عون: الحوار لن يكون ممراً لضرب الميثاق والدستور
هتاف دهام
يستضيف المجلس النيابي في القاعة وإلى الطاولة نفسها التي استضافت المتحاورين في العام 2006 حوار يوم غد الأربعاء، بعدما اكتملت التحضيرات والاستعدادات اللوجستية والتقنية والإدارية. ويفتتح رئيس المجلس النيابي نبيه بري في الحادية عشرة قبل الظهر الجلسة الأولى من الحوار الذي دعا إليه رؤساء الكتل النيابية بمشاركة رئيس الحكومة تمام سلام.
جهزت الطاولة بـ16 كرسياً أمامياً و16 أخرى خلفية لتتسع لممثلي الكتل الذين سيحضر منهم: رئيس كتلة التحرير والتنمية الرئيس بري ومعاونه السياسي الوزير علي حسن خليل، رئيس كتلة الوفاء للمقاومة النائب محمد رعد والوزير محمد فنيش، رئيس كتلة الحزب السوري القومي الاجتماعي النائب أسعد حردان ومعه النائب مروان فارس، رئيس تكتل التغيير والإصلاح العماد ميشال عون ومعه رئيس التيارالوطني الحر الوزير جبران باسيل، رئيس كتلة المستقبل فؤاد السنيورة ومعه النائب أحمد فتفت، رئيس حزب الكتائب النائب سامي الجميّل ومعه رئيس الكتلة النائب ايلي ماروني، رئيس كتلة حزب الطاشناق النائب هاغوب بقرادونيان ومعه الوزير ارثيور نظاريان، رئيس كتلة اللقاء الديمقراطي النائب وليد جنبلاط ومعه النائب مروان حماده، رئيس كتلة وحدة الجبل النائب طلال أرسلان ومعه النائب بلال فرحات، رئيس كتلة لبنان الحر الموحد النائب سليمان فرنجية ومعه النائب سليم كرم، رئيس كتلة نواب الأشرفية الوزير ميشال فرعون ومعه النائب سيرج طورسركيسيان، النائب ميشال المر ومعه النائبة نائلة تويني، رئيس كتلة حزب البعث النائب عاصم قانصوه ومعه النائب قاسم هاشم، والمستقلون الوزير بطرس حرب، النائب روبير فاضل، لتبقى كرسي رئيس كتلة القوات اللبنانية شاغرة.
وبالموازاة توالت الشروط التعجيزية من تيار المستقبل الذي اعتبر أن هناك توصية في مجلس النواب تقول بعدم إقرار قانون انتخاب قبل انتخاب الرئيس، وترافق ذلك مع تسريب إشاعات عن إمكانية انسحاب رئيس تكتل التغيير والإصلاح من الحوار مع انتهاء الجلسة الأولى، إذا لم يتلمّس إشارات جدية من المشاورات. وترافقت هذه الإشاعات مع إعلان رئيس حزب القوات سمير جعجع مقاطعته الحوار مراعاة لحليفه الأزرق، بعدما اطلع على ما سيطرحه العماد عون على المجتمعين في ما خص إمكانية توافقهم على الرئيس الذي ستسمّيه بكركي، ضرورة إقرار قانون انتخاب على أساس النسبية، صلاحيات الرئيس، والتوازن في الإدارات.
لا يريد رئيس المجلس النيابي أن يكون ملكياً أكثر من الملك، فهو يعتبر بحسب مصادره أن الحوار مصلحة جامعة وضع فيها عناوين فضفاضة تهمّ تنوع القوى السياسية المدعوة، لكن المشكلة في أولوية العناوين، والشيطان يكمن في التفاصيل. لن يقبل رئيس المجلس أن يستعمله تيار المستقبل أو حزب الكتائب شماعة، فهو سارع إلى الردّ على الرسائل التي وصلته وتشترط أن تكون الرئاسة العنوان الوحيد، أنه إذا أعلن فريق آخر غير «القوات اللبنانية» رغبة في مقاطعة الحوار سيعمد إلى فرط الحوار وتحميل المسؤولية إلى المكون الذي أفشل المبادرة. لكن السؤال هل يتجرأ النائب الجميّل أن يسقط الحوار الذي يحظى بحصانة إقليمية؟ لا سيما أن مصادر كتائبية أفادت «البناء» أن الحزب سيتخذ اليوم في اجتماع مكتبه السياسي موقفه من المشاركة في الحوار.
أصبح موقف بري من الحوار قائماً على الاحتياط لمعرفة حجم التعقيد القائم في الملفات، فالحوار الذي يجري الآن يكاد يعرف الجميع أنه لن يتمكن من حل اشكالية الرئاسة ويكاد يعرف الجميع أنه من المتعذر الاتفاق على قانون انتخاب، لكن لا شيء يمنع من الاتفاق على ترقية الضباط إلى رتبة لواء تحت عنوان بند دعم الجيش، وبعث إشارة ايجابية يوم غد بالتنسيق مع رئيس الحكومة، إلى الحراك الشعبي بتنفيس ملف النفايات.
ينظر تكتل التغيير والإصلاح إلى أي اشتراط مسبق أو رفع متاريس في وجه الحوار محاولة للالتفاف عليه، بينما المهم المواجهة بالحوار، نحن قوم كما تقول مصادره لـ»البناء» نواجه ولا نلتف وندور حول بعضنا في وطن يبحث عن ذاته منذ زمن، غير أنّ الأكثرية الحاكمة، كما تقول المصادر، تغامر بكل شيء في سبيل الشق السلطوي، بينما نحن نسعى إلى دولة على أمل أن يساهم الحوار ولو بميل واحد على طريق إعادة تكوين السلطة بصورة ميثاقية ودستورية، فنحن نرفض منطق الاشتراطات المسبقة التي تدل عن وهن وعجز وأزمة.
ويبقى أن موقف العماد ميشال عون من الحوار هو إيجابي في المبدأ بمعنى أن لديه ما يقوله للمتحاورين في شأن مختلف بنود جدول الأعمال، لا سيما قانون الانتخابات النيابية والاستحقاق الرئاسي، وقد سبق له أن عبّر عن مواقفه من ضمن مبادرته الإنقاذية التي تبدأ من الميثاق والدستور وتنتهي عند الميثاق والدستور، فهو يعرف بالتمام والكمال ظروف الحوار والأسباب التي قضت بالدعوة إليه وسوف يتاح له الظرف أن يسمع من المتحاورين رأيهم ببنود جدول الأعمال، الذي هو في الواقع مجموعة آراء متناقضة وجلّها منطلقه سلطوي بحت كما يقول وزير العمل السابق سليم جريصاتي لـ»البناء».
يعرف العماد عون أن يسمع وأن يجعل الآخرين يسمعون ما يسمع، وما يقول، بحيث يبنى على الشيء مقتضاه، إذ إنّ الجنرال سيجري حتماً تقويماً للمواقف ولجدوى الحوار، ويبقى له كما يقول وزير التكتل توقيت التقويم في ضوء مواقف الأطراف من طروحاته ومبادراته الميثاقية والدستورية بامتياز.
في مطلق الأحوال لن يكون الحوار عند الجنرال ممراً لضرب الميثاق والدستور أو تجاوزهما بأي شكل من الأشكال، مع العلم أن الحوار بذاته يجري خارج المؤسسات الدستورية وبتجاوز للوكالة الشعبية، إلا أنه يبقى حواراً ولا يمكن إلا أن يعطى حظوظه في النجاح.
لذلك فإنّ العماد عون وكعادته سيكون واضح الموقف والرأي في الحوار ومتمنطقاً بالإرادة الشعبية الوازنة التي عبّرت عن تأييدها المطلق لمبادرته الإنقاذية وخريطة طريق إعادة تكوين السلطة عماد التكتل والوطن.
لكن لا بد من التساؤل هل من عادة العماد عون أن يواكب بحوار صوري حراكاً اقليمياً أو دولياً لاستنباط تسويات أو فرضها على لبنان؟ يجيب جريصاتي: بالتأكيد لا فهو يقول بحلّ لبناني بامتياز ينبع من إرادة الشعب اللبناني، ما يعني فك الارتباط مع أيّ ارتهان بالخارج القريب أو البعيد، بمعرض أيّ استحقاق وطني مفصلي، فإن ركب أطراف الحوار اللبناني بذلك أكمل مشواره معهم، وإن تمسرحوا، فإنه سينسحب من خشبة المسرح الهزلي أو التراجيدي، ويبقى أنّ الأمر متروك لتقديره المطلق.