الهاشم: لن نقبل برئيس حكومة قوي ورئيس جمهورية «بدل عن ضائع»
حاورته روزانا رمّال
أكد مسؤول العلاقات السياسية في التيار الوطني الحر الدكتور بسام الهاشم أن «التيار» مستمر بالمشاركة في جلسات طاولة الحوار على رغم تجاربه المخيبة مع الرئيس سعد الحريري الذي اتفق مع العماد ميشال عون على صيغة للاستحقاق الرئاسي وعلى سلة التعيينات الأمنية ثم تراجع عن الاتفاق.
وأمل الهاشم بأن لا يستهلك الطرف الآخر الوقت في هذا الحوار الذي يشكل فرصة جدية لحل أزماتنا، لافتاً الى أن الرهان على تغييرات في المنطقة وهم ولن تفرض علينا الحلول.
وفي حوار مشترك بين صحيفة «البناء» وقناة «توب نيوز» شدد الهاشم على أن لا يمكن اعتبار تظاهرتي التيار والحراك المدني في مواجهة بعضهما البعض، بل هما متوازيتان، لأن التيار كان يستعد للنزول الى الشارع منذ وقت طويل، وهناك قضايا أساسية كالجمود في المؤسسات إن لم تعالج لا نستطيع حل الملفات المطلبية التي هي جزء من مطالبنا.
وإذ رأى أن عوامل عدة تحفز أشخاص لا ينتمون الى طرف سياسي النزول الى الشارع، حذر الهاشم من وجود كوادر في الحراك تم تحضيرهم من ما يسمى منظمات المجتمع المدني التي تمسكها أجهزة الاستخبارات الغربية لخلق مشاكل وفوضى في البلد.
وجزم الهاشم بأن التيار وحلفاءه لن يوافقوا على رئيس للجمهورية «بدل عن ضائع» كما الرئيس ميشال سليمان الذي جاهر بالمعادلة الخشبية عند بداية عهده وأصبحت خشبية في نهاية عهده كما لن نقبل برئيس حكومة قوي يمثل الأكثرية السنية ورئيس جمهورية لا يمثل أحداً، بل نريده نابعاً من ضمير الشعب.
وأكد الهاشم أن تكتل التغيير والإصلاح لن يستقيل من الحكومة، بل سيبقى لفرض التسليم بتحقيق التوازن، ولكي لا تهمش الأكثرية المسيحية التي نمثلها بحسب النظام الطائفي القائم، فنحن نضحي ببقائنا في الحكومة لنحصل حقوق الذين نمثلها وكل اللبنانيين، موضحاً أن التيار سلم بقانونية المجلس النيابي لكنه طعن بشرعيته وليس بوارد الاستقالة منه.
وأعرب الهاشم عن اعتقاده بأن من يضبط الوضع الداخلي ويمنع الإنفجار ليست الولايات المتحدة، بل قوة المقاومة وتلاحمها العضوي مع الجيش والعلاقة بينها وبين التيار الوطني الحر.
وفي ما يلي نص الحوار كاملاً
التيار الوطني الحر حشد أعداداً كبيرة في التظاهرة الأخيرة في ساحة الشهداء، في المقابل تظاهرة أخرى منذ أيام للحراك المدني حشدت أيضاً وطالبت بالتغيير، أي من التظاهرتين يمكن أن يعول عليها؟
لا يمكن اعتبار التظاهرتين في مقابل بعضهما بعضاً، بل أصبح كل منهما بالتوازي مع الآخر، التيار الوطني الحر كان يستعد للنزول الى الشارع منذ وقت طويل، من أجل الملفات المطلبية وليس من أجل ملف النفايات فقط، بل موضوع الكهرباء والمياه والنفط والغاز الموجود تحت بحرنا وغيرها التي تهم الحياة المعيشية للشعب، لكن هناك قضايا أساسية إن لم تعالج لا نستطيع حل هذه الملفات، أي الجمود في المؤسسات، المجلس النيابي مدد لنفسه مرتين تحت ذرائع واهية، ثم جاء ملف التمديد للقيادات الأمنية المخالف للقانون. وكل مبادرات العماد ميشال عون كانت تطرح هذا الجمود على المستويات كافة وحراكنا مستمر والقضايا التي طالب بها الحراك المدني هي جزء من حراكنا ولهم الحق في التحرك والتعبير.
هل تعتبر أن الحراك المدني مصوب على تحركات التيار الوطني الحر وقطع الطريق أمام التغيير السياسي الذي كان من المحتمل أن يحدث، فكان الضغط بملف النفايات وكان هذا الحراك الذي أخذ الواجهة الإعلامية؟
هناك عوامل تحفز أشخاص لا ينتمون الى طرف سياسي النزول الى الشارع، لأن الوقاحة أو النفاق المنقطع النظير الذي مارسته السلطة طيلة الفترة التي كان خلالها العماد عون في المنفى والتي استمرت منذ العام 2005 حتى اليوم، استفزت كرامة المواطنين، ما دفعهم الى تحرك عفوي من شباب مناضلين ونقابيين رأووا فرصة للتحرك لإحداث تغير، لكنّ الحراك هذا لا يقتصر على هؤلاء الشباب، بل هناك كوادر حضرهم ما يسمى منظمات المجتمع المدني التي تمسكها أجهزة الاستخبارات الغربية لا سيما الأميركية ويوجد مركز تدريب في صربيا لهذه الكوادر التي صدّر منها الى مصر وتونس وليبيا خلال ما يسمى الربيع العربي وأتى منهم الى لبنان، هناك حراك له منابع داخلية لكن عناصر دخلت على الخط تشغلها أجهزة لتخلق حراكاً نقيضاً لما هو مطلوب منه، وتسعى الى خلق مشاكل في البلد، العماد عون دعا في بداية الحراك مناصري وأعضاء التيار الى الانضمام للتظاهرة، لكنهم منعوا كما منع وزير التربية الياس بو صعب من التضامن معهم ورفعوا شعارات تضم رموز الفساد من ضمنها العماد عون، هذا كله حرف الحراك ضد التيار وضد وصول عون الى رئاسة الجمهورية.
هل خطط لهذا الحراك من خلال افتعال أزمة النفايات، لا سيما أن الجميع كان يعرف أن عقود «سوكلين» ستنتهي في تموز الماضي، هل استُغل ملف النفايات كما حصل في إيطاليا؟
هناك من يريد خلط الأوراق في البلد والتوقيت غير بريء، في بلد يسود فيه الجمود في المؤسسات لا رئيس للجمهورية ولا مجلس نيابي ولا قانون انتخاب، لأن هناك فريقاً يربط مصيره مع الخارج وينتظر التعليمات منه بدليل أن عون فتح حوارات منذ أكثر من سنتين لا سيما مع تيار المستقبل وحصل تفاهم ووعود ثم تبخرت، نريد استعادة التوازن والشراكة الحقيقية، يجب أن يفهم المستقبل أن اغتصاب حقوق الغير لا يمكن ان يستمر، من جهة أخرى ليس وارداً عند فريقنا القبول برئيس «بدل عن ضائع» كما ميشال سليمان الذي جاهر بالمعادلة الخشبية عند بداية عهده وأصبحت خشبية في نهاية عهده على أمل التمديد له فقطعنا الطريق على التمديد، لن نسمح إلا برئيس نابع من ضمير الشعب له حيثية شعبية وطرحنا حلولاً عدة لاختيار نوعية من هذه العناصر، ولكن أصروا على انتخابه بالأكثرية، لن نسلم مصير لبنان لهذا الفريق المرتهن للسعودية وقطر وأميركا ومن خلفهم «إسرائيل»، الحكم لا يستمر في ظل الخلل العميق في التوازن، إذا اختل التوازن بين أي طائفة وأخرى لن يستمر البلد القائم على التوازن والتكامل بين كل المكونات، يجب ترميم التوازن ولا نريد اغتصاب حقوق الآخرين، لن نقبل برئيس حكومة قوي يمثل الأكثرية السنّية ورئيس جمهورية لا يمثل أحداً.
إذا كنتم مقتنعون بأن الانتخابات وحدها التي تنظف، فلماذا النزول الى الشارع في ظل الأخطار الأمنية في البلد؟
النزول الى الشارع كان للرد على من يقول إن عون لم يعد له أحد، الحراك المدني يأخذ شعاراتنا، لكن عون دعا في التظاهرة الأخيرة الجميع للانضمام اليها، وظهرت الحيثية، ووصلت الرسالة الى خصومنا، واذا اقتضى الأمر ستكون هناك تظاهرة جديدة، لأن المرجعية الوحيدة التي نحتكم اليها هو الشعب اللبناني وليست لنا مرجعية خارجية، عون نادى «يا شعب لبنان العظيم»، نريد دولة موحدة ذات سيادة، نحن مستمرون بكافة الوسائل القانونية والشرعية لتحقيق حقوقنا.
أليست رسائل تظاهرة التيار الوطني الحر موجهة الى جهات خارجية، لا سيما أن الخارج هو الذي يصنع رؤساء الجمهورية والحكومة؟
الرسالة لكل من يعنيه الأمر، نعتبر المعنيين مباشرة هم في الداخل اما اذا كان لهم مرجعيات خارجية، فالرسالة لهم، حقوقنا وطنية وليست مسيحية فقط، قانون انتخابات على مبدأ النسبية ودائرة واحدة كاملة هل هذه حقوق للمسيحيين فقط أم لكل اللبنانيين؟ هذا القانون ينصف الجميع ويحترم التوازنات الطائفية والمذهبية، يفرز الطوائف حسب الاصطفافات السياسية ونخرج لبنان من القطعان الطائفية المتناحرة.
هناك من يسأل كيف تتظاهرون في الشارع وأنتم في السلطة والمعارضات عادة تكون خارج السلطة وما زلتم في مجلس النواب ولم تستقيلوا على رغم معارضتكم أي شكل من أشكال التمديد؟
طبيعة النظام الديمقراطي في لبنان يختلف عن الأنظمة الديقمراطية الغربية كما في فرنسا مثلاً، حيث الديمقراطية لا تلحظ الاعتبارات التحتية والانتمائية والانتماء بين المواطن والدولة، النظام في لبنان دمج التمثيل الديمقراطي والانتماءات الطائفية وتوزيع الحصص بحكم انتماءاتهم الطائفية، نبقى في الحكومة كي نفرض التسليم بتحقيق التوازن، نتيجة الطبيعة الملتبسة للنظام نحن نمثل الأكثرية الوازنة عند المسيحيين واذا امتنعنا عن المشاركة في الحكم نكون نهمش الأكثرية المسيحية واذا خرجنا لن يهتموا وتجربة حكومة الرئيس فؤاد السنيورة وخروج الوزراء الشيعة خير دليل، وخرجت تظاهرة كبيرة طالبت باستقالة الحكومة التي قال عنها الرئيس نبيه بري حينها أنها بتراء فيما السنيورة لن يرف له جفن، ومرر عشرات المراسيم، وفرض 50 مليون دولار لتمويل المحكمة الدولية التي تتآمر على لبنان، واغتصب السلطة وتجاوز الدستور بغطاء مجلس الأمن الدولي، نحن نضحي ببقائنا في الحكومة لنحصّل حقوق الذين نمثلها وكل اللبنانيين، اذا استقال نواب التيار الـ 27 نائباً هل يدعون الى انتخابات لانتخاب غيرهم؟ فكرنا في كل البدائل ولكن قررنا ان نبقى في الحكومة والمجلس، سلمنا بقانونية المجلس النيابي لكن طعنا بشرعيته ولسنا بوارد الاستقالة من مجلس الوزراء، لأن هناك ربط نزاع على حل المشكلة التي خلقوها من خلال التمديد غير القانوني للقادة الأمنيين، ولا يمكن إلا أن نتحمل المسؤولية في ملف النفايات ولن نتهرب منها.
كيف تقيّم الحل الذي خرجت به الحكومة أمس في ملف النفايات وهل أثّر الحراك الشعبي على هذا القرار؟
بالتأكيد أثّر، فشركة «سوكلين» تأخذ 170 دولاراً في مقابل طن النفايات الواحد وتطمره في مطمر الناعمة، ويتم تقاسم الحصص بين الأطراف السياسيين، رغم أن النفايات تعتبر مصدر ثروة لتوليد الطاقة اذا تم فرزها وإعادة تدويرها وتحويلها الى طاقة وكهرباء، نوافق على معالم الحل الذي يرتكز على عناصر عدة، حل النفايات لا يتم من خلال اللم والطمر، بل لمّ ومعالجة ثم طمر ما يتبقى بعد المعالجة، لا مركزية الحل اي لسنا في حاجة الى شركات عملاقة لسرقة أموال الناس وتوصلنا كما أوصلتنا «سوكلين»، البلديات تتولى الأمر ضمن آليات تنفيذية ويجب ترجتمها بمراسيم تنفيذية معينة وتحديد الأطر وعلى مستوى اتحادات البلديات، وملائمة للبيئة والصحة العامة وتؤدي الى وفر في الخزينة ومن دون هدر وتوازن بين الماطق.
الحوار الوطني الذي دعا اليه الرئيس نبيه بري انطلق لتلقف المشهد الإقليمي والدولي، هل تعقدون أمالاً على هذا الحوار، لماذا شاركتم وانتم معترضون على السلطة؟
الحوار واجب في لبنان، البند الأول من وثيقة التفاهم بين التيار وحزب الله ينص على جعل الحوار الوسيلة الوحيدة لحل أي معضلة أو إشكال بين اللبنانيين وبديل الحوار التقاتل، ذهبنا للحوار رغم أن تجاربنا مخيبة، اتفقنا مع الرئيس سعد الحريري على صيغة للاستحقاق الرئاسي، عون للجمهورية والحريري للحكومة وبري للمجلس النيابي ثم تراجع الحريري، ثم بعد شهور اتفق عون والحريري في بيت الوسط على سلة للتعيينات الأمنية العميد شامل روكز لقيادة الجيش والعميد عماد عثمان كمدير عام قوى الأمن الداخلي ثم تراجع الحريري. نتأمل بألاّ يستهلكوا الوقت في هذا الحوار الذي يشكل فرصة جدية لحل أزماتنا، الرهان على تغييرات في المنطقة وهم ولن تفرض علينا الحلول، راهنوا على الوضع في سورية وعلى عاصفة الحزم وفشلوا.
رغم كل التعطيل والفراغ والتمديد في المؤسسات نرى أن البلد مستمر وهناك نوع من الاستقرار الداخلي، من يفرض هذا الاستقرار، هل هي قوة خارجية؟
قرار التفجير ليس أمراً سهلاً، اللبنانيون مروا بمراحل حرب أهلية طاحنة خلفت آلاف الضحايا، هناك وعي لدى هذا الشعب ولدى القيادات لأن الجميع يدفع الثمن في الحروب، كما أن ليس جميع الأطراف لهم القدرة نفسها لخوض المواجهة وهناك طرف يستطيع أن يفرض إرادته لكن لا يريد الحروب ولا السلطة ويسعى الى تحصين الوضع السيادي في مواجهة «اسرائيل» والإرهاب التكفيري وهناك فريق آخر يصعد ويعمل على التوتير الطائفي ولكنه لم يستطع استدراج الطرف الآخر، اميركا ليست من يضبط الوضع، بل قوة المقاومة والتلاحم العضوي بين المقاومة والجيش المعاد بناؤه على أسس وطنية والعلاقة العضوية التي بنيت بين المقاومة والتيار الوطني الحر ومع كل الحلفاء الآخرين الذين شكلو ظهيراً للمقاومة وحرب تموز 2006 شكلت اختباراً وكرست الوحدة الوطنية والتكامل الوجودي، فهناك من راهن على تقاتل بين الشيعة المهجرين والمسيحيين والسنّة وما حصل العكس وكان موقف عون واضحاً بقوله حينها «مصيرنا واحد» ونقف مع المقاومة ولم يكن يعرف لمصلحة من ستنتهي المعركة، وقواعد التيار فتحوا منازلهم للمهجرين.