسميه شيخ الدستوريين.

هذا أبرز ما ورد في «حوار الفاصلة» المشترك بين «توب نيوز» وصحيفة «البناء» اللبنانية:

ما هي صلاحيات رئيس الحكومة بموجب الدستور اللبناني في حال الشغور في رئاسة الجمهورية؟

بداية يجب التنويه بمسألة مهمة في الدستور اللبناني تطرقت لموضوع الشغور في منصب رئاسة الجمهورية وهي المادة 74 التي نصت على أن «في حال الشغور في رئاسة الجمهورية لأي سبب كان يجتمع المجلس النيابي مباشرةً لانتخاب رئيس للجمهورية من دون الحاجة الى دعوة من رئيس المجلس ويبقى المجلس بحالة انعقاد حتى انتخاب رئيس للجمهورية».

ويضيف الضاهر أن المجلس المنعقد بهذه الحالة يصبح «هيئة ناخبة» وليس هيئة اشتراعية بمعنى تسحب الصفة التشريعية من المجلس النيابي ريثما يتم انتخاب رئيس للجمهورية، وبموجب الدستور يجب على المجلس النيابي أن ينتحب رئيساً للجمهورية بأقصر وقت ممكن لا يتجاوز يومين إلى ثلاثة أيام، أما بالنسبة الى صلاحيات رئيس الجمهورية تنتقل ريثما يقوم المجلس النيابي بانتخاب رئيس للجمهورية.

بينت ذلك المادة 62 من الدستور اللبناني، وهنا لا بد من التميز بين فترتين في ما يتعلق بهذه المادة هي المادة 62 قبل اتفاق الطائف حيث نصت «في حال شغور سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط السلطة الإجرائية وكالة بمجلس الوزراء»، ومن الجدير ذكره أن هذه المادة لم تناقش في اتفاق الطائف.

أما بعد اتفاق الطائف انتقلت السلطة الإجرائية إلى مجلس الوزراء حكماً بعدما كانت من صلاحيات رئيس الجمهورية لذلك تم التعامل مع المادة 62 بعد الطائف على أساس انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية إلى مجلس الوزراء في حال الشغور ولم تقتصر على السلطة الإجرائية فقط بمعنى «في حال شغور سدة الرئاسة لأي علة كانت تناط صلاحيات رئيس الجمهورية وكالةً بمجلس الوزراء».

ويرى الضاهر أن التعامل مع المادة 62 بهذه الشكل هو مخالف لروحية الدستور وهو طعن للميثاق الوطني ومن شأنه أن يؤدي لعدم مشاركة مكون رئيسي في لبنان إزاء القرارات المصيرية، بالتالي يجب أن تقتصر صلاحيات مجلس الوزراء في حال الشغور بمنصب رئاسة الجمهورية على السلطة الإجرائية فقط من دون صلاحيات رئيس الجمهورية، فلا يجوز أن يحل مجلس الوزراء محل رئيس الجمهورية بكامل صلاحياته وهو الأصل المتوافق مع روحية الدستور، كما لا يمكن التعامل مع الشغور على أنه وضع يمكن التأقلم معه لذا يجب أن يأخذ انتخاب الرئيس الصفة المستعجلة ويتم انتخاب رئيس للجمهورية خلال أيام.

ما هي الحلول الممكنة دستورياً لتسير شؤون البلد وضمان استمرار عمل المرافق العامة في ظل الشغور الرئاسي الحالي؟

أولاً يعتبر المجلس النيابي بحالة انعقاد دائم حتى انتخاب رئيس للجمهورية وبهذه الحالة يعد المجلس النيابي «هيئة ناخبة» ولا يقوم بالتشريع على أن لا تطول هذه الفترة، أما خلال هذه الفترة تناط السلطة الإجرائية بمجلس الوزراء أي يتصرف مجلس الوزراء بحدود سلطته الإجرائية المناطة به مسبقاً من دون المساس بصلاحيات رئيس الجمهورية، وفي حالة الضرورة فقط يمكن مجلس الوزراء أن يمارس صلاحيات رئيس الجمهورية بأضيق الحالات من دون تعميم مسألة انتقال صلاحيات رئيس الجمهورية لمجلس الوزراء لأن ذلك غير متوافق مع روح الدستور ولا يمكن التعامل معه على أنه حالة طبيعية.

وإزاء هذه الحالة يضيف الضاهر، ينعقد مجلس الوزراء بدعوة من رئيس الوزراء، ويعد المجلس منعقداً بحضور الثلثين أي 16 وزيراً ويتم طرح القضايا إما بالوفاق أو بالتصويت، فإذا كانت من القضايا المصيرية تحتاج الى موافقة ثلثي الأعضاء وفقاً للدستور وبالمسائل الأخرى يكون بالنصف زائد واحداً.

واذا أخذ المجلس قراراً بالإيجاب إزاء اقتراح مقدم من رئيس مجلس الوزراء عندها يوقع رئيس مجلس الوزراء بعد موافقة مجلس الوزراء بصفته كرئيس للمجلس ومن ثم يوقع رئيس مجلس الوزراء «بالوكالة عن رئيس الجمهورية» وبهذه الحالة يوقع رئيس مجلس الوزراء مرتين: المرة الأولى بصفته بعد موافقة مجلس الوزراء، والمرة الثانية بالوكالة عن رئيس الجمهورية.

ما هي حدود عمل مجلس النواب وما هو مصير الانتخابات النيابية المقبلة في ظل الشغور الرئاسي الحالي؟

بالعودة إلى روح الدستور نجد أنه بحال الشغور الرئاسي تسحب صفة التشريع عن المجلس النيابي ويعد «هيئة ناخبة» وليس هيئة اشتراعية ريثما يتم انتخاب رئيس، وفي هذا السياق أشار الضاهر إلى الطرح الذي قدمه التيار الوطني الحر وهو السماح للمجلس بالتشريع في هذه الحالة فقط إزاء القضايا التي ستشكل السلطة في البلد لاحقاً كتعديل قانون الانتخاب، لكن بكل الحالات يرى الضاهر أن التمديد للمجلس النيابي غير جائز وإن لم يتم التوصل لقانون جديد للانتخابات، مؤكداً أن هذا التمديد الذي حصل سابقاً هو مخالف للدستور ولا يجوز أن يتكرر، وفي حال عدم تعديل قانون الانتخاب يمكن أن تجري الانتخابات تبعاً لقانون الـ60 من دون الوصول الى التمديد، مضيفاً ان على الحكومة أن تبدأ مباشرة بتعديل قانون الانتخابات بما يتوافق مع روح الطائف، مؤكداً أن القانون الأمثل يجب أن يعتمد على تقسيم الدوائر في شكل أصغر بمعنى إعادة النظر بالتقسيم الجغرافي للدوائر الانتخابية

كيف ترى مستقبل الوجود المسيحي في الشرق، وهل أنت قلق على دور المسيحيين المشرقيين في ظل الأوضاع التي تعيشها المنطقة؟

لا شك في أن هواجس المسيحيين بالفترة الأخيرة زادت في ظل الأحداث التي حصلت في العراق وسورية ومصر وخصوصاً في العراق الذي يشهد وضعاً يزداد سوءاً يوماً بعد، لذا شهدنا هجرة واسعة للمسيحيين بعد التغلغل الواسع الذي قامت به «الجماعات الجهادية» أما بالنسبة لمصر فقد يكون الوضع الحالي أفضل من سابقه بعد انتخاب الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، وبالنسبة الى سورية فشهدنا أن المسيحيين تعرضوا لمضايقات كثيرة من قبل «الجماعات الجهادية»، لكن النظام السوري احتضن المسيحيين، فالوجود المسيحي يشكل ثروة في المجتمع السوري، مشيراً إلى أن حال المسيحيين الآن يعد أفضل في ظل استعادة النظام لكثير من المناطق التي كانت تحت سيطرة «الجماعات الجهادية».

كيف ترى سورية بعد إجراء الانتخابات الرئاسية؟

بداية يجب الإشارة إلى الحالة العفوية التي عبر عنها الشعب السوري في هذه الانتخابات كما علينا أن نحترم إرادة الشعب السوري الذي عبر عن مشاركة صادقة وعفوية، ولا بد من الإشارة أيضاً إلى أن الرئيس الأسد وبعد مضي 3 سنوات من الأزمة ما زال الحاكم الذي يحظى بغالبية شعبية مؤيدة لكل الإجراءات التي قام بها، وهذا الإقبال الكثيف على الانتخابات يشكل ترجمة لمسائل عدة أهمها حاجة الناس الى نظام يقوم بحمايتهم متمثل بالنظام الحالي، إضافة أنهم ضد هذه الهجمة التكفيرية وضد كل الدول التي دعمت هؤلاء الإرهابيين، حيث شكل هذا الإقبال على الانتخابات رسالة لكل الدول تبين مدى تأييد الشعب السوري للنظام السوري.

كيف ترى موقف جامعة الدول العربية تجاه الأزمة السورية؟

لا شك في أن الجامعة العربية ارتكبت خطأً كبيراً مخالفاً لميثاقها في تعاملها مع الأزمة السورية حيث تنص المادة 8 من ميثاق الجامعة على أن «كل دولة من الدول المشتركة في الجامعة تحترم نظام الحكم القائم في دول الجامعة الأخرى، وتعتبره حقاً من حقوق تلك الدول، وتتعهد بأن لا تقوم بعمل يرمي إلى تغيير ذلك النظام فيها».

ما رأيك بالتعاطي الدولي مع الأزمة السورية؟ وما رأيك بما صرح به الاخضر الابراهيمي لصحيفة «دير شبيغل» الالمانية بأن هناك احتمالاً ان تكون المعارضة السورية استخدمت الكيماوي بخان العسل» وهو مبعوث اممي لسورية؟

لا بد من الاشارة الى ان الاخضر الابراهيمي وهو صديق لي قد اخطأ في هذا الامر وكان يجب عليه ان يقول ذلك من قبل كما تجدر الاشارة إلى أن الولايات المتحدة الأميركية تقوم بضغط كبير على هيئة الأمم المتحدة والامم المتحدة اصبحت ألعوبة بيد الاميريكيين، ولا شك في أن هذا الضغط الذي تقوم به الولايات المتحدة هو ضغط إسرائيلي بنهاية المطاف، فهدف إسرائيل هو إضعاف كل دول المنطقة، لذا شهدنا حرب العراق تحت ذرائع وأكاذيب لا صحة لها كأسلحة الدمار الشامل في الوقت الذي كان العراق من الدول القوية التي تهدد أمن «إسرائيل»، والآن ما يحدث في سورية ليس إلا من قبيل إضعاف النظام السوري الذي يشكل تهديداً مباشراً لأمن «إسرائيل»، وفي سياق آخر يرى الضاهر أن المبعوثين الأممين الى سورية والمكلفين بحل الأزمة السورية تمارس عليهم مجموعة من الضغوط من قبل الدول الداعمة للجماعات الإرهابية بسورية لذا لاحظنا في كثير من الأحيان عدم التزام الموضوعية من جانبهم إزاء التصريحات المتعلقة بعملهم.

كيف سينعكس الانفتاح السعودي – الإيراني على المنطقة؟ وهل سيساهم بوصول رئيس لسدة الرئاسة في لبنان؟

هذا التقارب من شأنه أن يريح المنطقة عموماً، خصوصاً بعد انحسار الصراعات المذهبية والجهادية التي تخدم «إسرائيل» في نهاية الأمر، أما بالنسبة الى انعكاس هذا الانفتاح على مسألة الرئاسة اللبنانية فنحن يجب علينا أن نتمسك برئيس يكون من صناعة لبنانية.

تبث الحلقة كاملة اليوم الساعة الخامسة مساءً على قناة «توب نيوز» تردد 12034 «نايل سات»

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى