أبو فاعور: أهم ما يواجهنا هو الحفاظ على نوعية الخدمات الطبية وعلى سمعة الطبيب اللبناني الحسنة ومؤسساتنا الصحية
حدد وزير الصحة العامة وائل أبو فاعور «الخطوط العامة للسياسة الصحية في لبنان»، وتوقف «أمام الإيجابيات المحققة في النظام الصحي اللبناني الضخم بخدماته الصحية والاستشفائية»، ولافتاً من جهة ثانية إلى «الثغرات الواجب معالجتها، وأبرزها عدم امتلاك نصف الشعب اللبناني تغطية اجتماعية فضلاً عن غياب ضمان الشيخوخة وتعثر الضمان الاختياري»، وداعياً إلى «توفير الآليات العملية عبر سياسات التأمين العامة لجعل الخدمات الصحية في متناول كل المواطنين والفقراء منهم بنوع خاص».
كلام الوزير أبو فاعور جاء خلال رعايته حفل تخرج الأطباء المقيمين في المركز الطبي للجامعة الأميركية في قاعة «الاسمبلي هول» الذي حضرته النائب بهية الحريري إضافةً إلى أفراد الهيئة التعليمية وعائلات المتخرجين وتخلّله توزيع جائزة الإنسانية والاحتراف برنامج سليم الحص للأخلاقيات الإحيائية والاحتراف للطبيب الدكتور زياد سالم والطبيب المقيم الدكتور كريم مصروعة.
ألقى أبو فاعور كلمته وقال إن «من حق الجامعة الأميركية أن تعتز وتتباهى بما قدمته للوطن والمنطقة وحتى لبعض العالم من رجال كبار تميزوا في كل الحقول وساهموا في تطور بلدانهم وهي التي أصبحت جزءاً أساسياً من تاريخ الوطن وحتى المنطقة، أما المركز الطبي فله علينا الكثير وهو المركز الذي قارب الكمال في خدماته من الرعاية الأولية حتى الخدمات الطبية الأكثر تطوراً وتعقيداً، فربح معركة المرض والمريض وحاز ثقة الجميع واحترامهم».
وتناول أبو فاعور «بعض جوانب السياسة الصحية طارحاً الجوانب الإيجابية والنجاحات المحققة والثغرات الجدية التي ما نزال نواجهها ونتحمل نتائجها لنخلص بعدها إلى طرح توجهات للمستقبل». وأضاف: «أولاً في النجاحات المحققة في نظامنا الصحي، نسجل توفر سوق صحي ضخم بخدماته الاستشفائية والرعائية وتوفر تكنولوجيا طبية الأكثر تطوراً إلى جانب جسم طبي كبير متنوع الاختصاصات ومساعدين مميزين بمهاراتهم ومستواهم الراقي. هذا التميز جعل من سوقنا الصحي ولسنوات طويلة مستشفى الشرق وساهم في نهضة العديد من الأنظمة الصحية في المنطقة، ونسجل أيضاً تحسناً كبيراً في المؤشرات الصحية مثل معدل وفيات الأطفال دون السنة ودون الخمس سنوات وهما حالياً بحدود 9 و10 بالألف. وتحسن مؤشر وفيات الحوامل أثناء الولادة إلى حدود 23 لكل 100,000 ولادة. وصولاً إلى تحسن الأمل في الحياة عند الولادة وهو يقارب 77 78 سنة. نسجل كذلك ديناميكية هذا السوق الصحي وفعاليته في الأيام العادية كما في الأيام الصعبة. لننتهي مع أمرين أساسيين الأول التوزع الجغرافي الجيد للخدمات الطبية والثاني توافر شروط الجودة والسلامة العامة الاعتماد .
وأشار أبو فاعور إلى أنه «في مقابل هذه الإيجابيات لا تزال موجودة في نظامنا الصحي ثغرات جدية إذا استمرت يمكن أن تهدد مستقبل نظامنا الصحي ككل أهمها: في مجال المهن الطبية: نسجل أن 70 في المئة من الأطباء أخصائيون و30 في المئة أطباء عامون، وأن نقصاً حاداً في بعض الاختصاصات المهمة ما يزال موجوداً كطب الطوارئ وطب الشيخوخة وطب العمل والطب الشرعي والصحة العامة والصحة العقلية والنفسية وسواها. وفي قطاع التمريض نخرج أعداداً كافية من الممرضات الجامعيات ولكن نسبة التسرب إلى الخارج كبيرة نظراً للمستوى العالي لهن وطلباً لحقوق مادية أفضل». لافتاً إلى «أن أهم ما يواجهنا هو الحفاظ على نوعية الخدمات الطبية المقدمة في لبنان وعلى سمعة الطبيب اللبناني الحسنة ومعه مؤسساتنا الصحية. ولبنان لعب لسنوات طويلة دور مستشفى الشرق وإن كانت الظروف وهي أمنية بامتياز أدت إلى تراجع هذا الدور، فإننا واثقون من أننا سنعود لنلعب دورنا المميز في المنطقة والاستفادة بالتالي مما نسميه السياحة العلاجية أو الصحية والتي قارب حجمها في السنة في المنطقة السبعة مليارات دولار».
واعتبر وزير الصحة أن «تحديات كبيرة تواجهنا في عملنا اليومي كوزارة صحة عامة وتواجهنا كنظام صحي، فمن جهة ما تزال سياسة التأمينات العامة المعتمدة تعاني من ثغرات جدية أهمها أن نصف الشعب اللبناني لا يمتلك تغطية اجتماعية والوزارة وبتكليف من مجلس الوزراء، توفر خدمات الاستشفاء والمساعدة في الأدوية لهذه الفئة من المواطنين. هذا إضافة لغياب ضمان الشيخوخة مع العلم أن هذه الفئة 9,7 في المئة من عدد السكان هي الأكثر حاجة للخدمات الوقائية والعلاجية والاستشفائية والطارئة وهي تستهلك 30 في المئة من إجمالي الإنفاق على الصحة، فضلاً عن تعثر الضمان الاختياري والتطبيق السيئ للتأمين الإلزامي للسيارات». وأكد أن «هذا الواقع يفرض على الوزارة إعادة النظر في مكونات النظام الصحي وبما يوفر الآليات العملية عبر سياسات التأمين العامة لجعل الخدمات الصحية في متناول كل المواطنين والفقراء منهم بنوع خاص، لذلك من المنطقي أن نتوجه نحو الرعاية الصحية الأولية لتعزيز دورها وتوفير قسم كبير من حاجات الناس الصحية الأساسية في كل المجالات خصوصاً الوقائية والتشخيصية والعلاجية، وأن يتم ربط المستوى الرعائي بالمستوى الاستشفائي عبر نظام إحالة محدد وعملي».
وقال أبو فاعور: «إن من الأمور البالغة الأهمية المطلوب التعاطي معها واعتبارها جزءاً أساسياً من مصادر التمويل هي ترشيد الإنفاق وضبطه من خلال اعتماد: التوجه الرعائي أولاً لأنه الأقل كلفة والأكثر تأثيراً في صحة الناس. ومن خلال التوجه نحو بدائل الاستشفاء كالاستشفاء النهاري والمنزلي. ومن خلال السياسات الدوائية الممكن اعتمادها والتي يمكن أن توفر نسبة عالية من كلفة الصحة».