مشهدان تحت سقف خلافات لا تحلّ

يوسف المصري

اليوم يحين موعد المنازلة بين حراك ليس بين مكوناته المختلفة اليسارية والليبرالية والبيئية واليمينية انسجام تامّ من جهة، وبين أحزاب الكتل النيابية من جهة ثانية التي ليس بينها أيضاً تفاهم حتى على مبدأ أن الأرض كروية.

الطرفان جاءا إلى المنازلة متوحدين بالشكل وذلك تحت شعار «توحد الضرورة».

وينتظر أن تمرّ ساعات اليوم ثقيلة كما حال الطقس فالكتل النيابية تخشى الفشل المحتوم ولكنها ستسعى إلى تجميله حتى لا تهدي مصداقية لتهمة الحراك لها بأنها طبقة سياسية ليست فقط فاشلة ومرتكبة بل هي عاجزة أيضاً.

ومن جهته سيحاول الحراك الحشد ما ملكت يمينه، وسيحاول إظهار وحدته على رغم أنّ نقاشات الأيام الأخيرة التي جرت بين مركباته تحضيراً لنزوله اليوم إلى الشارع، بيّنت أن الخلافات في ما بينها تقترب في كمّها وحتى نوعها أحياناً، مما هي موجودة بين أحزاب مجلسي الوزراء والنواب.

المشكلة التي يواجهها اجتماع رؤساء كتل مجلس النواب معروفة: سرقة رئاسة الجمهورية من المكون الأكثر تمثيلاً للمسيحيين في البرلمان وهو أمر يعيق انتخاب فخامة الرئيس المطلوب اليوم إنتاج هويته بموجب حوار البرلمان.

في المقابل المشكلة في ساحة الشهداء معروفة للعارفين ببواطن أمور الحراك، وهي كيف تنجح «طلعت ريحتكم» بوضع العربة المطلبية أمام حصان المطالب السياسية… في المقابل كيف تبقي «بدنا نحاسب» اليسارية حصان مطلب قانون الانتخاب النسبي السياسي في موقعه أمام عربة المطالب المطلبية.

لا تظاهرة ساحة الشهداء ولا حوار اليوم الأول في البرلمان، سيقدّم أيّ منهما أجوبة شافية على الإشكالية الأساسية التي تعصف بالطرفين.

وأغلب الظنّ سيتمّ ضرب موعد ثان لتظاهرة الحراك، لتسير مرة أخرى تحت يافطتين أيضاً: تدعو الأولى لردّ ملف النفايات إلى البلديات وتطالب باستقالة وزير البيئة ومحاسبة عناصر قوى الأمن أولاً. والثانية تطالب بقانون انتخابي نسبي الآن وأولاً.

وأيضاً في البرلمان سيضرب موعد ثان للحوار في ظلّ استمرار التباين المعطل لانتخابات الرئاسة، وذلك بين طرفين أولهما يدعو لإعطاء التيار الوطني الحرّ ما سُرق منه من حق على مستوى تسييل تمثيله المسيحي في انتخاب رئيس للبلاد، والثاني يدعو إلى رئيس من خارج معادلة إعطاء الغالبية المسيحية الحقّ في تسمية الرئيس الماروني الأول.

المهم اليوم أن تمرّ تظاهرة ساحة الشهداء من دون أن يخالطها مشهد «مندسّين» أو «متحمّسين»، أو حتى من دون أن تتحول إلى ساحتين الأولى لليسار في رياض الصلح، والثانية لليبراليين في ساحة الشهداء كما حصل في تظاهرة السبت في 23 آب الماضي.

والمهم أيضاً على الجهة التالية ألا يفرط عقد حوار رؤساء كتل البرلمان من أول جلسة، وأن يصمد حتى يتمّ وضع إخراج مناسب لفشل لا يترك في أثره تداعيات عكسية.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى