المساهمة الفرنسية في الحرب على داعش في سورية
حميدي العبدالله
أعلن الرئيس الفرنسي، في إطار احتفالي، أنّ فرنسا سوف تنضمّ قريباً إلى التحالف الدولي الذي تقوده الولايات المتحدة لمحاربة «داعش» في سورية. طرحت هذه الخطوة أسئلة حول توقيتها ومدى إسهامها في تغيير مسار الحرب على «داعش».
لا شك أنّ للتوقيت دوافع سياسية، بعضها يتصل بالسياسة الفرنسية إزاء سورية، وبعضها يتصل بالموقف من «داعش».
بالنسبة إلى الدوافع الفرنسية للانخراط الآن بالتحالف الأميركي له سببان، الأول تراجع فرنسا عن موقفها السابق الذي كان أقرب إلى الموقف التركي القطري، الذي كان يدفع باتجاه أن تكون أيّ حرب على «داعش» هي في الوقت ذاته حرباً ضدّ الجيش السوري، ولكن يبدو أنّ الولايات المتحدة أقنعت فرنسا بعبثية التمسك بهذا الموقف، لأنّ أيّ استهداف للجيش السوري من قبل أيّ تحالف دولي إقليمي سوف يصبّ في مصلحة «داعش» والتنظيمات الإرهابية الأخرى، كما أنّ فشل تركيا والدول الأخرى في انتزاع موافقة الناتو والولايات المتحدة على تدخل عسكري مباشر في سورية ضدّ الجيش السوري ساهم في إقناع فرنسا بتغيير موقفها.
أما بالنسبة إلى مدى تأثير المشاركة الفرنسية في الغارات التي تشنّها طائرات التحالف ضدّ «داعش»، فهو أثر لن يذكر، وبالتالي لن تؤدّي هذه المساهمة إلى تغيير في المعطيات الميدانية وذلك لسببين أساسيين:
ـ السبب الأول، أنّ التحالف الذي تقوده الولايات المتحدة لم يحدث أيّ أثر في المواجهة مع «داعش»، سواء كان ذلك داخل سورية أو في العراق بعد مرور أكثر من سنة على تشكيل هذا التحالف. فثمة اعترافات من جهات متعدّدة لها صلة بصانعي القرار في الولايات المتحدة، أنّ الحرب الدائرة ضدّ «داعش» هي حرب تكتيكية، وليست مواجهة جدية، هي حرب تستهدف «داعش» عندما تهدّد مصالح الدول الغربية وحلفائها في العراق وسورية، وليس حرباً للقضاء على «داعش». حيث لا يزال لـ«داعش» دور رئيسي في الأجندة الأميركية والغربية ويتجسّد هذا الدور باستخدامها لابتزاز الحكومتين العراقية والسورية للحصول منهما على تنازلات تصبّ في خانة تعزيز النفوذ الغربي في هذين البلدين على نحو يؤمّن عودة الهيمنة الغربية من جديد.
ـ السبب الثاني، أنّ قدرات فرنسا ومساهمتها في أيّ تحالف دولي كانت محدودة وغير مؤثرة، في كلّ المناطق التي شكل لها مثل هذا التحالف، سواء كان ذلك في أفغانستان، أو حتى ليبيا، حيث لعبت فرنسا دور المحرّض الرئيسي على العدوان عليها.