العراق اللبناني ولبنان العراقي
مصطفى العراقي
عندما نشاهد ما يحدث في العراق ولبنان من تطورات مثيرة وسريعة وبنفس النهج والاسلوب تقريباً، فالنفايات في لبنان والكهرباء في العراق، هما المدخل الرئيسي لانطلاق الاحتجاجات الشعبية، وبكلّ تأكيد هذه مطالب محقة ويجب على الحكومات أن توفر هذه الاحتياجات وعلى أتمّ وجه، وهذا هو العنوان العام لهذه التظاهرات، ولكن وكما يُقال «انّ الشيطان يكمن في التفاصيل»، فيجب علينا تشخيص الأمور وتوضيحها للناس على حقيقتها، وهنا اقول انّ ما حدث بعد الأزمة السورية والتدخل العسكري للمقاومة اللبنانية وتحقيق الانتصارات وما حصل من صعود شعبي وسياسي للمقاومة حتى أصبح خطاب سيد المقاومة يشاهَد في جميع البلدان العربية والعالمية وبنسبة مشاهدة تفوق خطابات جميع رؤساء العالم، وتحوّلت المقاومة من لبنانية الى مقاومة عربية، وقائدها السيد حسن نصرالله تحوّل إلى رمز عالمي للمقاومة، وهذه الأمور تحققت كلها ونحن أنجزنا اكثر من نصف الطريق نحو الانتصار وعلى جميع الجبهات العسكرية منها والسياسية، فكيف بنا إذا اتممنا الطريق وأعلنا الانتصار الكامل ماذا سيحدث؟
عند هذا التساؤل توقفت مراكز الدراسات كثيراً لجعل سمعة المقاومة وسيدها هي الهدف لأنّ كلّ الطرق فشلت للنيل منها، لذلك نشاهد التركيز على تعميم الفساد، وهذا خطأ فادح، ونحن كخط مقاوم لا يجب علينا ان نقف مكتوفي الأيدي تجاه هذا المخطط، بل يجب علينا الضغط لتحقيق مصالح الناس لأنّ بذل الدماء هو لكي نعيش بكرامة لا لكي نعيش تحت النفايات…
اما الحال في العراق فهي مشابهة تماماً لما يحصل في لبنان، فعندما أصبح الحشد الشعبي هو المخلص الوحيد من الإرهاب، وأصبحت قيادات الحشد المجاهدة الحقيقة هي أمل الشعب الوحيد للخلاص من الإرهاب والفساد، والجميع يعلم بأنّ أغلبية مقاتلي الحشد الشعبي هم من أتباع السيد الخامنئي على المستويين التوجيهي والسياسي، أي بشكل صريح وواضح هم من في صلب الخط المقاوم والممانع، حتى وصلت المرحلة الى انّ بعض الفصائل انسحبت من بيجي لأسباب عسكرية لدعم المعركة في نبل والزهراء في حلب، وبعد كلّ هذه المعلومات والحقائق التي تحققت على الأرض لجأت الولايات المتحدة وعملاؤها العرب الى استغلال غضب المجتمع العراقي بسبب الفساد وضعف الخدمات لتحويل بوصلة المعركة من الحرب على الإرهاب الى معركة الإصلاح الوهمي لكي تستمرّ التظاهرات حتى نصل الى نقطة اللاعودة، عندها نخسر الحشد الشعبي ونخسر العراق ونربح الذلّ والعبودية والتبعية لاميركا والسعودية وتركيا…
في الختام أقول انّ المظاهرات في العراق ولبنان هي تنبيه مباشر بأنّ تقديم الدم لا يكفي لكي يعيش المجتمع بشكل كريم، فعلينا ان نفوّت الفرصة على من يريد إضاعة الدماء التي أهدرت لتمزيق المشاريع الاستبدادية والتكفيرية بسبب النفايات والكهرباء…
ناشط شبابي عراقي في ساحات الحراك الشعبي