اقترب جنيف 3 وعاد حبل النار

د. حسام الدين خلاصي

هل تمهّد لقاءات موسكو حقاً لجنيف 3 أم أنّ الخطوط بينهما مقطوعة! ولماذا تسعى موسكو إلى لمّ شمل المعارضة بصورة ما الآن في وقت يوجد من ينفخ تحت خط النار! ولماذا يركض السوريون إلى موسكو؟ هل حباً بها أم كرهاً بجنيف؟

تشهد سورية مع كلّ دبلوماسية نشطة باتجاه الحلّ كما يقال لنا، ارتداداً متصاعداً خطيراً من الإرهاب على كل الجبهات دفعة واحدة من الشمال السوري إلى الشمال الشرقي إلى ريف اللاذقية إلى سهل الغاب إلى العاصمة دمشق، تجلى هذا الإرهاب بسيل من قذائف الحقد وصواريخ الموت استهدفت اللاذقية وحلب ودمشق والفوعة وكفريا ونبل والزهراء بمئات القذائف وعشرات الشهداء والجرحى المدنيين، وكأن أمر العمليات واحد بل هو أمر العمليات الواحد وتسقط فكرة أن الشمال تدعمه جهة والجنوب تدعمه جهة والشرق تدعمه جهة بل وضح للجميع أن غرفة العمليات واحدة منذ فترة طويلة وقد قررت هذه المرة إفشال الحراك الدبلوماسي منذ بدايته عبر الموت واشتداد القتال ولم يعد يعني الأطراف المشغلة بالإرهاب موضوع الحلّ السياسي طالما روسيا هي التي تقترحه وطالما أميركا ليست القائد الظاهري للمشروع السياسي لحل الأزمة السورية.

دمشق وحلب بنفس سلاح الصواريخ والقذائف عنوان رئيسي للأيام القليلة الماضية وتزامن ذلك مع عنوان عريض، أوضح لنا بالضبط أن المشغل «الإسرائيلي» أعطى الضوء الأخضر لكل العصابات الإرهابية بالعمل بأقصى ما تستطيع لإفشال أي جهود دبلوماسية فاشتد القتال من جديد، نعم لقد أطلت «إسرائيل» الأفعى برأسها من جديد في عدوان سافر وقح على الجنوب السوري وقدمت الدليل من جديد على أنها مشغلة هؤلاء من علاج إلى مؤازرة عسكرية، ومن جديد وقف العرب يتفرجون وقد أصابهم الصمم والخرس السياسي والعسكري وسورية تصدت بطريقتها العسكرية للعدوان ولم تمر تمثيلية أن الجهاد الإسلامي هو من أطلق الصواريخ اليتيمة الأربعة ولم تمر تمثيلية أن إيران ما زالت خطرة على أمن «إسرائيل» الكيان الصهيوني.

من حلب الجريحة بالحصار والقذائف إلى دمشق الجريحة بالقذائف الآن، لقد انضمت دمشق إلى باقيات المدن وهي تتعرض للقذائف بهذه الغزارة، وفي ذلك مؤشر واضح على رفض الطرف الداعم للعصابات المسلحة لأي تسوية سياسية في ظل تسهيلات قدمت من الجانب الحكومي وبرزت خلال معركة الزبداني والتي نقض المسلحون المهتمون بها أي اتفاق تعلق بها.

اليوم بات من الضروري جداً الحسم العسكري القاسي بالكلف العالية ومهما كانت النتائج، فالصراع بات واضح المعالم والرحمة الحكومية لربما لم تعد مجدية، وعلى العدو والصديق أن يعرف أن قدرة الجيش في الصبر قد نفذت وأن الحل السياسي ليس شماعة يعلق عليها العدوان، فكلما هب الهواء على تفاهمات إقليمية تنشط الحركة السياسية فتهب عندها العصابات لتقتل أكثر وتدمر أكثر، علينا أن نعيد الحسابات أكثر فلا حل سياسياً والإرهاب يعيث في الأرض ويدعم أكثر وكما قال السيد الرئيس محاربة الإرهاب أولوية فلم لا نفعل ذلك أولوية؟

لماذا تذهب الوفود إلى موسكو خالية الوفاض وكأننا لا نملك القدرة على الحسم في وقت يعرف الجميع أن الجيش العربي السوري يمتلك زمام المبادرة تماماً، ولكن هذا العدو الوقح لا يريد إلا أن يكمل مشوار القتل ففي يوم واحد تحظى حلب بألف قذيفة، إذاً هناك رفض قطعي من قبل المسلحين لأي حوار، فلماذا نقبله؟

اليوم، فك داعش وعصابات الداخل هذا يجب كسره وتحطيمه بشدة وذلك بتنسيق مع دول الحلف من دون العودة للدبلوماسية الدولية التي تلاعبنا بالوقت وما عاد استثمار الوقت ناجحاً، وإن عاجلاً أو آجلاً سنلجأ للحسم العسكري الشديد، فلماذا لا نبدأه الآن ونلغي فكرة المصالحات؟ لأن العدو لن ولم يفكر بها ومن ثم ندخل في الحوار السياسي بين مكونات الشعب التي تؤمن بالسلم السياسي سواء في موسكو أو في دمشق.

الظروف الدولية اليوم مواتية لحسم أقوى وليس لحل سياسي عبر انشغال السياسة التركية والأميركية والسعودية بأزمات داخلية ومواقيت سياسية، لذلك تجد أن الإدارة الصهيونية عادت بقوة لتنشط الإرهاب وتسعى هي بطريقتها للدمار من جديد، وسنجدها قريباً في لبنان تصعيداً بات وشيكاً ولا نريده أن يتدحرج لفوضى داخلية تصل إلى حرب أهلية تشاغل المقاومة اللبنانية وتلهيها عن دورها في سورية وهذا احتمال وارد، واضح أن قوة الحسم وسرعته وموعده باتت أموراً ضرورية لتغيير موازين القوى، فسنين الصمود والتضحيات التي قدمها الشعب السوري والجيش العربي السوري يجب أن تؤتي ثمارها قبل اشتعال كرة اللهب من جديد وهذه رسالة للداعمين في أن يدخلوا بقوة وبوضوح إلى ساحة اللعب السياسي ليس من بوابة الحوار السوري ـ السوري بل من بوابة الحل العسكري…. فسورية بوابة عصية على الانكسار ولكن حلفاءها عليهم تغيير المسار.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى