«داعش» أو «الدولة الإسلامية»؟!
عامر نعيم الياس
طالب رئيس الوزراء البريطاني ديفيد كاميرون في مقابلة مع «بي بي سي» في التاسع والعشرين من تمّوز الماضي، «بالتوقف عن استخدام تسمية الدولة الإسلامية لأنها ليست دولة، إنما هي نظام وحشيّ بربريّ»، مقترحاً أن تسمّى «الدولة الإسلامية في العراق والشام» أو «ما يسمى الدولة الإسلامية».
لم يخرج رئيس الورزاء البريطاني عن الإطار العام للاستخدام الغربي السياسي الإعلامي لهذا الاسم، فالعودة إلى القول «الدولة الإسلامية في العراق والشام» يعني الاعتماد على الاسم الذي أطلقه التنظيم الإرهابي على نفسه لغاية 29 حزيران 2014 عندما أعلن «الخلافة». على رغم أنّ نداءه اكتسب زخماً برسالة وجّهها 120 برلمانياً بريطانياً إلى طوني هول المدير العام لهيئة الإذاعة البريطانية والذي وعد بدراسة الأمر. لكن هل ثمّة توجّه جدّي لدى غرفة عمليات الإعلام الغربي لتغيير التعاطي مع «داعش» بدايةً من الاسم وليس انتهاءً بتضخيم أيّ إنجاز له؟
وكالة الصحافة الفرنسية «فرانس برس» أخَّرت صفة الدولة في التسميات التي بإمكان صحافييها استخدامها أثناء الحديث عن «داعش». فهو «تنظيم الدولة الإسلامية» أو «مجموعة الدولة الإسلامية» أو «جهاديو الدولة الإسلامية». أما الاعتماد على الاختصار العربي لـ«الدولة الإسلامية في العراق والشام» «داعش»، فهو وفقاً لوكالة الصحافة الفرنسية غير مناسب وغير مفهوم بالنسبة إلى القرّاء، كونه لفظاً «غير سار». حتى تشويه الاسم يرفضه الغرب.
الأمر لا يقف عند هذا الحدّ، فبعض أهل الصحافة يرى أنه من الصعب إعطاء اسم للتنظيم غير الاسم الذي منحه لنفسه أي «الدولة الإسلامية». وهذا يطرح علامة استفهام كبرى حول عدم التزام الإعلام الغربي وصحافيي هيئة الإذاعة البريطانية وغالبية الإعلاميين البريطانيين والأميركيين وحتى الفرنسيين بالاسم الذي يطلقه حزب الله على جناحه العسكري وهو «المقاومة الإسلامية». أليس في توصيف الحزب تارةً بالإرهابي وتارةً أخرى بالميليشيا موقف سياسي بحت يهدف إلى شيطنته؟ ألا ينطبق ما جرى مع حزب الله على تجربة المقاومة الفلسطينية حتى تسعينات القرن الماضي؟ ماذا عن سورية والجيش العربي السوري الذي بات يعرّف بأنه «قوات الأسد» أو «القوات النظامية» أو «جيش النظام»؟ ألا يخالف هذا قاعدة الاضطرار إلى استخدام الاسم الرسمي الذي تمنحه هذه التشكيلات لنفسها؟
من جهة ثانية، في هذا النوع من الحروب التي تتخذ بعداً كونياً، كالحرب على الإرهاب التي يقودها الرئيس الأميركي باراك أوباما، والحرب الإقليمية المنفصلة التي تخوضها القوى والمحاور المختلفة على أراضي العراق وسورية، فإن اللغة والمصطلحات الخاصة بالحرب على جانب كبير من الأهمية إن لم تكن الأهم في حربٍ صار الإعلام يشكّل ثلاثة أرباعها. فإصرار غرف العمليات الإعلامية الغربية ممثلةً بوكالات الأنباء على ذكر «الدولة» بغضّ النظر عن مكانها سواء في بداية التسمية أو في منتصفها، يمنح التنظيمات الإرهابية وتحديداً «داعش» صورة الدولة، وهو أمر بالغ الأهمية لهذا التنظيم الذي قدّم نفسه على أساس «دولة المظلومية السنيّة» التي يتحالف الجميع في مواجهتها. مع أن الدولة التي يصرّ الغرب على ذكرها يومياً آلاف المرات لا حدود لها ولا تملك مقوّمات دولة حقيقية وغير معترف بها دولياً، وذكرها لا يخرج عن إطار الترويج لها وتقوية شوكتها وجعلها أمراً واقعاً في منطقة يراد تدميرها وتفتيتها إلى كانتونات طائفية وقومية.
ما اقترحه رئيس الوزراء البريطاني لا يخرج عن إطار إلهاء الرأي العام بأمور هامشية. فيما الآلة الإعلامية الغربية مستمرة في الترويج لهذه الجماعة الإرهابية على أساس أنها «دولة»، فيما تصف دولاً أخرى مؤسسة للأمم المتحدة بأنها «نظام».
كاتب ومترجم سوري