الملك سلمان يستسلم لأوباما: التفاهم النووي يحقق الاستقرار للمنطقة بوتين يقدّم الأسد شريكاً سياسياً وعسكرياً… ونزيف إماراتي في اليمن
كتب المحرر السياسي
ليس سراً أنّ ارتباكاً أصاب السعودية مع التوقيع على التفاهم النووي مع إيران، وأنّ الشعور بالخيبة والخذلان تجاه العلاقة بواشنطن جمع كلّ المسؤولين السعوديين وثيقي الصلة بأميركا وأصحاب رهان أحادي عليها في العلاقات الدولية، كما ليس سراً أنّ الموقف المعلن للسعودية لجهة بث المخاوف من أيّ تفاهم على الملف النووي مع إيران من دون ضمان تغيير في سياساتها الإقليمية، خصوصاً ما يتعلق بسورية والعراق واليمن ولبنان، يعني تشجيعاً لهذه السياسات وتحويل المكاسب التي ستحققها إيران جراء التفاهم لتعزيز هذه المواقع الحليفة لإيران التي تسبّب الإرباك والفشل وتصيب بالخسائر حلفاء واشنطن التقليديين. وبمثل ما كان هذا موقف السعودية كان كذلك موقف «إسرائيل» وتركيا، ونشأ تحالف وثيق لضرب فرص التفاهم سواء بالضغط على البيت الأبيض عبر الكونغرس باللوبيات «الإسرائيلية» والنفطية والتمويل السعودي، أو بإغراء القيادة الأميركية للتريث في إظهار ما يستطيعه الحلفاء لتغيير موازين القوة في وجه إيران. ومع زيارة الملك السعودي لواشنطن كان كلّ شيء على الطاولة، من ملفات وقضايا، لكنها كلها تحتمل المسايرة والمداورة، وقول عكس ما ستكون عليه الأفعال إلا الملف الرئيسي الذي يقرر فعلياً مصير سواه، وهو الملف النووي والموقف من التفاهم
مع إيران حوله، فالتراجع السعودي هنا استسلام لواشنطن، ولا قيمة إلى جانب الإعلان عن دعم التفاهم النووي مع إيران لأيّ كلام سعودي آخر.
بعد لقاء الملك سلمان بن عبد العزيز مع الرئيس باراك أوباما خرج وزير الخارجية السعودي يقول كلاماً كثيراً يجترّ فيه مواقف سابقة، لكن الجملة الذهبية كانت، أنّ السعودية ترى الاتفاق النووي مصدراً للاستقرار في المنطقة.
خسر الملك مقامرته اليمنية ومغامرته السورية فأعلن الاستسلام في واشنطن، وحصل على المهلة اللازمة لترتيب أموره قبل أن تصبح تركيا خارج الحروب بعد انتخاباتها المقبلة وتصير حليفاً ضدّ «داعش» فقط كما ترغب أميركا ضمناً ويعرف السعوديون ضمناً، ويصير البحث في الحلول السياسية لسورية واليمن على نار هادئة لتمكين السعودية من الانخراط في أطر للحلول من دون القبول بهذه الحلول، كمثل القبول بالشراكة في لجان الاتصال الخاصة بجنيف 3 من دون القبول بالانخراط مع الدولة السورية في تفاهمات، وترك الأمور تسير نحو انتخابات ترتضيها المعارضة وترمي السعودية بثقلها المالي والإعلامي لدعمها لكنها تتقبّل سلفاً خسارتها أهون من أن تعلن تراجعها على الملأ.
في الاتجاه نحو الحلول السياسية ببطء، كان الأبرز كلام الرئيس الروسي فلاديمير بوتين عن الشراكة السياسية والعسكرية مع الرئيس السوري بشار الأسد، سواء لجهة التفاهم على مبادرات سياسية من بينها انتخابات مبكرة، كما قال، أو بتأكيد ما قاله وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف عن الجيش السوري كقوة لا يتقدّمها أحد في الحرب على الإرهاب.
في المسار اليمني المؤرق للسعودية، نزف جيش دولة الإمارات دماً غزيراً، بسبب تورّطه في الحرب إلى جانب السعودية فنعت وزارة الدفاع الإماراتية سقوط خمسة وأربعين من ضباطها وجنودها قتلى بنتيجة سقوط صاروخ في قاعدة إماراتية في مأرب، بينما أكد الجيش اليمني أنّ الخسائر تتصاعد في صفوف الجيشين السعودي واليمني وسط تكتم شديد، وأنّ أغلبها في سلاح المدرّعات التي تستهدفها مجموعات صواريخ الكورنيت ويسقط فيها يومياً جنود وضباط وتحترق آليات، بينما تشير مصادر وزارة الخارجية العُمانية من مسقط إلى مناخات إيجابية للتفاوض الدائر حول شروط الحلّ السياسي حيث التقارب بين الورقتين التي تقدّم بهما الحوثيون والسعوديون تخطى الكثير من التعقيدات.
لبنانياً كان الاستفتاء البرتقالي هو الحدث، بما أتاح للعماد ميشال عون منح خياراته التي يحملها معه إلى طاولة الحوار يوم الأربعاء المقبل قدراً عالياً من القوة والمصداقية التمثيلية، فيما كانت الجمعيات الداعية إلى الحراك في الساحات تتابع استعداداتها لما وصفته بالتحدي الكبير بتقديم حشد يردّ الاعتبار للحراك كقوة فاعلة في المشهد بعدما أصاب صورتها من ضعف مع تراجع كبير في المشاركة في الأنشطة التي تلت نهاية شهر آب الماضي واستعراض السبت الأخير منه.
يوم برتقالي في ساحة الشهداء
إلى ساحة الشهداء دُر. فبعد تظاهرة الحراك المدني في 29 آب الماضي، استرد التيار الوطني الحر الساحة في يوم برتقالي. فقد شهدت ساحة الشهداء تظاهرة حاشدة لجماهير «التيار» الذين تقاطروا من مختلف المناطق اللبنانية إلى وسط العاصمة بيروت، تحت شعار «وحدا الانتخابات بتنضّف»، وذلك للمطالبة بالإصلاح والشراكة وتطبيق الميثاق الوطني، إضافة إلى محاربة الفساد وانتخاب رئيس للجمهورية.
وتوجه رئيس تكتل «التغيير والإصلاح» النائب ميشال عون في كلمة للمتظاهرين، معرباً فيها عن فخره بالمتظاهرين، قائلاً: «كما أنا فخور بكم اليوم مثلما كنت بالأمس وكما سأبقى فخوراً غداً، أنتم حافظتم على رسالة الوطن السليم وعلى التيار الوطني الحر وبتضامنكم وأخلاقكم ستحافظون على الوطن».
باسيل: لا نرضى برئيس الخشب
ولفت رئيس «التيار الوطني الحر» جبران باسيل في كلمة من ساحة الشهداء أننا «لن نرضى برئيس الخشب لأنه لا يفهم بالمعادلة الذهبية للناس، بل نريد رئيساً حراً ننتخبه نحن وليس الخارج، يمتلك قراره بالقوة الشعبية والدستورية، ونريد مجلس نواب لا يمدد لنفسه ولا ينتهك حدود صلاحيته، ونحلم بدولة فيها مجلس وزراء يتقاسم الجميع المسؤولية فيه ولا يخالف القوانين والدساتير، ولن نسمح بأن ينكسر المسيحيون في لبنان».
التيار رسم خريطة طريق جديدة
وأكدت مصادر قيادية في التيار الوطني الحر لـ«البناء» أن مناصري التيار لبوا نداء العماد ميشال عون ونزلوا إلى ساحة الشهداء بحشود كبيرة، حيث غصت جادة شار حلو بآلاف المناصرين الذين وصلوا متأخرين وأوقفوا سياراتهم وتابعوا المسير سيراً على الأقدام إلى ساحة الشهداء بسبب زحمة السير الخانقة.
ولفتت المصادر إلى أن هذا الحشد رد على كل الإشاعات التي تحدثت بأن التيار لا يمثل في الشارع بعد أن أخذ الحراك المدني الساحة ورفض استقبالنا في حراكه، لكن نحن دعيناه لأن ينضم إلينا، حيث لا يمكن لأي طرف أن يلغي الآخر.
وشددت المصادر على أن «التيار وضع خريطة طريق جديدة بعد أن حاول من خلال الحوار والتقارب فتح صفحة جديدة مع جميع الأطراف، لكن لم يصل إلى نتيجة، لذلك دعا إلى انتخابات رئاسية مباشرة من الشعب أو إلى إجراء انتخابات نيابية على أساس قانون انتخابي جديد على أساس النسبية يعطي الأحجام والأوزان الحقيقية لجميع القوى ويعطي الاصطفافات الطابع الوطني ويلغي الاصطفافات الطائفية والمذهبية ومن بعدها الدخول للشراكة وبناء دولة خالية من الفساد والفاسدين وعلى رؤية وطنية».
وأضافت المصادر أن ما يحصل في الحكومة من قرارات مخالف للدستور، لكن وزراء التكتل لن يستقيلوا من الحكومة ويتركوا الطرف الآخر يفعل ما يشاء في الحكومة، ولن يكرروا تجربة انسحاب الوزراء الشيعة من الحكومة عام 2007 عدا عن أن هذه الحكومة تمثل مقام رئاسة الجمهورية.
وأكدت المصادر أن المجلس النيابي الحالي مدد له المرة الأولى على أساس أن يقر قانون انتخاب جديداً، لكنه فشل في ذلك ومدد له مرة ثانية وهذا مخالف لاتفاق الطائف، وأعلنت المصادر أن هناك تلازماً وتكاملاً بين الحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس بري وبين التظاهر ولا يتعارضان.
النفايات إلى البلديات
على صعيد أزمة النفايات، سلم وزير الزراعة أكرم شهيب رئيس الحكومة تمام سلام في السراي الحكومي خلاصة عمل لجنة النفايات والتي على ضوئها سيدعو سلام إلى جلسة حكومية لمناقشة المقترح.
وأكد وزير الدولة لشؤون التنمية الإدارية نبيل دو فريج لـ«البناء» أن المقترح الذي قدمه وزير الزراعة أكرم شهيب للرئيس سلام لمعالجة أزمة النفايات هو حل واقعي ويعطي البلديات الدور الأساسي في المعالجة، لكنه نبه إلى أن إزالة النفايات من الشوارع لا تستطيع انتظار البلديات التي تحتاج إلى وقت لتضع مشاريع وخططاً للمعالجة بل نحتاج إلى حل موقت لوضع حد لتكدس النفايات في الشوارع».
وأشار دو فريج إلى أن تيار المستقبل قدم منذ شهرين مقترحاً مشابهاً يستند إلى إشراك البلديات بمعالجة النفايات كتجربة بلدية صيدا الناجحة».
وأوضح أن الرئيس سلام سيدعو إلى عقد جلسة لمجلس الوزراء على ضوء مقترح لجنة البيئة لمناقشته في الجلسة ولتوفير التمويل اللازم للبلديات».
سلام يتلقى جرعة دعم دولية وعربية
ومع تصاعد التحركات الشعبية في الشارع والدعوات لإسقاط الحكومة في الشارع وعشية الحوار الوطني، تلقى الرئيس تمام سلام جرعة دعم عربية ودولية مساندة له في جهوده للمحافظة على استقرار الحكومة وعملها. فقد التقى سلام في السراي سفراء من الإتحاد الأوروبي، الذين جددوا التمني بانتخاب رئيس جديد للجمهورية من دون المزيد من التأخير وإقرار مجلس النواب التشريعات الملحة. وأكدوا مساندة سلام في جهوده للمحافظة على استقرار الحكومة وعملها في ضوء استمرار الجمود السياسي والفراغ الرئاسي.
وأكد الأمين العام للجامعة العربية نبيل العربي دعم الجامعة للجهود التي تبذلها الحكومة اللبنانية لحماية لبنان من الانزلاق نحو عدم الاستقرار والفراغ في عمل المؤسسات الدستورية للدولة. وشدد في هذا الإطار على أهمية المبادرة الحوارية التي أطلقها الرئيس بري لاحتواء الموقف الراهن في لبنان وتفعيل دور المؤسسات البرلمانية والحكومية والإسراع في إجراء انتخابات رئيس للبلاد. كما نقل سفير الكويت لدى لبنان عبد العال القناعي دعم بلاده للبنان وللرئيس سلام.
مطالب الحراك تجاوزت أزمة النفايات
ولفتت مصادر وزارية لـ«البناء» إلى أن «مطالب الحراك الشعبي تجاوزت موضوع النفايات كما أن الحراك لا يعترف بالحوار الوطني الذي دعا إليه الرئيس بري الذي على جدول أعماله قضايا سياسية تهم كل اللبنانيين، بل دعا الحراك إلى تظاهرة بالتزامن مع انعقاد الجلسة الأولى للحوار ما يعني أن الشعب لم يعد يصدق الوعود بل يريد أن يرى تطبيقها على الأرض».