«ماريات… حكاية وطن» على خشبة دار الأوبرا في دمشق
لوحات مسرحية راقصة قدّمها راقصو «فرقة أجيال» وراقصاتها تحت عنوان «ماريات… حكاية وطن». إذ تمكّن الفنان عدنان عبد الجليل من كتابة نصّه للفرقة الشابة وفقاً لسينوغرافيا وضعها هذا الفنان بنفسه لهذا العرض، وبتعاون فنّي لافت من الفنانين مجد أحمد وباسل حمدان، اللذين تمكّنا بدورهما من إبداع الكريوغراف الخاص بهذه التجربة الحركية البصرية اللافتة.
العرض الذي قُدّم أمس وأوّل من أمس على مسرح دار الأوبرا السورية في دمشق، ويعاد عرضه اليوم، تضجّ لوحاته المتتالية بقصة سورية الوطن كحقيقة حضارية ووجود تاريخي فيه عشرات المناظر الجسدية الراقصة التي وضعها الإنسان السوري عبر آلاف السنين، من خلال علاقته الوثيقة بأرضه التي صاغت بدورها تشبثه بهذه الأرض، وبقيم مقاومة كلّ دخيل ومعتد. ليكون العرض تجسيداً للغة الإنسان السوري الحركية في مجابهة كلّ حركات الظلام والاستعمار في العالم.
الفنان نزيه أسعد وضع بدوره التأليف الموسيقي لـ«ماريات»، مستمدّاً جُمَله من الفولكلور الشعبي السوري الذي كان حاضراً بقوّة عبر أهازيج وأغنيات وأناشيد غاية في العراقة، وتمكن المايسترو أسعد من توظيفها لمصلحة الجسد الراقص في تناغم لافت بين الجسد واللحن، ليكون الكورال مرافقاً هذه الحركة الموسيقية الراقصة عبر جهد استثنائي للفنانين حسان عمراني وكفاح سلمان وشادي حجير وميرفت شلهوب وأحلام ديب ورولا ورد، فتبرز قدرة هؤلاء جنباً إلى جنب مع قدرة مصمّمي الأزياء فادي حلاق وإيمان بلان في إبداع نمط من الزيّ البصريّ المتحرّك في مثل هذه النوعية من العروض.
كما تألق كلّ من الممثلين حنان شقير بدور «ماري أنطوانيت»، وشهناز سليم بدور «ماري تيودور»، وآلاء مصري زادة بدور «أورنينا»، وروعة شيخاني بدور «الراهبة ماري كيري»، وعدنان عبد الجليل بدور «الملك زمري ليم»، وعمر المولوي بدور «الشاب». إذ جاءت المقاطع الدرامية منسجمة مع البناء الموسيقي والغنائي للعرض الراقص الذي اقترب من صيغة العروض البصرية الكبرى.
ذروة هذا الحفل كانت مع أغنية «الشهيد»، وهي من كلمات الشاعر الفلسطيني محمود درويش وألحان عدنان عبد الجليل وغناء حسان عمراني. فأغنية «حكاية»، وهي من تأليف وغناء عدنان عبد الجليل. إذ برز أداء كل من عمراني وعبد الجليل في إنشاد القصيدة العربية وإعادتها إلى رونقها المسرحي بعيداً عن ذائقة الأغنيات الخفيفة ذات المغزى التجاري الاستهلاكي.
يذكر أنّ «ماريات… حكاية وطن» هو العرض السابع في مسيرة الفرقة، والأول للكبار، ويأتي عرض «ماريات» بعد عدة عروض للفرقة التي أُسّست عام 2007، وكان أهمها «مدينة الأحلام»، و«زمن الانتصارات»، و«طيور الحرّية»، و«سحر المحبة»، و«رحلة الفراشة»، والأوبريت الوطني. إذ تركّز «أجيال» على تمرير أفكار جديدة عن مسرح الطفل في سورية، عبر اشتغالها على مفردات المسرح الغنائي الاستعراضي ووفق مبدأ مسرح الصغار للصغار. مبتعدة عن مسرح الكبار للصغار. ودليلها في ذلك قدرة الطفل على مخاطبة جمهور المشاهدين الصغار بعيداً عن تكلّف اللهجة ونمطية الأداء التعبيري.