البيت الأبيض: «تل أبيب» على حقّ!

عامر نعيم الياس

قال المتحدّث بِاسم البيت الأبيض جوش إرنست إن التقارير تؤكّد أنّ «روسيا دعمت سورية بطائرات عسكرية». وأوضح إرنست «أن أيّ دعم عسكري لنظام بشار الأسد مهما كانت ذريعته سواء طائرات عسكرية أو أسلحة سيزعزع الاستقرار».

كلام المتحدث بِاسم البيت الأبيض جاء على خلفية ما نشرته صحيفة «يديعوت أحرونوت» الصهيونية التي قالت منذ أيام إن روسيا ستتدخل عسكرياً في سورية خلال الأيام المقبلة من خلال التواجد في قاعدة عسكرية دائمة ستكون منطلقاً لشنّ هجمات ضدّ «داعش»، فضلاً عن طيارين روس سيشنّون غارات على مواقع المعارضة وتنظيم «داعش». كما جاء على خلفية نفي الرئيس الروسي فلاديمير بوتين شخصياً التقارير الصهيونية، إذ جاء في مؤتمر صحافي عقده خلال جولته في الشرق الأقصى الروسي، إنه «من السابق لأوانه أن تشارك روسيا بقواتها في الحرب على داعش». فما غايات التكذيب الأميركي للرئيس الروسي عبر البيت الأبيض والمصادقة ببيان رسمي أميركي على معلومات صحافية صهيونية؟

من الواضح أن الإدارة الأميركية تحاول الهروب إلى الأمام عبر تبرير التصعيد الأخير في سورية سواء على المستوى الميداني من خلال قصف العاصمة دمشق وتشديد الضغط الإرهابي على سكانها، ومعارك المطارات في ريفَي حلب وإدلب، أو على المستوى السياسي والذي تجلّى بإفشال المبادرة الروسية لتشكيل حلف لمحاربة الإرهاب في المنطقة وإفراغها من مضمونها، فضلاً عن سحب البساط من تحت الجهد الروسي القائم على تكثيف المشاورات مع «المعارضة السورية» في محاولة للسير في المسار التفاوضي حول سورية إن كان عبر تسهيل عقد «جنيف 3» أو اللجوء إلى جهد دبلوماسي أدنى عبر «موسكو 3» هذا من جهة. ومن جهة أخرى فإن المصادقة الرسمية الأميركية على وجود قوات روسية في سورية تقود الحرب على الإرهاب ووصفها بأنها «مزعزعة للاستقرار» يهدف كما حصل في أوكرانيا إلى رفع منسوب التدمير في سورية عبر تشجيع الميليشيات الإرهابية المسلّحة والدول الداعمة لهم على زيادة الدعم المالي والبشري والتسليحي. إضافةً إلى توسيع دائرة التدخل الدولي في الأزمة السورية والتبرير لخطوات لاحقة على قاعدة التدخل الروسي العسكري المباشر المخلّ بتوازن القوى القائم في المنطقة. فالتدخل العسكري الروسي الجوي في سماء سورية يقلق الكيان الصهيوني بالدرجة الأولى ويغيّر قواعد الاشتباك في سماء سورية، وبالتالي المنطقة بكاملها، وهو ما يساهم بشكل مباشر في تبرير الدفع بالتدخل العسكري الغربي تحت ستارة حلف أوباما لمحاربة «داعش» إلى اتخاذ المزيد من الخطوات التي تعمّق شكل التدخل العسكري المباشر في سورية. ولعل أحد أوجهه ما قاله وزير الخارجية الأميركية جون كيري قبل يومين حول إمكانية دخول قوات برية من دول عربية في سورية، وفي «التوقيت المناسب» لمحاربة تنظيم «داعش» وملء الفراغ في شمال سورية وفق الخطة الأميركية التركية الخاصة بالمنطقة الآمنة غير المباشرة والتي تؤمن التغطية الجوية لقوات غير أميركية وغير أطلسية في سورية، على قاعدة أولوية الحرب على «داعش».

إن التصعيد في سورية يكتسب قاعدةً سياسية رسمية عبر التصريحات الأميركية الأخيرة الصادرة عن البيت الأبيض، بينما يبقى الحديث عن الحل الدبلوماسي من دون معطيات واضحة على الأرض.

كاتب ومترجم سوري

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى