الأمل والتخطّي في ديوان «يظنّون» لروزيت عدوان

ليندا نصّار

في «يظنّون» للمؤلّفة روزيت عدوان، سفر في صمت المفردات المعبّرة في عالم سامٍ، بحيث تفتتح ديوانها بعبارة تلخّص نظرتها فتقول:

«انتظرت صمتك حتّى أفهمك فكلامك حيّرني…».

يأخذنا الديوان في مراحل انتقالية متتالية: من الحيرة إلى الانتظار فالذكرى والأمل، نحو التخطّي والعبور، لتحقيق الابتسامة والفرح. كلّ ذلك بكلمات سَلِسة ومعانٍ مختلفة.

في لمحة على عناوين الديوان، نلاحظ رحلة الكاتبة والانطلاقة من النهاية إلى البداية بدءاً من «حان القطاف»، فالثمر اختمر وصار نبيذاً في قصيدة «نبيذ العمر». وبعد الحصاد «صبح جديد» وكلمات جديدة يبعث بها الليل إلينا فتقول:

حان القطاف

يا له من قطاف

يا لها من عيون

حائرة تخاف

تلمح في البعيد

في الأفق الجديد

عربون امتنان

يسطح في المغيب…

اختمر نبيذ العمر

وجفّت حبّات العنب

واللون الأسود أبيض

وراقت لي سنون التعب…

ها إنّ السفينة تمضي

واللحن ينسكب

والريح تجري بمحاذاتها…

في قلبي ألحان

أسمعها أردّدها

لا أستطيع أن أحدّدها

تحملني إلى المدى

إلى صبح جديد…

وفي حركة استرجاعية، تعود الشاعرة أدراجها بصورة الإنسان الفطريّ الذي يعنيه المكان ويشعره بالانتماء، فيصبح جزءاً من هويّته، وتصف حديقتها وأسرارها ووعودها :

في حديقتي زرعت المودّة

من حديقتي

قطفت الاحترام

تنشّقت السعادة

ومن غيومها

أمطاراً استقيت…

عندك سرّ دفين

لم تعرّه السنين

سرّك هو اليقين

ماذا تخفي

في ذا القلب…

لتنتقل بنا إلى لقاءات ولقاءات، وتحدّثنا عن تجربة الانتظار فتخاطب الـ«أنت» الذي تهرب منه فيجذبها بنسيانه لها أحياناً، لتصل معه إلى حالة من اللوم والتساؤل:

في الماضي انتظرتك

لم تأتِ

لمحتك صدفة

أخذتني روحي إليك

لم تشعر بوجودي

أو بيدي تلمس يديك

حتى اسمي

ضاع من بين شفتيك

نسيتني أو تناسيت…

وسط هذه النزاعات والحالات المتأرجحة بين اليأس والأمل، تعود الكاتبة بومضات الأمل: أمل الوقت والذكريات الطفولية الجميلة. وتُنهي الكاتبة كلماتها بقصيدة «ابتسم». ففعل الأمر هنا تجسيد لديكتاتورية إيجابية تنتقل إلينا:

ابتسم وانسَ الهموم

وارتفع حدّ الغيوم

واملأ القلب سلاما

فيشعّ كالنجوم

بدّد الحزن فعمرك

بالفرح سوف يدوم…

روزيت عدوان التي كتبت عدداً كبيراً من قصص الأطفال، نقلت إلينا تجربة بوح وأمل، وحملت الآخر في حروفها لتعبّرعن مشاعره، ولتبثّ في نفسه إيجابيّةً وتفاؤلاً.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى