همزة وصل جنون أردوغان
نظام مارديني
هل وقعت تركيا في لحظة الجنون الأخيرة؟ سؤال بدأ يردده عدد من المراقبين الغربيين وهم يتابعون رادارات الرئيس التركي رجب طيب أردوغان منذ بدء الأزمة السورية. وقد تبيّن لهم أن هذه الرادارات كانت تعمل على الديزل وها هي بدأت تُشعل تركيا من الداخل، وأن حسابات هذا المجنون كانت تصطدم دائماً بسيناريو شمشون ليس إلا؟
فماذا يريد أردوغان؟ وما سرّ هذا التشنج الكبير الذي يبديه في تعاطيه مع أنصار حزب العمال الكردستاني؟ وهل بدأت بلاده تغوص في الرمال المتحركة الداخلية بعدما غاص في الرمال المتحركة السورية، وبدأ يشكو أعراض الوهن والانهيار؟
لا شك أن التحريض العنصري الذي مارسه ويمارسه أردوغان ورئيس حكومته أحمد داود أوغلو ضد حزب الشعوب الديمقراطي خاصة، والأكراد عامة، يفتح الباب واسعاً لجعل من جنوب شرقي تركيا منطقة مستقلة ذاتياً، وبحيث لن تبقى معها تركيا قطعة واحدة بل عدة قطع مهما فعلت ولن ينقذها من ذلك «ناتو» أو أميركا.
ومن الصحيح القول هنا أن الكل، داخل ما يسمى ببلاد الأناضول، سيدفع الثمن من جنون أردوغان الذي يعلم أنه ينتحر داخل أسوار بلده وأصبحت معه حالة الجنون التي يعاني منها هي القانون المتبع في البلاد، خصوصاً بعد عجزه هو ومرتزقته عن دك السور السوري بمشاريع المنطقة الآمنة.
ينطلق أردوغان من ثقافة «إخوانية» لا تقبل الآخر وهو لطالما يردد في سره، إن «الله لا يقبل الشريك، والدولة لا تقبل الشريك، وعلى الجميع أن يعي ذلك جيداً» في إشارة وقحة إلى مواطني «تركيا العثمانية الجديدة».
وما أن يتم طرح مصطلح «تركيا العثمانية الجديدة»، حتى يتبادر إلى الذهن احتمالان:
الاحتمال الأول، هو كيس منتج من أجل ملئه بالسياسات الأوهام «الإخوانية» التي تستخدم كل الأدوات التعسفية السوداء، أي «شوال» قاتم لا يظهر ما بداخله.
أما الاحتمال الثاني، فهو تكتيك تسويق خطاب فارغ المحتوى، كما كانت الحال بمفاوضات السلام مع حزب العمال الكردستاني، على أنه مشروع ضخم، أي بالون علاقات عامة.
كلا الاحتمالين كان وارداً، ذلك أنهما مناسبان لتقليد حزب العدالة والتنمية. هذا فضلاً عن أن هذا الحزب حوّل، في الحالتين، هذه العملية إلى نوع من الحرب النفسية التي استغلها لتصفية منافسيه على الساحة التركية. وأكثر القوى المنافسة له راهناً هو حزب العمال الكردستاني الذي جعل من خوذ العسكر التركي في الآونة الأخيرة كرات قدم يلعب بها الأطفال في شوارع ديار بكر وهكاري.
كثيرة هي الأسئلة الحارقة التي ما فتئت ترتسم في سماء تركيا وتبحث لها عن إجابات شافية، ولعل أردوغان يتحسس عنقه الآن وهو يتذكر مندريس.