موسكو تطرح مشروع قرار أممي لوقف القتال في أوكرانيا

تناول وزير الخارجية الروسي سيرغي لافروف في اتصال هاتفي مع نظيره الأميركي جون كيري مسألة التعاون الدولي لحل الأزمة الداخلية الحادة في أوكرانيا، وشدد لافروف على ضرورة أن توقف كييف في أقرب وقت العملية العسكرية في الجنوب الشرقي من البلاد، وعلى ضرورة الاتفاق على شروط وقف إطلاق النار، وحل المشكلات الإنسانية الملحة، وإقامة حوار عام حقيقي حول بناء الدولة في أوكرانيا.

وركّز الوزير الروسي بشكل خاص على أهمية إجراء مفاوضات مباشرة بين طرفي النزاع في أوكرانيا بهدف التوصل إلى اتفاق على مختلف المسارات. وعبر الطرفان خلال المكالمة عن تأييدهما لجهود منظمة الأمن والتعاون في أوروبا في تنفيذ خريطة الطريق التي أُعدّت في سياق اتفاق جنيف الموقع في 17 نيسان من العام الجاري.

جاء ذلك في وقت، أعلن لافروف عزم بلاده طرح مشروع قرار على مجلس الأمن الدولي، يدعو إلى تنفيذ «خريطة الطريق» التي تبنتها منظمة الأمن والتعاون في أوروبا لتسوية الأزمة في أوكرانيا استناداً إلى بيان جنيف في 17 نيسان.

وقال الوزير الروسي للصحافيين يوم أمس «كلفنا سفيرنا في نيويورك فيتالي تشوركين بطرح مشروع قرار حول الوضع الأوكراني على مجلس الأمن الدولي، لأن غياب أيّ تقدم في الجهود الرامية إلى وقف العنف والأعمال القتالية، بدءاً من وقف العملية التنكيلية يثير قلقاً متزايداً». وأشار إلى أن المراد من مشروع القرار الروسي التركيز على ضرورة دفع الجانب الأوكراني لتنفيذ بنود «خريطة الطريق»، مشدداً على أهمية ذلك في ضوء ما تراه موسكو من «محاولات للابتعاد من الطابع المتوازن والعادل لمبادئ «خريطة الطريق»، ومحاولات الترويج لخطط أحادية الجانب لا تأخذ في الاعتبار مصالح مناطق جنوب شرقي أوكرانيا».

وحول مسألة إرسال قوات حفظ سلام إلى أوكرانيا قال لافروف إن روسيا لا تطرح هذه المسألة، كونها تعتبر أن الوضع في البلاد لم يبلغ بعد هذه الدرجة من الخطورة. وأوضح قائلاً: «لا يزال الأمل قائماً في أن تنفذ عملياً تصريحات الرئيس بوروشينكو حول وقف العنف وتبدأ المفاوضات». وذكر أن «الثقة ما زالت قائمة ويمكن الاستفادة منها الآن، والكرة في ملعب الأطراف الأوكرانية».

وأضاف الوزير الروسي: «نحن نعرف أن قوات الدفاع الشعبي في جنوب الشرق مستعدة لوقف إطلاق النار، لكن الخطوة الأولى تعود، بحسب القواعد، إلى السلطات في كييف بعد مراسم تنصيب بيوتر بوروشينكو»، وعبّر عن اعتقاده بأن أهم ما يجب القيام به في أوكرانيا اليوم هو وقف إطلاق النار بأسرع ما يمكن. وقال: «نحن نعمل مع منظمة الأمن والتعاون في أوروبا ومع مبعوثها هايدي تاليافيني الموجود حالياً في كييف ونتعامل مع الجانب الأوكراني وعبر سفيرنا». وأكد أن موسكو تحث كييف من خلال هذه الاتصالات على البدء بتنفيذ «خريطة الطريق»، التي تقضي بوقف العنف وبدء حوار بمشاركة كل الأقاليم الأوكرانية.

ورداً على سؤال عن محادثات الغاز مع أوكرانيا عبّر لافروف عن دهشته من تصريحات مفوّض الاتحاد الأوروبي لشؤون الطاقة غيونتر إيتينغر حول ضرورة بدء محادثات حول الغاز بين الرئيسين الروسي والأوكراني. وقال: «سمعت هذه التصريحات، لكنني لا أعرف ما القصد منها. المحادثات جرت وتجري وستجري. وإذا لم يملك الممثلون الأوكرانيون صلاحيات فيها فسيكون من الصعب مواصلتها».

من جهة ثانية، اتهم مفوّض وزارة الخارجية الروسية لشؤون حقوق الإنسان والديمقراطية وسيادة القانون قسطنطين دولغوف العسكريين الأوكرانيين باستخدام سلاح محرّم ضد سكان منطقة سلافيانسك. وكانت لجان الدفاع الشعبي قد أعلنت ليلة أمس تعرّض قرية سيميونوفكا قرب مدينة سلافيانسك لقصف بقنابل حارقة، أسفر عن اشتعال حرائق عدة في القرية. وهذه هي المرة الأولى التي يستخدم فيها هذا النوع من السلاح في شرق أوكرانيا.

وكتب دولغوف في صفحته على موقع التواصل الاجتماعي «تويتر»: «يستخدم العسكريون الأوكرانيون والفاشيون الجدد سلاحاً محرماً ضد سكان سلافيانسك، يقصفون اللاجئين ويقتلون الأطفال». وذكّر بوعود الرئيس الأوكراني التي لم ينفّذها، بوقف العملية العسكرية شرق البلاد وفتح معابر إنسانية آمنة للاجئين.

وفي السياق، دعا الأمين العام لمنظمة الأمن والتعاون في أوروبا لامبيرتو زانير الأطراف المتنازعة في شرق أوكرانيا إلى نزع السلاح والعودة إلى الحياة السلمية، مشيراً في خطاب ألقاه في مقاطعة روستوف الروسية التي تستضيف أكثر من 300 لاجئ أوكراني أمس: «بدأنا المحادثات. هدفنا هو دعوة الناس إلى نزع سلاحهم والعودة إلى الحياة السلمية. يجب أن نعمل جميعاً في اتجاه واحد ومعاً».

وأشار زانير إلى ضرورة اجتذاب جميع الأطراف المتنازعة في شرق أوكرانيا إلى الحوار، و أضاف أنه: «توجد في أوكرانيا خلافات جدية في المواقف. نحن نشارك في المحادثات، ويجب التخلي عن الأعمال القتالية في الشوارع والانتقال إلى الحوار. أعرف ما الذي يحدث في دونيتسك ولوغانسك. يتحدث عنه مراقبونا بمن فيهم من الروس الذين يعملون في البعثة. إنه جنون يجب وقفه».

ودعا زانير إلى عقد طاولات مستديرة بمشاركة السلطات الأوكرانية الحالية وممثلين عن لجان الدفاع الشعبي لمناقشة مسائل اللامركزية والانتخابات المحلية المقبلة في أوكرانيا، مؤكداً استعداد منظمته للإشراف على سير المحادثات والمشاركة فيها.

وفي السياق، نفت ممثلية الاتحاد الأوروبي في كييف ما تداولته بعض وسائل الإعلام حول احتمال تأجيل توقيع اتفاقية الشراكة بين الاتحاد وأوكرانيا، مؤكدة أن توقيعها سيتم في 27 حزيران كموعد أقصى.

وفي بيان نشرته الممثلية على صفحتها بموقع التواصل الاجتماعي «فيسبوك»، أكدت أن توقيع الاتفاقية سيجرى «في أسرع ممكن وفي موعد لا يتعدى 27 حزيران، بالتزامن مع توقيع الاتحاد اتفاقيتي الشراكة مع كل من جورجيا ومولدوفا»، وكانت وسائل إعلامية أفادت بأن الاتحاد الأوروبي يؤيد «تأجيلاً فنياً» لتوقيع الجزء الاقتصادي من اتفاقية الشراكة مع أوكرانيا.

أكد الرئيس الأوكراني بيوتر بوروشينكو استعداده لعقد طاولة مستديرة في مدينة دونيتسك بمشاركة المؤيدين لخطته السلمية، إذ اشترط في لقاء مع رئيس إدارة مقاطعة دونيتسك سيرغي تاروتا في العاصمة الأوكرانية، تخلي مناهضي سلطات كييف عن المقاومة المسلحة، قائلاً: «لا نحتاج إلى مفاوضات لمجرد المفاوضات. يجب أن تصبح خطتنا السلمية أساساً لمواصلة العمل على تهدئة الأوضاع. وعلى الإرهابيين أن ينزعوا سلاحهم».

وتطالب خطة السلام التي يطرحها الرئيس الأوكراني روسيا بالاعتراف بنتائج الانتخابات الرئاسية في البلاد، وتدعو قوات الدفاع الشعبي في جنوب شرقي البلاد إلى وقف إطلاق النار وإلقاء السلاح من جانب واحد، وتقتضي أيضاً بفتح ممرات إنسانية لمدنيين لا يشاركون في النزاع المسلح الراهن.

اترك تعليقاً

زر الذهاب إلى الأعلى