إيران والسعودية… مرحلة التصعيد تسبق التسويات
ناديا شحادة
دخلت العلاقات الإيرانية – السعودية مرحلة خطيرة في إطار اتهامات وادعاءات مستمرة من قبل الرياض لإيران بالتدخل في الشؤون الداخلية لدول المنطقة، وباتت الأحداث التي نشهدها على الأرض في سورية والعراق واليمن والبحرين تدفع تدريجياً العلاقات السعودية – الايرانية نحو مزيد من التصعيد، ففي تصريح عنيف للسيد علي لاريجاني رئيس مجلس الشورى الايراني هاجم فيها السعودية متهماً الأخيرة بالعمل على مشاريع ومخططات بالمنطقة مستهدفة محور المقاومة، ليفتح من خلال تصريحاته مرحلة جديدة في تصعيد كلامي سياسي، ولينهي سياسية الاحتواء الايرانية للرياض التي استمرت سنوات، حيث دعا بعض دول الخليج الى ان تتعاون لمصلحتها لا ان تعمل لمصلحة الدول الكبرى ورأى ان القيادة السعودية تقود تحركاً اقليمياً ضد محور المقاومة وتناول ما تثيره بعض دول الخليج من جملة من القضايا ومنها اتهام حزب الله بالوقوف وراء مستودع سلاح العبدلي الكويتي التي قبضت عليه السلطات الأمنية الكويتية واتهمت النيابة العامة بأن افراد الخلية على علاقة بإيران وحزب الله.
إيران التي التزمت بسياسة ضبط النفس تجاه الرياض التي بدأت علاقتها تتوتر مع طهران منذ انتصار الثورة الايرانية عام 1979، حيث سعت ايران منذ انتصار الثورة الايرانية الى دعم محور المقاومة المناهض للصهيونية واستمرت لليوم وقد اكد ذلك وزير الدفاع الايراني العميد حسين دهقان حيث قال ان حياة المقاومة وبقاءها امر استراتيجي بالنسبة الى ايران، بعكس الرياض صاحبة الدور الأكبر في تأزم الوضع في كل من البحرين والعراق وسورية واليمن، الدور الذي يوفر الدليل الكافي على طموحات المملكة في المنطقة حيث تعتبر نفسها القائد والقوة الوحيدة المناسبة لتشكيل وادارة الاحداث هناك، فهذه المواقف العدائية للرياض ضد محور المقاومة وسياستها المتبعة في المنطقة التي كانت سبباً في الاضطربات الاقليمية والحروب الاهلية ذات الطابع الطائفي التي تشهدها المنطقة ادت الى اتساع فجوة الخلافات بين البلدين في شكل لافت خلال الأشهر الأخيرة.
فالسعودية التي تلقت ضربات قوية من قبل محور المقاومة بدءاً من الانتصارات التي يحققها الجيش السوري على جبهات عدة خلال المعارك التي تدور بينه وبين الجماعات الإرهابية المدعومة سعودياً، وأخيراً الأحداث التي يشهدها اليمن، فالمتغيرات السياسية والعسكرية التي نشهدها بالمنطقة زادت من توتر العلاقات بين الرياض وطهران، وجعلت من الدبلوماسية الايرانية التي تتبنى خطاباً دبلوماسياً معتدلاً، والمعروفة بسياستها الهادئة وتصريحاتها المتزنة تجاه السعودية، حيث حاولت طهران جاهدة الابتعاد عن التصعيد مع السعودية التي تقود حملة عسكرية ضد الشعب اليمني لأسباب بات الجميع يدركها وأهمها خوفها من خروج اليمن من دائرتها بعد سيطرت الحوثيين على العاصمة صنعاء، فالمملكة لم تتقبل تصدر جماعة الحوثيين المدعومين من ايران السلطة في اليمن، فشنت حربها لأسباب استراتيجية التي اعتبرتها ايران بأنها خطأ كبير وان المملكة حتماً ستتضرر من جراء ذلك، وهذا جاء على لسان المرشد الايراني الاعلى على خامنئي في 14 ايار من العام الحالي.
الحرب في اليمن تعتبر أحدث الساحات التي سعت السعودية من خلالها الى تحدي ايران، وانها فرصة لتحقيق اهدافها الاقليمية، ومع ازدياد الوضع اليمني تعقيداً جراء التدخل العسكري للتحالف الذي تقوده المملكة اشتد الخطاب المعادي للسعودية من قبل المسؤولين الايرانيين ووصل الى مستوى لم يسبق له مثيل، وبدأت طهران بشن حملة تصعيد كلام سياسي نحو الرياض وتخرج عن صمتها وتتجاوز سياسة ضبط النفس التي كانت تتبعها تجاه الأخيرة، حيث أطلق دبلوماسيوها العديد من تصريحاتهم وطالبوا فيها بتحسين العلاقات مع الرياض والتعاون والحوار من اجل حل ازمات المنطقة، منها تصريح مساعد الشؤون العربية والافريقية في وزارة الخارجية الايرانية حسن امير عبد اللهيان في 4 آب 2015 حيث قال ان لايران والسعودية امكانات جيدة ويمكنهما من خلال التعاون البناء بالاضافة الى حل القضايا العالقة بينهما ان يساهما في حل قضايا ومشاكل المنطقة.
ويؤكد المراقب للعلاقة بين البلدين على انه مع تعنت وغطرسة وغرور الدبلوماسية السعودية المناهضة لمحور المقاومة والتي كانت السبب الاول في تعقيد الوضع في اليمن صدرت تصريحات قوية خارجة عن المألوف في السياسة والدبلوماسية الايرانية من قبل رئيس مجلس الشورى الايراني ليعكس مدى الغضب الإيراني التي تدخل مرحلة جديدة لعلها تكون مرحلة تصعيد تسبق الحسم والتسويات التي ربما تكون احد ابرز وسائل ايران وحلفائها الجديدة لإنزال السعودية عن الشجرة قياساً بالتصعيد الحاصل في اليمن والاصابات البالغة الأثر والتي تصب جميعها في مصلحة الحليف الايراني.