الحكاية والعبرة تصلان إلى الجمهور الفتيّ عبر الدمى والممثّلين والاستعراض الغنائيّ

دمشق ـ سامر اسماعيل

ذهبت مديرية المسارح والموسيقى هذا العام، إلى إدراج تظاهرة مسرح الطفل في أولى أولوياتها لصيف 2014، إذ افتتحت أول من أمس مهرجان الطفولة المسرحي في كل من دمشق والسويداء والقامشلي والحسكة وحماة وطرطوس واللاذقية، بدعم غير محدود لأنشطة موازية للعروض التي تقدمها نخبة من فناني مسرح الطفل في سورية.

يتوزع نحو ثلاثين عرضاً مسرحياً على المدن السورية، بين مسرح دمى الجاوا والماريونيت ومسرح الكبار للصغار، إضافةً إلى المسرحيات الاستعراضية ذات الصبغة الاحتفالية، إذ بدأ كرنفال الطفولة هذا على مسرح القباني بعرض قبعة الإخفاء لمؤلفه ومخرجه خوشناف ظاظا، الذي آثر في مسرحيته هذه التفرد بمسرح الحكاية والعبرة، مقدماً تقنيات وأدوات ممثل عالية المستوى في مخاطبة جمهور المتفرج الصغير.

فرقة «شارلي» لمديرها نزار البدين، قدمت بدورها عرضاً احتفالياً على مسرح الحمراء عنوانه «شارلي ورفاقه في السيرك» وقدمت الفرقة مهارات عديدة ومتنوعة في مجال الأكروبات ومسرح الدمى البشرية أو ما يسمى بـ«كاستيومات» مثل شخوص مسلسل الأطفال المشهور «افتح يا سمسم»، فكان الجمهور على موعد من مهرجان طفولي تم فيه توزيع الألعاب والهدايا على الأطفال.

مسرح العرائس قدم عرضاً عنوانه «يحيا السلام» لكاتبه كمال بدر ومخرجه طلال لبابيدي، وفيه حكاية بائعة الكبريت التي ترويها دمى الكف ودمى الماريونيت نتعرف فيها إلى فتاة محرومة من حنان الأب تتعرض باستمرار لاضطهاد زوج أمها إذ تلجأ إلى الحلم كمهرب أخير من واقعها القاتم، لتقابل في أحلام يقظتها شخوصاً كرتونية تعيد إليها البهجة والسعادة مثل شخصية بونيكيو التي تأخذ بيدها من جحيم الفاقة والعوز وذلّ السؤال.

محمود عثمان، مدير مسرح الطفل، قدّم عرضه الأحدث أيضاً على خشبة مسرح القباني تحت عنوان «سكان البحر» عن نص لكمال البدر، وهي مسرحية دمى استعان فيها عثمان بأداء محركي دمى الجاوا، إذ يشارك كل من الفنانين رنا صعب وإيمان عمر وأيهم جيجكلي وآلاء مصري زادة في هذا العرض الذي يحكي قصة لؤلؤة السمكة الصغيرة التي تحلم بمغادرة وسطها البحري إلى بلاد اليابسة، وتحقق حلمها بالهجرة بعد أن يصطادها صياد ينقلها إلى حوض زينته، لتكتشف لاحقاً أنه لا بديل من الوطن بعد أن تتحول إلى مجرد تحفة حيوانية في بيت صيادها.

يقول محمود عثمان: «إن عرض سكان البحر يعتمد على محورين أساسيين هما محور شخصية لؤلؤة ومحور شخصية سمكون الذي يتعرض للخطف على أيدي عصابة قرشون، إذ يجسد تحالف سمكون مع رفاقه مقولة العرض المشهورة إنه في الاتحاد قوة، فيما تجسد شخصية لؤلؤة أهمية الانتماء إلى الوطن كوسط يحمينا ولنا فيه أهل وأصدقاء وذاكرة، إذ أردت من هذه المسرحية أن توضح ذلك للطفل وأن تنبهه إلى ضرورة التمسك بالوطن وعدم الانجرار إلى الهجرة عنه»، موضحاً أن تظاهرة مسرح الطفل تشكل فسحة مهمة وحيوية للأطفال مع دخولهم عطلتهم الصيفية وانتهائهم من تقديم امتحاناتهم المدرسية، إذ تحرص المديرية على تكريس هذا المهرجان في جميع مسارح المدن والبلدات في بقاع الوطن كافة نظراً إلى دور الفن المسرحي في تربية النشء وتهذيب حواسه التي شوهتها نشرات الأخبار الدموية وما كان لها من دور في استخدام الطفل والطفولة لأغراض سياسية كان الطفل على الدوام ضحيتها الأولى. ويشير مدير مسرح الطفل إلى أن تظاهرة هذا العام تشهد أنشطة موازية للعروض تتضمن رسماً على الوجه والاشتغال على الصلصال والفخار وتدوير مواد تالفة، إضافةً إلى سرد قصصي سيقدم على مسرح القباني، تشارك فيه مجموعة من نجوم مسرح الطفل في سورية، إلى جانب مجموعة من الأطفال لتقديم تجربة المسرح التفاعلي مع جمهور الصغار.

عبد السلام بدوي اعتبر من ناحيته أن العديد من الأنشطة والفعاليات التربوية والثقافية والاجتماعية ينبغي أن تتفاعل لإنجاز هذه التظاهرة التي تولت مديرية المسارح والموسيقى وحدها عبء القيام بها، من دون أن نلاحظ دوراً ملموساً لوزارة التربية أو بعض النقابات والمنظمات الأهلية التي عليها أيضاً مد يد العون إلى مديرية المسارح في هذا المجال، ولو قدمت ذلك لتمكنا من تقديم عروض خاصة إلى الأطفال في مراكز الإيواء والذين تعرضوا للإرهاب المباشر بعد تهجيرهم عن مدنهم وقراهم.

يوضح بدوي الذي يقدم مسرحية «التنين يبحث عن صديق» على مسرح العرائس في دمشق أن معظم العروض التي تقدم إلى الأطفال في مراكز الإيواء تعتمد على مبادرات فردية من فنانين وتربويين أخذوا على عاتقهم تقديم مسرح يعمل على ما يشبه معالجة نفسية للأطفال الذين تعرضوا لحوادث عنيفة في الأزمة. وعن عرضه «التنين يبحث عن صديق» يقول عبد السلام إن المسرحية تعتمد على شخصية الراوي بتضافر جهد مجموعة من لاعبي دمى، إذ يروي العرض قصة التنين الذي يلعب بصخرة تتسبب بسد مجرى النهر، ليتعرف بعدها إلى أصدقاء بعد أن يطرح على سكان القرية ثلاثة الغاز ينجحون في حلها، ويتخذوه صديقاً بعد أيام طويلة يقضيها هذا التنين في الوحدة والعزلة.

تتنوع العروض التي تقدمها تظاهرة مسرح الطفل، ففي السويداء تقدم على خشبة المسرح القومي وخشبة مديرية الثقافة ثلاثة عروض هي «رحلة السندباد» لوجيه قيسية ومسرحية «موسيقى الدببة» لمخرجها نورس ملحم، فيما يقدم عهد مراد عرضه «الذنب الطائر» وفق توليفة استعراضية غنائية.

كما يقدم فنانو اللاذقية عروضاً متنوعة للطفل في تظاهرته، أبرزها عرض مجد يونس أحمد الذي يقدمه على مسرح الكتب الوطنية تحت عنوان «لولو والثعلب»، فيما يقدم كمال قرحالي عرضاً عنوانه «علي بابا والأربعين حرامي» وفي هذين العملين يركز كل من أحمد وقرحالي على ثيمة المشاركة والتفاعل مع جمهور الأطفال وفق بناء علاقة جديدة وطازجة بين الصالة والخشبة.

في إدلب تقدم عدة عروض، بينها عرضا «الأصدقاء الأربعة» و«سهرة مع البقرة» فيما يقدم إسماعيل خلف مسرحية «أنشودة الأصدقاء»، إضافةً إلى مسرحية «رحلة السعادة»، في حين يقدم المخرج وليد العمر عرضه الجديد «مملكة الفرح» على خشبة مسرح الطفل في القامشلي.

طرطوس تقدم أيضاً عروضاً عديدة في هذه التظاهرة فيشاهد جمهور الأطفال مسرحية «عين الجنية» للمخرج علي إسماعيل ومسرحية «الثعلب اللعوب» لوعد الجردي على خشبة المسرح القومي، بينما يقدم طارق الحسين مسرحية «الراعي والكذاب» على خشبة مسرح الوافدين. ويشارك المركز الثقافي في حماة في هذه التظاهرة عبر مسرحية «ساندريلا تمسح دموع المدينة».

فيما تشهد خشبة دار الأسد للثقافة والفنون في مدينة أبي الفداء مسرحية «أفراح بلاد الشام» بين التاسع والثالث عشر من الجاري، الفترة التي تقدم فيها معظم عروض تظاهرة مسرح الطفل.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى